منع حراس مسلحون مئات الشابات من دخول حرم جامعات أفغانية، غداة إعلان حكومة طالبان حظر التعليم الجامعي للفتيات، ما يسدد ضربة أخرى لحقوق الإنسان في هذا البلد. ورغم وعدها بحكم أقل تشددا لدى استيلائها على السلطة العام الماضي، عززت الحركة القيود على كافة النواحي التي تطال حياة النساء، متجاهلة كل المناشدات الدولية. وشاهد فريق ضم صحافيين مجموعات من الطالبات اللواتي تجمعن أمام جامعات في العاصمة كابول، وقد منعهن من الدخول حراس مسلحون فيما كانت البوابات مغلقة. وشوهدت العديد منهن، واقفات في مجموعات على طرق مؤدية إلى الجامعات. وقالت طالبة فضلت عدم الكشف عن اسمها "قُضي علينا، فقدنا كل شيء". وقالت سيتارا فرحمند (21 عاما) طالبة أدب ألماني في جامعة كابول، "كل ما يريدونه أن تبقى النساء في المنزل وتنجبن الأولاد. لا يريدون لهن أكثر من ذلك". كما عبر طلاب ذكور عن الصدمة إزاء القرار الأخير، وقاطع بعضهم في مدينة جلال أباد (شرق) امتحاناتهم احتجاجا. وقال أحدهم طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن "ذلك يعبر حقيقة عن جهلهم وقلة معرفتهم بالإسلام وحقوق الإنسان". قلق عميق وجاء الإعلان عن حظر التعليم الجامعي للنساء في ساعة متأخرة، على لسان وزير التعليم العالي ندا محمد نديم. وقال في رسالة موجّهة إلى كلّ الجامعات الحكومية والخاصة في البلد "أبلغكم جميعا بتنفيذ الأمر المذكور بوقف تعليم الإناث حتى إشعار آخر". وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "قلقه العميق"، حسبما ذكر المتحدث باسمه. وقال ستيفان دوجاريك المتحدّث باسم غوتيريش في بيان إنّ "الأمين العام يجدّد التأكيد على أنّ الحرمان من التعليم لا ينتهك المساواة في الحقوق للنساء والفتيات فحسب، بل سيكون أثره مدمّراً على مستقبل البلاد". كما دانت واشنطن القرار "بأشد العبارات. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان "لا يمكن لطالبان أن تتوقع أن تكون عضوا شرعيا في المجتمع الدولي، حتى تحترم حقوق الجميع في أفغانستان. هذا القرار سيرتب على طالبان عواقب". ومن جهتها استنكرت منظمة التعاون الإسلامي الحظر، واعتبر أمينها العام حسين ابراهيم طه، أنه "سيسهم بشكل كبير في تقويض مصداقية الحكومة القائمة". كما أدانت برلين هذا الحظر، وقالت إنها ستطرح المسألة خلال اجتماع مجموعة السبع. ويأتي الحظر بعد أقل من ثلاثة أشهر على السماح لآلاف الفتيات والشابات، بإجراء امتحانات الدخول للجامعات في أنحاء البلاد، ومنهن من كانت تطمح للعمل في التدريس أو الطب في المستقبل. وقال مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان "لنفكر بجميع الطبيبات والمحاميات والمعلمات اللواتي لم أو لن يشاركن في تنمية هذا البلد". ومعظم الفتيات والشابات في أفغانستان ممنوعات من ارتياد المدارس الثانوية، ما يقلص بشدة عددهن في الجامعات. بعد استيلاء الجماعة على السلطة في أغسطس العام الماضي، اضطرت الجامعات إلى تطبيق قواعد جديدة من بينها تخصيص فصول دراسية، ومداخل تفصل بين الجنسين، كما سُمح فقط للأساتذة النساء والرجال كبار السنّ بتعليم الطالبات. فوارق خطيرة تطبق حكومة طالبان تفسيرا خاطئ للشريعة، ويعارض الزعيم الأعلى للحركة هبة الله أخوند زاده وأوساطه التعليم الحديث، وخصوصا للفتيات والنساء. لكنهم يختلفون عن العديد من المسؤولين في كابول، وعن قاعدتهم، ممن كانوا يأملون السماح للفتيات بمواصلة تعليمهم، بعد وصول الحركة إلى السلطة. وقال قيادي في الحركة، مقره في شمال غرب باكستان مشترطا عدم الكشف عن اسمه، إن "القرار الأخير سيفاقم هذه الفوارق". وفي تراجع قاسٍ عن قرار سابق، منعت طالبان في مارس الفتيات من العودة إلى المدارس الثانوية، في اليوم الذي كان يفترض فيه أن تفتح أبوابها. وأكد عدد من مسؤولي طالبان أن حظر التعليم موقت، لكنهم عددوا مجموعة من الأعذار للإغلاق، من نقص الأموال إلى الوقت اللازم لإعادة صياغة المنهج. والعديد من العائلات التي تحدثت الشهر الماضي قالت، إن حظر التعليم يضاف إليه الضغط الاقتصادي، يعني أن تأمين مستقبل البنات من خلال الزواج، أفضل من ضياع وقتهن في المنزل. ضغط دولي أقصيت النساء أيضا عن العديد من الوظائف الحكومية، أو تدفع لهن مبالغ زهيدة من راتبهن للبقاء في المنزل. ومنعن من السفر من دون محرم، وأجبرن على ارتداء الحجاب أو البرقع خارج المنزل. وفي نوفمبر مُنعت النساء من الذهاب إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية. وكان حق جميع النساء في التعليم نقطة شائكة في المفاوضات مع المجتمع الدولي، المتعلقة بتقديم مساعدات والاعتراف بنظام طالبان. وقالت باكستان، جارة أفغانستان، إن الحوار مع طالبان أفضل مسار للمضي قدما. وقال وزير الخارجية بيلاوال زرداري خلال زيارة إلى واشنطن "أشعر بخيبة أمل إزاء القرار الذي اتخذ اليوم". لكنه أضاف "ما زلت أعتقد إن الطريق الأسهل لتحقيق هدفنا، رغم العديد من الانتكاسات عندما يتعلق الأمر بتعليم النساء وأمور أخرى، يمر عبر كابول، ومن خلال الحكومة الموقتة". في السنوات العشرين الفاصلة بين حكمي طالبان، سُمح للفتيات بارتياد المدارس وتمكنت النساء من العمل في جميع القطاعات، علما بأن المجتمع لا يزال محافظا. وعادت السلطات إلى تطبيق عقوبات الجلد والإعدام علنا بحق نساء ورجال، في الأسابيع القليلة الماضية.