في السنوات الماضية، تضاعفت صادرات فيتنام بشكل كبير جداً في عام 2021م، بزيادة 44% عن عام 2020م، وتُقدر بقيمة 408 مليارات دولار أمريكي، وكانت صادراتها الرئيسة الهواتف والهواتف المحمولة وأجزائها، والسلع الإلكترونية، وأجهزة الكمبيوتر والمنتجات الكهربائية، أما أبرز شركاء التصدير لها فكانت الولاياتالمتحدة بنسبة 19% وبقيمة بلغت 96 مليار دولار في 2021 بينما تستورد منها 15 مليار دولار فقط، تليها الصين بنسبة 16% وبقيمة 56 مليار دولار، وتستورد منها ما يُقدر قيمتة ب110 مليارات دولار. هذا التنامي في التصدير كان له عِدّة مُسببات، أهمها الأجور التنافسية، وانخفاض تكاليف المرافق، مما أدى إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التصنيع، وأدى إلى نقل بعض علميات المصانع من الصين إلى فيتنام، وذلك بسبب الحرب التجارية الأخيرة بين الصينوالولاياتالمتحدة، إلى جانب اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها فيتنام مثل RCEP و EVFTA و UKVFTA، بحيث أصبحت أكثر انفتاحًا على التجارة والاستثمار الدوليين. علاوة على ذلك، تتميز فيتنام، بأنها تقع في موقع استراتيجي للشركات الأجنبية التي لها عمليات في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، وهي مركز تصدير مثالي للوصول إلى أسواق الآسيان الأخرى، وبالمقارنة مع الأسواق النامية الأخرى في المنطقة، تبرز فيتنام كدولة مُميزة نسبياً في التصنيع مُنخفض التكلفة والتوريد، حيث يُمثل قطاع التصنيع في البلاد 25% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، حيث تقِلّ تكاليف العمالة في فيتنام حوالي 50 % عن تلك الموجودة في الصين حيث يُقدر متوسط الساعة ب2.99 دولار أمريكيًا مقارنة ب6.50 دولارات في الصين، وأقل بحوالي 40% من تايلاند والفلبين، كما أصبح العُمال الفيتناميون يتمتعون بمهارات عالية قياساً بالدول المجاورة. لقد عززت اتفاقية RCEP، التي دخلت حيز النفاذ في 1 يناير 2022م، دخول البضائع المُصدرة إلى فيتنام وخارجها، وقللت من التكلفة، وحسنت الوصول إلى الأسواق، فضلاً عن تقديم الدولة إجراءات جمركية مُبسطة. كما قامت الحكومة بإجراءات مثل إصلاح قطاعها المالي، وتبسيط لوائح العمل، وقدمت حوافز مالية تنافسية للشركات التي تسعى إلى إنشاء عملياتها في الدولة، بالإضافة إلى ضريبة مُقتطعة بنسبة صفر بالمئة على أرباح الأسهم المحولة إلى الخارج، لقد مكنت هذه المزايا فيتنام من أن تُصبح (sourcing economy) اقتصاداً جاذباً في نظر العديد من الشركات الدولية، فقد دشنت شركة "سامسونغ" الكورية، مصنعاً بقيمة 670 مليون دولار أميركي. أتوقع أن يستمر هذا النمو لبعض الوقت في المستقبل، حيث تتوقع عدد من المصادر أن يزيد الاستهلاك المحلي بمُعدل 20% سنويًا، ولكن فيتنام ستواجه بعض التحديات مستقبلاً كالشيخوخة، وتشريعات التغير المُناخي، والأتمتة المُتسارعة في جميع القطاعات. المُهم في الأمر، أن تجربة فيتنام في جذب الاستثمارات النوعية، واستغلال الفرص، والاستفادة من الصراعات الاقتصادية بين الدول الكبرى والمُتقدمة، واستغلال الموقع الجغرافي، وتنمية القوى العاملة، جديرة بالدراسة والتدقيق، من الجهات المعنية، مع أهمية تعزيز الاستفادة من المناطق الاقتصادية في جازان ورابغ لتكون أنموذجاً على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريفيا.