الكل يبحث عن معنى الحياة، والكل يعبر بطريقته عن معنى الحياة، الحياة دموع وابتسامات، أجمل ما فيها ابتسامات الأمل، وأصعب ما فيها دموع الأحزان والفراق والذكريات، لا أحد منا يعيش حياة تخلو من العقبات والمشاكل والصعوبات وفقد الأمل ولكن المشاكل والصعوبات نجد بعدها لذة الحياة والأمل ونرى الشمس والحياة الإيجابية. لا يوجد إنسان على وجه الأرض يستسيغ فكرة عبثية الحياة، فَعِوضاً عن أنها فكرة مرعبة فإن الدلائل المتعددة تنفيها تماماً، على الأقل كما أجمع العقلاء في الماضي والحاضر، فيستحيل أن تكون الحياة عبثية وبلا معنى، هكذا يُسلِّم العقل وهكذا يميل الوجدان، فالحياة لها معنى. الحياة كلمة حار الناس فى تعريفها، فمنهم من قال إن الحياة ما هي إلا مسرح كبير كل شخص يلعب دور البطولة في جزء من المسرحية، ثم يترك مكانه ليلعب الدور شخص آخر، الحياة مليئة بالخيبات، واليأس يسيطر على هذا الوجود، ويبدو أنه ليس هناك ما يبشر بالعكس، وبين طيات هذا الحزن الكبير يجد البشر أنفسهم مرغمين على الانصياع لما يفرضه الوجود، ولا يملكون إلا ما يخبئونه من إرادة في السير نحو الأمام. الحياة ليست منصفة إلى درجة أن تمنحنا كل ما نشتهي، وليست جميلة لكي تزيح من طريقنا كل ما قد يعكر مزاجنا، وليست عادلة لتأخد حقنا ممن ظلمنا، وليست رحيمة لكي تأخذ ضعفنا بعين الاعتبار، هي أمور تندرج ضمن قوانين الحياة. ولقد أعطانا الشاعر الملهم إيليا أبو ماضي خلاصة التجربة العميقة والنظرة الثاقبة عن ماهية وكون الحياة، شريط طويل يضم أحداثا تتصارع خيوطها وتتسابق إلى شقاء وحزن وقرح، وبقاء وأمل وحب وفرح حيث قال : إن الحياة قصيدة أعمارنا أبياتها والموت فيها القافي ربما يخيل إلي أن الحياة توقفت عن النبض، وتتساوى لدي الأمكنة والأوقات، وأبقى وحيدا في العالم، وأبقى بعيدا عن العالم، لا شيء معي سوى إحساسي المقيت، وتفشل كل محاولاتي لانتزاع من وحدتي، وأنا أبقى في دائرة الاكتئاب فترة طويلة، هل تشرق شمس الأمل من جديد؟. في حين تتكلم الحياة معي ساكتة وأرد عليها بسكوتي، صمت ضائع كالعبث ولكن له في القلبين عمل كلام طويل، ولا يمكن للقلب أن يعانق القلب ولكنهما يتوسلان إلى ذلك بنظرة تعانق نظرة، وابتسامة تضم ابتسامة، رأيت الحياة عند الفجر وأخذت منها نهارا أحملها في روحي لا يظلم أبدا، وخالطت عندها الربيع وانتزعت منها حديقة خالدة النضرة في نفسي لا تذبل أبدا، جالست عندها في أيام شبابي حيث تركت في قلبي من لحظاتها ما لا تهرم أبدا، واجتمعت عندها بالحب وكشفت لي عن مخلوقات الكون الذي تملؤه ذاتي لا ينقص أبدا.. علمتني الحياة أن أجعل قلبي مدينة بيوتها الحب وطرقاتها التسامح فأجمل هندسة في الحياة هي بناء جسر من الأمل فوق بحر من اليأس. * الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها جامعة عالية، كولكاتا - الهند