الأغلبية تفضل الأفلام الأميركية.. بهدف التسلية وتعلم اللغة تتمتع السينما بقدرة عالية على جذب فئات كثيرة من أفراد المجتمع من مختلف الشرائح ما يجعلها واحدة من العناصر المهمة في تشكيل وعي وثقافة ورأي الأفراد تجاه مختلف القضايا وهو ما ينعكس على سلوكهم، ولذلك لا تعد صناعة السينما صناعة مهنية فحسب، بل تدخل فيها جوانب قيمية وثقافية كبيرة، فالأفلام الأميركية تمثل توجهًا يروج للقيم والثقافة الأميركية بل وحتى المواقف السياسية. ومع التطور التقني الحديث وانتشار الهواتف الذكية والشاشات الذكية ظهرت منصات لعرض الأفلام السينمائية باشتراكات مالية تتيح للمتلقي اختيار الفيلم المطلوب ووقت العرض المفضل وبإمكانه اختيار المكان الملائم له، كغرفة النوم أو المقهى أو مع اجتماع الأصحاب، ولذلك فضل كثير من الجمهور هذه المنصات عن صالات السينما لما فيها من مزايا. وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث الإعلامية، دراسة بعنوان "تعرض الجمهور السعودي للأفلام السينمائية عبر المنصات الرقمية.. دراسة مسحية على عينة من سكان مدينة الرياض"، للدكتور محمد بن فهد الجبير، الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، نستعرضها على النحو التالي: وتمثلت عينة الدراسة في 287 استبانة أجاب عنها أفراد من سكان مدينة الرياض، توزعوا كالتالي 48.1 % ينتمون إلى الفئة العمرية (20 - 29 سنة) وهم الفئة الأكبر في عينة الدراسة، تلتهم الفئة العمرية التي تقل عن 20 عاما بنسبة بلغت 33.1 %، في حين أن 4.7 % كانت أعمارهم من 50 سنة فأكثر وهم الفئة الأقل في عينة الدراسة. وشكل الذكور (70.4 %) من العينة مقابل (29.6 %) من الإناث. كما بلغت نسبة من يحملون مؤهلًا جامعيًا (77.4 %) في حين أن (6.6 %) يحملون مؤهلًا فوق الجامعي، و16 % للثانوي فأقل، كما شكل الذين دخلهم الشهري أقل من 5 آلاف ريال الفئة الأكبر في العينة بنسبة (76.3 %) ، تلتهم فئة متوسط دخلهم بين 5 آلاف و10 آلاف بنسبة (9.8 %)، ثم من دخلهم من 10001 إلى 15 ألفا بنسبة (7 %)، ثم من 15001 إلى 20 ألفا (3.1 %)، في حين أن (3.8 %) دخلهم الشهري أكثر من 20 ألف ريال وهم الفئة الأقل في عينة الدراسة. وأظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من ثلث العينة (36.6 %) يشاهدون الأفلام السينمائية عبر المنصات الرقمية من ساعة وحتى ثلاث ساعات أسبوعيًا، تليهم الفئة الذين يشاهدونها أقل من ساعة أسبوعيًا بنسبة (23.7 %) وفي المركز الثالث فئة متابعي الأفلام من 4 ساعات إلى 7 ساعات أسبوعيًا بنسبة 22.3 %، وفي المرتبة الأخيرة فئة الذين يشاهدونها أكثر من 7 ساعات أسبوعيًا بنسبة 17.4 %. كما أظهرت النتائج أن عينة الدراسة تفضل الأفلام الأميركية بنسبة (91.3 %)، تليها الأوروبية بنسبة بلغت (55.7 %)، وفي المرتبة الثالثة العربية بنسبة (50.9 %)، بينما كانت الأفلام الأقل تفضيلًا هي الهندية واليابانية (86.8 %). أما عن الموضوعات المفضل مشاهدتها من قبل أفراد العينة، كشفت النتائج أن أفلام الإثارة تأتي في الدرجة الأولي بنسبة (89.9 %) تليها الكوميدية (82.9 %) ثم الغموض (74.2 %)، والوثائقي التاريخي (57.8 %)، يليه الاجتماعي (57.5 %)، ثم الخيال العلمي (54 %)، والرعب (52.3 %) ثم الرومانسي (35.5 %) وأخيرًا التراجيدي (18.8 %). وبالنسبة لأكثر المنصات الرقمية تفضيلًا من قبل عينة الدراسة، جاءت منصة "نتفليكس" في المرتبة الأولى بنسبة (82.9 %)، يليها اليوتيوب (60.6 %) ثم شاهد نت (42.9 %)، يليها شاهد بلس (30.3 %). وبخصوص دوافع تعرض الجمهور السعودي للأفلام السينمائية عبر المنصات الرقمية، أظهرت النتائج أن الدوافع كانت حسب الترتيب (التسلية، إمكانية اختيار وقت المشاهدة ومكانه ونوع الفيلم وتجزئة مشاهدته، والفراغ، والتقنيات والجماليات والإخراج للفيلم، ووجود أفلام جديدة وحصرية في المنصة، وإمكانية إعادة اللقطة). كما أظهرت نتائج الدراسة أن الإشباعات المتحققة للجمهور السعودي من الأفلام السينمائية المعروضة في المنصات الرقمية كانت حسب الترتيب (التسلية، قضاء وقت الفراغ، اكتساب معلومات، اكتساب لغة جديدة وتطويرها، التعرف على ثقافة دول وشعوب أخرى، السينما المحلية لا تقارن بالسينما العالمية من ناحية الخدمات والمميزات، لهذا فالمنصات الرقمية تشبع رغباتي، مشاركة الآخرين أحاديثهم، عدم الإزعاج، الهروب من الواقع، مشاهدة أفلام لم تتعرض للرقابة) بالإضافة إلى ذلك أظهرت النتائج عدم وجود فروق في دوافع المشاهدة وفقا لمتغير العمر، ووجود فروق نحو الإشباع الذي يتحقق أثناء مشاهدة الأفلام عبر المنصات الرقمية باختلاف متغير العمر لصالح أفراد الدراسة من الفئة العمرية أقل من 20 سنة، وكذلك من 20 وحتى 29 سنة وهو ما يوضح أن هذه الفئات العمرية يتحقق لديها الإشباع من مشاهدة الأفلام عبر المنصات الرقمية مقارنة بأفراد الدراسة من الفئات العمرية الأكبر. وخلصت النتائج إلى عدم وجود فروق وفقا لمتغير الجنس ومتغير الدخل والمستوى التعليمي سواء في مجال الدوافع أو الإشباعات. وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الإقبال على مشاهدة الأفلام السينمائية عبر منصات البث الرقمي يفرض تحديات تتعلق بغياب الرقابة على المحتوى، والتي في كثير من الحالات تبث محتوى يتعارض مع النسق القيمي والعادات والتقاليد والثقافة السائدة في المجتمع، فضلًا عن الإفراط في إدمان المشاهدة وتداعياتها على سلوك ونشاط الفرد في الواقع.