لا شك في أن البعض توقعوا ظهورا مميزا للمنتخب المغربي في كأس العالم 2022 لكرة القدم المقامة حاليا في قطر، ولكن الكثيرين، ومن بينهم نجوم سابقين وشخصيات رياضية بارزة، لم يتخيلوا وصوله إلى الدور قبل النهائي، ومن بين هؤلاء النجوم لاعب المنتخب الجزائري السابق رفيق صايفي. وتحدث رفيق صايفي، في مقابلة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الاثنين، عن توقعاته للمنتخب المغربي والدور الذي لعبته الأجواء الاستثنائية لمونديال قطر 2022، وكذلك غياب المنتخب الجزائري عن هذه النسخة. وأصبح المنتخب المغربي أول منتخب أفريقي يصل للمربع الذهبي في تاريخ كأس العالم بفوزه على البرتغال في دور الثمانية، وذلك بعد أن أصبح أول منتخب عربي ورابع منتخب أفريقي يصل لدور الثمانية بتاريخ البطولة، ويتأهب حاليا للقاء نظيره الفرنسي، حامل اللقب، في الدور قبل النهائي مساء الأربعاء. وقال رفيق صايفي"كنت من بين من توقعوا أن يتجاوز المنتخب المغربي دور المجموعات بالمونديال، لكن كي نكون واقعيين، لم يتوقع أحد ما حققه المنتخب المغربي بالوصول للدور قبل النهائي." وأضاف :"الوصول إلى الدور قبل النهائي إنجاز تاريخي أفريقي وعربي، فلم يسبق لأي منتخب أفريقي الوصول للدور قبل النهائي، طموح المنتخب المغربي يتزايد مع كل مباراة، وقد استفاد من دعم الجماهير العربية وإقامة البطولة في بلد عربي." وتابع :"كل شيء في هذه البطولة كان استثنائيا، فقد خرجت العديد من المنتخبات الكبيرة، والتوقعات والمنطق لم يفرضا نفسهما، وإنما الواقع هو الذي فرض نفسه في هذه البطولة." وعن توقعاته لمواجهة المغرب ونظيره الفرنسي، قال صايفي :"الآن الاحتمالات كلها واردة، أتمنى أن يحقق المنتخب المغربي الفوز، لم لا؟، عندما تصل إلى الدور قبل النهائي لابد أن يرتفع سقف الطموح، حتى مع الإجهاد أو مشكلات الإصابات." وأضاف :"الفريق عندما يصل إلى هذه المرحلة، تكون الحالة الذهنية قوية ويتزايد الطموح في مواصلة النتائج الإيجابية والتأهل، رغم ما يمتلكه المنتخب الفرنسي من إمكانيات عالية ومهارات فردية كبيرة، المنتخب المغربي ومديره الفني وليد الركراكي لديهما الإمكانيات أيضا." وحول ما إذا كان فوز المنتخب التونسي على نظيره الفرنسي في دور المجموعات قد يشكل ضغطا على المنتخب المغربي أو يرفع من درجة الحذر لدى المنتخب الفرنسي، قال صايفي :"بغض النظر عن أن المنتخب الفرنسي كان قد لعب بالفريق الثاني أمام تونس، المنتخب الفرنسي يدرك أن كل شيء ممكن، ولابد أنه قد شاهد مباريات المنتخب المغربي ويعرف طريقة لعبه، وسيعمل له ألف حساب." وأضاف :"لقد حقق المنتخب المغربي انتصارات أمام منتخبات كبيرة وهي بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، وبالتالي يحظى بثقة هائلة وحالة ذهنية عالية." وأثنى صايفي على الروح التي يتمتع بها المنتخب المغربي تحت قيادة الركراكي، قائلا :"السر في نجاح المنتخب المغربي يكمن أيضا في المجموعة وروح الفريق، وكذلك طريقة تعامل وليد الركراكي مع اللاعبين، هو يتعامل معهم كأصدقاء أو كإخوة صغار له، أنا أعرف وليد جيدا، هو إنسان ذو كفاءة عالية." وأضاف :"المنتخب المغربي يذكرني بمنتخب الجزائر في 2019، جمال بلماضي شكل منتخبا بنفس الروح، وهو قريب أيضا للاعبين، كذلك أرى حكيم زياش وكأنه رياض محرز وأرى سفيان بوفال وكأنه يوسف بلايلي وأمرابط وكأنه قديورة، تقريبا نفس الروح بين لاعبي الفريق، كأنهم إخوة، وهذه الروح تعطي النتائج والإنجاز." وتابع :"الفضل في هذا الإنجاز يعود أولا إلى الله سبحانه وتعالى ثم إلى المجموعة ووليد الركراكي وتحضيره وتكوينه لهذه المجموعة، المنتخبات الأخرى لديها إمكانيات ولكن التعايش أمر مهم بالفريق، وكما نعرف، أحيانا ما تشهد البطولات الطويلة مشكلات بين اللاعبين، لكن الركراكي نجح في صنع أجواء مميزة بالفريق." وعن احتفال اللاعبين مع عائلاتهم عقب المباريات، قال صايفي :"تواجد العائلات بهذا الشكل يشكل حافزا، وربما هذه أول مرة أرى فيها هذا السلوك بهذا الشكل، اللاعبون يتوجهون إلى المدرجات فور نهاية المباريات ليكونوا مع أفراد عائلاتهم، ألاحظ هذا بشكل كبير في هذه البطولة، وهو ما يجعل منها أيضا نسخة استثنائية." وعن مستقبل المنتخبات الأفريقية والعربية في المونديال، قال صايفي الذي شارك مع المنتخب الجزائري في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا :"النتائج الجيدة التي حققتها منتخبات أفريقية في هذه النسخة وكذلك إنجاز المنتخب المغربي سيعزز بالطبع الآمال بشكال كبير مع زيادة المقاعد في مونديال 2026 ، وقد رفع المنتخب المغربي سقف الطموحات والتوقعات ومنح الحافز." وتحدث صايفي عن إصرار لاعبي المنتخب المغربي باستخدام اللغة العربية في التحدث لوسائل الإعلام، قائلا :"نرفع لهم القبعة على النتائج وكذلك على التمسك باللغة العربية، عندما تلعب للغرب وفي الدوريات الأجنبية، تحترم ثقافتهم ولغتهم وقوانينهم وتتحدث بلغتهم، ولكن الجميع جاءوا إلى كأس العالم هنا في بلد عربي، من حقنا التحدث بالعربية، هي لغة الإسلام ولغة القرآن، ومن لا يتحدث العربية يمكنه اللجوء للمترجم، لكن من حقنا أن نتحدث بلغتنا." وعن توقعاته وأمنياته لنهائي المونديال، قال :"أتمنى بالطبع تأهل المنتخب المغربي للنهائي وكذلك منتخب الأرجنتين، لا يمكنني التوقع، فالتوقعات أصبحت صعبة للغاية." وحول أكثر ما يميز النسخة الحالية من المونديال، قال صايفي :"البنية التحتية والملاعب من بين أكثر ما يميز هذه النسخة، لأول مرة يكون من الممكن مشاهدة مباراتين أو ثلاثة في نفس اليوم، هو أمر استثنائي لم يكن موجودا في أي بلد آخر." وأضاف :"يمكن أن تحضر مباراتين في يوم واحد ولم يكن ذلك متاحا في أي بطولة أخرى، ففي نسخ أخرى تحتاج للسفر بطائرة كي تحضر مباراة، حدث معي في هذه النسخة أن حضرت أكثر من مباراة في يوم واحد، حيث أنه من الممكن أن تتنقل من مباراة لأخرى خلال دقائق باستخدام المترو." وتابع :"كذلك يشهد المونديال للمرة الأولى تجمع مشجعين ل 32 منتخبا في مكان واحد، ونلاحظ هذا في أماكن تجمع واحتفالات المشجعين." وحول غياب المنتخب الجزائري عن مونديال قطر وما كان من الممكن أن يحققه لو تواجد، قال صايفي :"المنتخب الجزائري يمتلك عناصر على مستوى عالي، وفي ظل توفر كافة الإمكانيات على هذا المستوى في الملاعب، كان من الممكن أن يقطع الفريق الجزائري مشوارا طويلا في البطولة خاصة في ظل هذا الدعم الجماهيري العربي." وأضاف :"في كأس العرب هنا، شاهدنا الجماهير الجزائرية المتواجدة بالآلاف، وفي ظل مستوى لاعبي الفريق وهذا الدعم الجماهيري، كان من الممكن أن يقطع المنتخب الجزائري مشوارا جيدا في هذه البطولة." وتابع :"البعض فعلا من المحليين والخبراء توقعوا أن الجزائر ربما كانت لتحقق إنجازا كبيرا مثل المغرب، ويصبح النجاح لمنتخبين عربيين، لكن لا نلوم إلا أنفسنا، ففي وقت ما كان علينا أن نضمن التأهل ثم نفكر بالمونديال، لكننا فكرنا في المونديال وانشغلنا عن التأهل نفسه." وتابع :"الآن علينا أن نطوي هذه الصفحة ونفتح صفحة جديدة، ويجب ضخ دماء جديدة للمنتخب وبدء التفكير بشأن مونديال 2026 ولا يجب أن ننشغل بما فات وبالانتقادات، يجب استغلال الانتقادات لتكون بناءة ، الكل يجب أن يساعد اعتبارا من الجهاز الفني وجمال بلماضي، يجب مراجعة الأخطاء وتصحيحها كي نمضي في الطريق الصحيح."