علينا أن ندرك جيداً أننا لا نزال في بداية الطريق، ويجب ألا نستعجل النتائج، فلا يوجد طرق مختصرة للتقدم، وأسس امتلاك القوة لا يمكن استيرادها من الخارج، فكل دولة تحتفظ لنفسها بأسرارها ومصادر قوتها.. فوز منتخب المملكة على الأرجنتين في أولى مباريات كأس العالم له دلالات كثيرة، من أهمها وجود تغييرات إيجابية داخل المملكة على أكثر من مستوى، هذا الفوز أوجد روحاً جديدة على مستوى الوطن والعالم العربي، عمت الفرحة الكثير من المدن العربية، قلبت الموازين، وأثبتت كم نحن متعطشين للفوز ولو على مستوى كرة القدم، مقاطع كثيرة نقلتها مواقع التواصل الاجتماعي تبين كيف أن النصر يوحد ويرفع الروح المعنوية ويبعث على الأمل، دلالات كثيرة تشير إلى أن المملكة تقود مشروعا حضاريا كبيرا، وتتحول تدريجياً إلى دولة قوية، تلك هي السعودية الحديثة، دولة ليس لطموها حدود، تعمل على أكثر من جبهة ومجال، تسابق الزمن من أجل امتلاك القوة بكل مقوماتها، يحظى الاقتصاد وهو القلب النابض لكل دولة باهتمام خاص من ولي العهد، ومن أجل ذلك أطلق الرؤية، وعقد الاتفاقيات والصفقات مع قادة الشرق دون أن يتخلى عن الغرب، يبحث ويرحب بالاستثمارات من كل مكان، السياحة التي تمثل العنصر المهم في تنويع مصادر الدخل وخلق الوظائف تحظى هي الأخرى باهتمام بالغ، ما يجري في مكةالمكرمة والمدينة المنورة يوضح اهتمام القيادة بتعظيم الميزة المطلقة للمملكة، وأهمية هاتين المدينتين من الناحية الدينية والاقتصادية والقوة الناعمة للمملكة. أما ما يجري على ساحل البحر الأحمر وداخل المدن الكبيرة ومنها العاصمة الرياضوجدة فلن تظهر النتائج المبهرة إلا بعد سنوات، إضافة إلى ما يعتزم صندوق الاستثمارت العامة أن يقوم به من مشاريع نوعية في بقية المدن داخل المملكة وفي بعض دول العالم العربي. مكافحة الفساد مستمرة ولا تزال في بداياتها، لتشمل كل المستويات في الوزارات والشركات التي تمتلك فيها الحكومة نسبة من رأس المال، كالكهرباء والماء والاتصالات وغيرها. أما التغيير الأهم فهو التغيير الاجتماعي والثقافي الذي أوجد روحاً جديدة من التفاؤل، وأتاح للمرأة الفرصة لتكون مساهمة في التنمية، وأن تسهم في مكافحة البطالة والفقر والحاجة، الأسرة المالكة الكريمة ممثلة بوالد الجميع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد هما المحرك والموجه لكل ما يجري من حراك جميل، وأمراء المناطق أصبحوا أكثر من أي وقت مضى مهتمين باحتواء الشباب ودعم مجالسهم، وتلبية طموحاتهم، وبينهم تنافس محمود لجذب الاستثمارت لكل منطقة، يبذل الأمراء جهوداً مستمرة لدعم العمل الخيري والجمعيات الأهلية لتقوم بدورها في خدمة الفئات الأضعف من ذوي الإعاقة وكبار السن والأرامل والفقراء، ولأن النجاح يقود إلى نجاحات أكثر وأكبر أسوق المقترحات الآتية: أولاً: علينا أن ندرك جيداً أننا لا نزال في بداية الطريق، ويجب ألا نستعجل النتائج، فلا يوجد طرق مختصرة للتقدم، وأسس امتلاك القوة لا يمكن استيرادها من الخارج، فكل دولة تحتفظ لنفسها بأسرارها ومصادر قوتها، ولن تشرك أحد فيه إلا بثمن، وهو أن تكون شريكة في الربح وتعظيم المصلحة، علينا أن نوحد الجهود ونتجه بقوة لبناء مراكز أبحاث قوية تحظى بالدعم من أعلى سلطة، ليس في مجال التقنية فقط، لكن في كل المجالات التي نرغب التقدم فيها من خدمات، وصحة، ورياضة، وفنون، وأمن مائي وغذائي وكل ما يعزز جودة الحياة. ثانياً: التعليم بكل مراحلة هو السُلّم الذي نصعد درجاته حتى نصل إلى مصاف الدول المتقدمة، علينا أن نجعل رياض الأطفال حجر الأساس لمواطن صالح في المستقبل، مواطن يحترم زميله في العمل، ويحترم النظام في الشارع، كل ذلك قبل القراءة والكتابة، وأن تكون رياض الأطفال إلزامية من سنّ الرابعة، وأن يركز التعليم العام على بناء الشخصية القيادية والعقل المفكر والذي يخرج من أسر الماضي إلى آفاق المستقبل، وأن يجعل الشكّ سلاحه للتمحيص واليقين، وتمرين العقل على النقد والتفكير كي ننميه كما ننمي العضلات قبل أن يصيبها الضمور، وأن نفتح أبواب المدارس ليتحدث إليهم رجال المرور والإطفاء والأطباء وأولياء الأمور، وكما هو في المدارس التي أثبتت نجاحها وتفاعلها مع محيطها، والجامعات يجب أن تؤثر لا أن تتأثر، وأن تفعل أدوارها المنوطة بها من تعليم وأبحاث وخدمة اجتماعية، قوة الدول المتقدمة في جامعاتها، وقوة الجامعات في استقلاليتها وكفاءة رئيسها وأعضاء هيئة التدريس فيها، وحتى تكون الدولة صناعية عليها أن تهتم بكليات التقنية، وتساعدها على الانتقال من العلوم النظرية إلى التجارب والتطبيق والتدريب العملي، وأن تحدّث مناهجها بشكل مستمر ليواكب التقنية ومتطلبات العمل. ثالثاً: وهو الأهم أن نخرج أكبر عدد ممكن من دائرة الفقر والبطالة إلى الطبقة المتوسطة، وهي الطبقة التي يعول عليها في قوة الاقتصاد وحسن تربية الأبناء واختفاء الجريمة والمخدرات وغيرها. ما تمر به المملكة اليوم سيكون بإذن الله نموذجاً يحتذى على مستوى العالم العربي والإسلامي، مشروع يقوم على بناء الإنسان من الناحية الصحية والنفسية والفكر المتزن.