التعصب سيطر على الإعلام الرياضي فأصبحت بعض البرامج الإعلامية الرياضية عبارة عن معارك كلامية بين مشجعين متعصبين يخضع نقدهم وآراؤهم لميولهم، لا يبحثون عن الحقيقة بل يشككون في كل شيء لا يتفق مع ميولهم.. جاء في الأخبار أن مجلس الشورى يناقش موضوع التعصب الرياضي، وهذا توجه لم يأتِ من فراغ وإنما لأن هذا الموضوع وصل إلى مرحلة غير مقبولة لا تليق بمكانة المملكة وبالتطوير الذي تشهده في كافة المجالات، هناك فجوة كبيرة بين التطوير الشامل في المملكة وبين الإعلام الرياضي. التعصب الرياضي موجود ويمكن مشاهدته بشكل شبه يومي من خلال بعض البرامج الرياضية ووسائل التواصل وبعض المقالات، المشكلة أن الإعلام الرياضي أصبح مساحة لنقد غير مهني وغير موضوعي وغير بناء لأن بعض المنتمين لهذا الإعلام المشاركين في برامجه وحواراته يمارسون دور المشجعين لأندية معينة وليس دور الناقد أو الإعلامي ويحدث هذا مع الأسف حتى في التعامل مع المنتخب الوطني. بدهي أن الحديث عن التعصب الرياضي ليس حديثا عن الميول والتشجيع الحماسي والإثارة، الإنسان حر في ميوله وتشجيعه ولكن لا وجود لحرية مطلقة ولا يوجد بلد في العالم يسمح بالفوضى في هذا المجال، البعض لم يستثمر بشكل إيجابي مساحة الحرية المتاحة للإعلام الرياضي، المؤكد أننا لا نقصد التعميم وأن التعصب الرياضي ليس مصدره الإعلام الرياضي فقط، لكن مسؤولية الإعلام ودوره التثقيفي وما يطرح في بعض وسائله المتنوعة من فكر سطحي يجعل هذا الإعلام بحاجة للمراجعة والتطوير لأن الرياضة قوة ناعمة ويجب تنقيتها من التعصب والإعلام مسؤوليته أن يقوم بهذا الدور لا أن يفعل العكس. النقد البناء، والطرح الموضوعي والآراء المهنية هي المبادئ المطلوبة لكن ما نشاهده في بعض البرامج الرياضية وما ينشره البعض في وسائل التواصل لا يمت للنقد بصلة. الواقع المشاهد المؤسف أن التعصب سيطر على الإعلام الرياضي فأصبحت بعض البرامج الإعلامية الرياضية عبارة عن معارك كلامية بين مشجعين متعصبين يخضع نقدهم وآراؤهم لميولهم، لا يبحثون عن الحقيقة بل يشككون في كل شيء لا يتفق مع ميولهم. أحد الأسباب الملحوظة لظاهرة الانفلات في الإعلام الرياضي هو أن بعض الإعلاميين دخلوا هذا المجال من بوابة التشجيع وليس من بوابة التخصص والثقافة العامة والثقافة الرياضية بدليل أن الحوار الرياضي في بعض البرامج تغلب عليه الشخصنة والطرح السطحي والآراء غير الموضوعية ويتمادى إلى أبعد من ذلك في التشكيك بكل ما يتعارض مع الميول للأندية ويصل الأمر إلى توجيه الاتهامات للجهات الرسمية، وبشكل عام فإن النقد الرياضي لا يواكب منظومة التطوير الشاملة التي تمر بها المملكة بل هو مع الأسف نقطة ضعف في هذه المنظومة كما أنه يسيء للإعلاميين المميزين بفكرهم الملتزمين بآداب الحوار والنقد البناء. الإعلام الرياضي في الواقع هو إعلام أندية؛ ولذلك نجد بعض برامجه وأبطاله يساهمون في نشر فكر التشكيك ونظرية المؤامرة والانحياز للنادي وليس للحقيقة والدفاع عن الفشل ومحاربة النجاح والناجحين. تطرقت في عدة مقالات إلى هذا الموضوع موجها الحديث إلى الجهات ذات العلاقة ولا يزال الوضع كما هو لم يتغير حتى وصل الأمر إلى التفكير في العقوبات. وفي ظني أن الموضوع أكبر من وضع عقوبات، الموضوع يحتاج إلى تطوير وهو ما تطرقت إليه في مقالات سابقة. ولهذا أجد من المناسب الآن إعادة بعض المقترحات التي أرى أنها سوف تساهم في تطوير الإعلام الرياضي وتتمثل في ما يلي: * الاعتراف بوجود المشكلة وتحليل أسبابها ووضع الحلول العملية وتطبيقها. * ننظر للإعلام الرياضي كمنظومة وجزء من ثقافة المجتمع، هذه المنظومة تشمل الكتابات الصحفية ووسائل التواصل الاجتماعي والحوارات الإذاعية والتلفزيونية والتعليق الرياضي ومراكز الأندية الإعلامية. * مراجعة الأنظمة واللوائح وتطويرها. * وضع ميثاق للإعلام الرياضي، وتعزيز ثقافة النقد الموضوعي والروح الرياضية. * استقطاب كفاءات إعلامية جديدة بفكر مختلف. * تحديد مرجعية الإعلام الرياضي. * إيجاد برامج أكاديمية وتدريبية متخصصة في الإعلام الرياضي في المعاهد والجامعات. * تطبيق الأنظمة واللوائح ومنع الاستثناءات. * استثمار المؤسسات التعليمية في التوعية المبكرة وتأسيس ثقافة الحوار والتفكير النقدي الموضوعي. * الاستفادة من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في التدريب وتنمية مهارات الحوار الإيجابي والنقد البناء. * تكريم وتقدير من يلتزم بالنقد الموضوعي وآداب الحوار. * مراجعة المؤهلات المطلوبة لتولي مسؤولية المراكز الإعلامية في الأندية وتطوير هذه المؤهلات. * مراجعة معايير اختيار من يدير الحوارات الرياضية. * إلغاء تصنيف واستضافة الإعلاميين حسب الميول، المشاهد الآن مع الأسف هو سجال لا ينقطع بين إعلاميي الأندية.. كلمة (سجال) كلمة مخففة لأن ما يحدث أكثر من ذلك، والمشكلة أن هذا السجال أو الجدل أو المناكفات هي بين مشجعي الأندية وبالتالي فإن المتلقي لن يجد فيه ما يفيد. أخيرا أقترح تشكيل لجنة تمثل وزارات الإعلام والرياضة والثقافة والتعليم ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليس لدراسة هذا الموضوع والخروج بتوصيات فقط؛ وإنما لاقتراح نظام وتنظيم للإعلام الرياضي يواكب المرحلة الحديثة المتطورة التي تعيشها المملكة.