لم تكتفِ رؤية 2030 بإعادة تموضع السعودية الجديدة في المجالات السياسية؛ والاستثمارية والثقافية والاقتصادية، فضلا عن تكثيف خدمة الحجاج والمعتمرين وتعظيم رسالة الحرمين الشريفين، وتكريس التسامح والوسطية، بل امتد حراك الرؤية في جميع مفاصل الدولة وشرايينها، حتى أصبحت محطة مهمة وبارزة على خارطة الأحداث الداخلية والخارجية، من خلال نشاطها الدائم والمستمر في استضافة الفعاليات والمؤتمرات والمنتديات، التي استقطبت الوزراء والخبراء والمختصين، حيث تحولت المملكة منذ بداية العام الجديد كبوصلة العالم بحضورها الفعال في استقطاب أبرز الأحداث واهم المنتديات. فمن إكسبو الحج الأكبر عالميا، إلى مؤتمر التعدين الدولي إلى "قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية 2023م"، إلى تعظيم خدمة ضيوف الرحمن، حيث ينظم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة التابع لجامعة أم القرى بمكة للملتقى العلميّ الثَّاني والعشرين لأبحاث الحجّ والعمرة والزِّيارة تحت شعار: "نحو تجربة متميزة لضيوف الرَّحمن"، في 22 يناير الحالي بمشاركة عدد من الوزراء وأصحاب الفضيلة والمختصين من الجامعات السُّعوديَّة والمهتمين من مختلف القطاعات للمشاركة بالأوراق العلميَّة التي ترتبط بتحسين وإثراء تجربة الحجاج والمعتمرين والزُّوار. وأكد مدير معهد أبحاث الحج والعمرة والزيارة الدكتور تركي بن سليمان العمرو في حوار أجرته "الرياض" على أنّ الملتقى العلمي ال22 الذي يعقد في مكة 22 يناير الجاري ولمدة يومين سيكون الملتقى الأول والأكبر منه في تاريخ المملكة برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين لتعزيز منظومة، مشدداً على أن الملتقى يعكس حرص القيادة الرشيدة في المضي قدما لتعظيم خدمة ضيوف الرحمن وفق الرؤية 2030 في مجال الحج والعمرة والزيارة، ويتضمن الملتقى وفق الدكتور العمرو محاور رئيسة تناقش ثقافة تجربة العميل وأهميَّتها في تحقيق رضا ضيوف الرَّحمن عن جودة الخدمات المقدمة لهم وفهم احتياجاتهم، وفيما يلي نص الحوار: الملتقى الأكبر * بداية ما الجديد في الملتقى العلميّ الثَّاني والعشرين لأبحاث الحجّ والعمرة والزِّيارة؟ * الجديد ينبع من عظمة الشعار الذي يتم تنظيم الملتقى من خلاله، وهو "نحو تجربة متميزة لضيوف الرحمن"، وهذا الملتقى في الواقع يعتبر الأضخم والأكبر من نوعه بمشاركة عدد من الوزراء وأصحاب الفضيلة وكبار المسؤولين والمختصين من الجامعات السُّعوديَّة والمهتمين من مختلف القطاعات للمشاركة بالأوراق العلميَّة التي ترتبط بتحسين وإثراء تجربة الحجاج والمعتمرين والزُّوار. والأهمية الأكبر والأعظم أن الملتقى يعقد برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز منظومة خدمة ضيوف الرحمن، وهو الأمر الذي يعكس حرص القيادة الرشيدة في المضي قدما لتعظيم خدمة ضيوف الرحمن وفق الرؤية 2030 في مجال الحج والعمرة والزيارة. وآخر وليس أخيراً أن هذا الملتقى يعقد بعد الإعلان عن عودة للحج إلى ما كانت عليه الأوضاع قبيل جائحة كورونا وهذا يعني أن شعار الملتقى "نحو تجربة متميزة لضيوف الرَّحمن". اهتمام كبير * سيحظى بالاهتمام الأعظم للترحيب بالحجاج وتسهيل أدائهم مناسكهم وفق أعلى النماذج المعيارية.. هل تم وضع هذه المعطيات الإيجابية ضمن جلسات ومناقشات الملتقى؟ * حتما.. كون هذه المعطيات الجديدة تعطي أهمية كبرى للملتقى لأنه يعقد بعد الإعلان عودة موسم الحج كما كان قبل الجائحة ومن المؤكد أن جلسات الملتقى ستغطي كافة المحاور المتعلقة بشعار المحتوى. محاور الملتقى * إذن ما محاور الملتقى، وهل تحتوي على حوكمة وقياس رضا ضيوف الرحمن بشفافية؟ * في الحقيقة إن محاور الملتقى عديدة ومتنوعة وتناقش ثقافة تجربة الحاج وأهمية تحقيق حالة رضا ضيوف الرَّحمن عن جودة الخدمات المقدمة لهم وفهم احتياجاتهم مع تطبيق أفضل الممارسات المحليَّة والعالميَّة في مفهوم تجربة الحجاج وتطبيقاته في منظومة الحجّ والعمرة، وحوكمة وقياس الأثر وفق منظومة متكاملة لضبط العمليَّات وتقديم خدمات مؤسسية مبتكرة تعزِّز الاستدامة وتسهم في إدارة الأزمات وتحويل التَّحديات لتجارب مميزة. إن عملية رضا الحجاج تحظى لدى القيادة الحكيمة التي تعطي الأولوية لخدمة ضيوف الرحمن، وسيتناول الملتقى على مدار يومين 3 محاور؛ ففي محوره الأول التعريف بثقافة تجربة الحجاج وأهمية تحقيق رضاه من خلال تعظيم وتطوير جودة الخدمات والمرافق في بيئة الحج والعمرة وتوفير البيئة الصحية المثلى للحجاج أثناء تواجدهم بالمشاعر تعزيز عوامل تحسين جودة الحياة والسلامة البيئية للحجاج والمعتمرين إلى جانب تعزيز وتحسين الصورة الذهنية للمملكة لدى الحجاج والمعتمرين وتعزيز الثراء الفكري والثقافي لضيوف الرحمن خلال رحلتهم لمكةالمكرمة والارتقاء في تجربة رحلة ضيوف الرحمن وأفضل الممارسات لخدمة ضيوف الرحمن. والملتقى يعتبر حدث عالمي وعلمي يجمع مختلف الأطراف ذات العلاقة بمنظومة الحج والعمرة والزيارة وفرصة للباحثين في الجامعات السعودية وتبادل وجهات النظر للاستفادة من أفضل المنهجيات العلمية والممارسات المحلية والعالمية من أجل تحقيق تجربة متميزة لضيوف الرحمن. كما يعتبر الملتقى نقلة نوعية لتعظيم الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من خلال تبني الرؤية 2030 في الحج والعمرة والزيارة فضلا عن حوكمتها لزيادة الكفاءة في منظومة الخدمات لضيوف الرحمن. اهتمام القيادة * ما الذي يميز الملتقى العلمي لهذا العام؟ * في الواقع إن الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين والذي تجسّد اهتمام القيادة الرشيدة بتطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، والتناغم مع البحث العلمي كركيزة أساسية للتطوير، وأهمية الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات العلمية للفهم العميق، لتعظيمها في منظومة الحج والعمرة والزيارة. كما ييتم عرض المخرجات العلمية على متخذي القرار كما حدث خلال العام المضي الذي أكد خلاله مجلس الوزراء لدى استعراضه التوصيات الصادرة عن الملتقى العلمي الحادي العشرون لأبحاث الحج والعمرة والزيارة، اعتزاز المملكة بخدمة الحرمين وقاصديهما، وتسخير الإمكانيات كافة للعناية بضيوف الرحمن على أكمل وجه، بما في ذلك مجالات التحول الرقمي ذات الصلة بالخدمات المقدمة لهم. 155 بحثاً * كم بلغت أوراق الباحثين الذين تقدموا بدراسات بحثية للملتقى هذا العام؟ * بلغ عدد أوراق الباحثين الذين تقدموا بدراسات بحثية للملتقى حتى الآن أكثر من 155 بحثا، في العديد من المجالات البحثية ومنها على سبيل المثال: البيئة والصحة، الهندسة والعمارة، الإعلام، الإدارة والاقتصاد، الدراسات الشرعية، الإنسانية والتقنية والمعلومات. تجربة الحاج * ما الأسس التي وضعها الملتقى لتعزير مفهوم تجربة الحاج وتطبيقاته في منظومة الحج والعمرة؟ * الأساس هو تعزيز مفهوم تجربة الحاج والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم وتحقيق رضاهم من خلال العديد من الفرص سواءً في رفع جودة وكفاءة الخدمة المقدمة لهم وفهم خصائصهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم أو في ضبط نظام العلاقة بين الجهات المقدمة للخدمات وضيوف الرحمن بالإضافة لدعم الإبداع في الابتكار في تحسين وتجويد الخدمات المقدمة لهم. كما يهدف الملتقى إلى تبني الرؤى المستقبلية لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في تطوير منظومة الحج والعمرة بالاستفادة من التقنيات الحديثة والبحوث العلمية في شتى المجالات لتسهيل أداء النسك لضيوف الرحمن. كما يتيح الملتقى تعزيز العلاقات بين مختلف الجهات العاملة وزيادة التعاون فيما بينها وإقامة شراكات استراتيجية لقاءات حوارية * كيف يمكم للملتقى أن يعضّد مفهوم الإثراء والخدمة المميزة معاً لضيوف الرحمن؟ * في الحقيقة إن إثراء وتعميق تجربة ضيوف الرحمن، أحد أهم منطلقات تعظيم خدمة حجاج بيت الله وقد أطلق خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - برنامج خدمة ضيوف الرحمن (أحد برامج رؤية المملكة 2030). وفي الملتقى سيتم طرح الأبحاث والمقترحات التي تعني بتطوير وتجويد الخدمات ونشر المعرفة، كذلك عقد اللقاءات الحوارية والنقاشية مع المسؤولين عن منظومة الحج والعمرة لتعظيم فكرة إثراء تجربة ضيوف الرحمن. متحدثون رئيسيون * مَن أبرز المتحدثين في الملتقى؟ * في الواقع إن المتحدثين الرئيسين مجموعة من أصحاب الفضيلة والمعالي من ضمنهم معالي الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن السديس، ومعالي وزير الحج والعمرة ومعالي نائب وزير الحج وأصحاب والسعادة رؤساء الجلسات ونخبة من ممثلين الجهات المقدمة للخدمات والخبراء والباحثين. إنجازات المعهد * بصراحة هناك من يقول إن المعهد لم يحقق إنجازات، ما ردكم؟ * نرد، بإنجازات تحققت على الأرض وليس على الورق، ومن أبرز إنجازات المعهد، مشروع جسر الجمرات متعدد الأدوار برنامج الاستفادة من لحوم الهدي والاضاحي مشروع الترددية في تفويج الحجيج، ومشروع اللوحات الإرشادية في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بالإضافة إلى مئات من البحوث والدراسات. وكما تعلمون أن المعهد متخصص في أبحاث الحج ويلعب دورا مهما في مواسم الحج بحكم الاختصاص من ناحية دعم القطاعات بالدراسات (جمع البيانات والرصد والتصوير والتوثيق)، بالإضافة لرصد الملاحظات والإيجابيات من خلال تواجد فرق تضم نخبة من الباحثين المتخصصين في غرفة القيادة والسيطرة وغرفة التفويج بالأمن العام. ولتحقيق الأهداف الاستراتيجية تم وضع أهداف تنفيذية مرتبطة بمؤشرات أداء ومبادرات وخطوات تنفيذية من أبرزها، الارتقاء بجودة الأبحاث ومخرجاتها ووضع أولويات بحثيه يتم اختيار وتقويم الأبحاث والدراسات وتطويرها لتتوافق مع تلك الأوليات بالإضافة إلى زيادة نسبة التجارب العلمية والأبحاث القابلة للتطبيق. أثر عالٍ * في ظل الحديث عن ضعف الأبحاث المقدمة من المعهد، هل لديكم نماذج من الأبحاث العلمية التي حققت أثراً عالياً؟ * احترم سؤالكم ولكن اختلف معكم جذريا بوصف البحوث بالضعف أولاً وثانياً البحوث العلمية الصادرة عن المعهد محكّمة ولمعلوماتكم هناك زيادة كبيرة في عدد الأبحاث العلمية المنشورة في دوريات متخصصة، خلال الفترة 2021 / 2022 حيث تم نشر أكثر 150 بحثا في قاعدة بيانات المجلات والأبحاث العلمية (ISI) والذي تعتبر قاعدة بيانات عالمية تحتوي على قوائم بالمجلات العلمية المحكمة ذات الجودة ومعامل التأثير المتقدم. كما تم نشر أكثر من 50 بحث في مجلات محلية ومؤتمرات علمية إلى جانب أعداد 53 دراسة تم إجراؤها خلال موسمي 1442 - 1443ه فيما وصل عدد المبادرات الابتكارية أكثر من 50 مبادرة وبحضور أكثر من 120 باحثا وباحثة وتوظيف المخرجات العلمية لخدمة منظومة ضيوف الرحمن، من خلال تحديد الأولويات البحثية للمعهد وفق أهداف برنامج خدمة ضيوف الرحمن والخطة الاستراتيجية للجامعة والمعهد وبما يواكب مستجدات منظومة الحج والعمرة، ورفع أسقف الدعم للأبحاث التي تصب مباشرة في تحقيق الأولويات البحثية وإطلاق مشاريع وبرامج بحثية تحدث أثراً فاعلاً وتصنع قاعدة علمية. وهذا ما تم تحقيقه من خلال أكثر من 7 برامج بحثية وهي قياس جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وقياس رضاهم عنها ونحو تجربة متميزة لضيوف الرحمن أو ما يعرف بثقافة تجربة الضيف والتحول الرقمي في منظومة الحج والعمرة والزيارة قياس الأثر الإعلامي وتقييم الخطط الإعلامية للجهات المشاركة في الحج ومعايير المساكن المستدامة والأبعاد المختلفة لزيادة الاستيعابية وخارطة طريق احتياجات ضيوف الرحمن. د. تركي العمرو