دخل الجمود التاريخي للكونغرس الأميركي بعد الفشل في التوصّل إلى انتخاب النائب كيفين ماكارثي كرئيس لمجلس النواب كما كان متوقعاً. وللمرة الأولى منذ مئة عام، يعاني الكونغرس الأميركي من حالة شلل كاملة بسبب محاولات فاشلة متكررة لانتخاب الرئيس الجمهوري الجديد لمجلس النواب، وذلك بعد أن خسر مكارثي ستة أصوات جمهورية ما دفعه إلى القبول بتنازلات كبيرة للتيار الذي يوصف بأنه متطرّف في الحزب الجمهوري. من جانبه يقول توم روغان، المختص في السياسات الأميركية ل»الرياض» إن التنازلات التي قدّمها كيفين مكارثي للتيارات الأخرى في الكونغرس في سبيل حصوله على منصب رئيس مجلس النواب ستمكنه من الحصول على اللقب ولكن دون أن يملك الصلاحيات التي كانت تمتلكها نانسي بيلوسي. وتأتي هذه الحادثة لتؤكد حالة الانقسام السياسي التي تتعزز في الولاياتالمتحدة مع عدم قدرة الجمهوريين على التوافق على اسم رئيس مجلس النواب ما أدى إلى خلل وظيفي في الكونغرس وفوضى وعجز عن تمرير قرارات مهمة بما في ذلك منع النواب الجدد من أداء اليمين الدستورية والمباشرة بأعمالهم. وجدّد الرئيس السابق دونالد ترمب، الأربعاء، دعوته للجمهوريين للاتحاد حول كيفين مكارثي واختياره زعيماً لمجلس النواب، إلا أنّ مناشدة دونالد ترمب قادت إلى خسارة مكارثي لدعم عضو جمهوري جديد يوم الأربعاء. ويقول المحلل السياسي روغان أن حالة الانقسام التي يشهدها الحزب الجمهوري تشير إلى عدم امتلاك الحزب لأي زعيم اليوم، فترمب لم يتمكّن من جني تأييد الطبقة التقليدية في الحزب والتي لا تزال تعارضه، وكذلك لم تتمكن القاعدة التقليدية في الحزب من استعادة ثقة اليمين المؤيد لترمب. مضيفاً، سنشهد معارك سياسية كثيرة في أوساط الحزب الجمهوري كلما اقتربنا من انتخابات 2024، فقد يتكرّر نفس المشهد الذي نراه في الكونغرس اليوم ولكن بشراسة أكبر لنرى مؤيدين ومعارضين جمهوريين لإعادة ترشيح ترمب لنفسه. من جانب آخر، يرى روغان أن الحزب الديموقراطي ليس بحال أفضل حيث يعاني أيضاً من حالة انقسام بين يسار متطرّف ورئيس تقليدي، إلا أن ضعف شعبية بايدن تجبره على الإذعان في الكثير من الملفات لليسار المتطرّف وهذا يعني فشل في تطبيق أي من استراتيجياته التي لن يرضى عنها ولن يمررها الحزب الجمهوري الذي بات يستحوذ على الغالبية في مجلس النواب. مردفاً، «النظام الأميركي القديم القائم على الحزبين لا يزال صامداً ولكن لا نعرف إلى متى سيتمكّن من الصمود فالتيارات الجديدة في الحزبين الجمهوري والديموقراطي تجبرنا على إعادة النظر في النظام القديم لتجنيب البلاد حرب أهلية وموجات تمرّد جديدة ولكن حتى اليوم لا تزال الأحزاب الثالثة عاجزة عن الوصول إلى الكونغرس وبعيدة جداً عن البيت الأبيض وذلك بسبب افتقارها للتمويل والدعم الإعلامي».