في أكتوبر من كل عام، تترقب وسائل الإعلام العالمية وبكل ترصد، إعلان الأسماء الحائزة على جائزة نوبل، أهم جائزة علمية في التاريخ الحديث، فهذه الجائزة لا تزال صاحبة الصدى الأكبر عالمياً في مجالات الطب والفيزياء والكيمياء، بينما تظل كثيرة الجدل حول بعض الأسماء التي منحت لها في فرعي الأدب والسلام كونها أهملت العديد من الأعلام الكبار وممن يستحقونها بجدارة، وفي المقابل نجدها منحت لبعض الشخصيات العادية والتي لم تساهم بالشكل الذي يرتقي لمكانة الجائزة الدولية. أهم ما يميز خبر إعلان الفائزين بالجائزة لهذا العالم هو فوز الدكتور باري شاربلس والذي منح الجائزة للمرة الثانية في تاريخها، وبهذا يدخل شاربلس قائمة الخمسة الكبار الذين منحوا الجائزة مرتين في حياتهم، وهذا يذكرنا بالعالمة البولندية الشهيرة ماري كوري التي تعد أول من حصل على الجائزة مرتين، والتي من أبرز إنجازاتها اكتشاف عنصرين جديدين في الجدول الدوري هما الراديوم والبولونيوم والأخير سمته على موطنها الأصلي بولندا. وعند نشر خبر فوز العالم شاربلس، دار بالأذهان العالم المصري الشهير أحمد زويل - رحمه الله -، والذي وفق بالفوز بجائزة نوبل عام 1999م، وكان مرشحاً بقوة للفوز بها للمرة الثانية، لولا أن تداركه الموت قبل أن يحقق أمنيته وطموحه، فقد كانت أبحاثه العلمية ودراساته في جامعة كالتك الأمريكية محط أنظار واهتمام العالم. ومثل كل عام، تثير الدوائر الثقافية والإعلامية حول العالم الشبهات حول خفايا الجائزة الأدبية وأدوارها، لا سيما علاقتها مع الثقافات الأخرى كالصينية والعربية، ولماذا تصر لجان الجائزة على فكرة تفوق الغرب عالمياً حتى في الجانب الثقافي والفكري رغم بروز العديد من الأعلام الكبار والذين يفوقون العديد من الأسماء التي منحت لها الجائزة، صحيح أنها منحت للأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، وكانت عن جدارة واستحقاق ولكن أمثاله كثيرون في العراق والمغرب والجزيرة العربية وحتى في مصر نفسها، فلماذا لا تتكرر الخطوة بمنح الجائزة لهؤلاء المبدعين؟ لا سيما أنها منحت لمحفوظ في عام 1988م، أي قبل أكثر من 34 عاماً. نعود في حديثنا عن الجائزة للعالم شاربلس، فقد تم منحه لهذا العام نظير جهوده في الكيمياء النقرية، وهي كيمياء حديثة، يعول عليها كثيراً في اكتشاف الأدوية التي ستستعمل في علاج الأمراض الخطيرة والمستعصية، فتكمن أهمية كيمياء النقر أن المتخصص بها سيتمكن من تنفيذ أي مادة معينة وحسب المواصفات المطلوبة، ويعد هذا الإنجاز العظيم بمثابة نقل علوم الكيمياء من نمطيتها الاعتيادية إلى هذا المستوى التقني الحديث، مما جعل الدكتور شاربلس يستحق بجدارة الحصول على جائزة نوبل والدخول عن استحقاق لنادي الخمسة الكبار.