كل يوم يستيقظ العالم على منجز سعودي فريد يلفت الانتباه بجماله الأخاذ ويبهر الجميع بعمق مدلولاته وعبق أصالته، يُحدث الصدمة حوله ويصنع الدهشة في أعين أقرب وأشرس المنافسين، وقد تحصّل من المنصفين والمجحفين على أسمى الإشادات ونال أعلى أوسمة التكريم. ففي مسيرة مشاركات أبناء وبنات الوطن خلال كافة المسابقات العلمية والثقافية والرياضية نجد أمامنا أسماء قامات عظيمة حققت نجاحات مذهلة مشعة بالإلهام ومشبعة بالتميز والإصرار ومتفردة بالسبق، وهي وقائع خالدة كثيرة لا يتسع المقال مع عظم شأنها لذكرها جميعا أو لسرد تفاصيل عن تجاربهم المضنية المضيئة. وبينما نحن نرجو من الله أن يحالف التوفيق لاعبي منتخبنا الوطني وأن يتمكنوا بالظفر بأكبر عدد من النقاط الثمينة التسع التي تضمن لنا الحصول على إحدى بطاقتي الصعود للدور الثاني في بطولة كأس العالم لكرة القدم المزمع إقامتها قريبا بدولة قطر الشقيقة، استطاع الرحالة السعودي عبدالله السلمي أن يجذب أنظار الناس نحوه من لحظة بدء انطلاقته وحيدا ماشيا على قدميه من الواجهة البحرية لكورنيش مدينة جدة قاصدا العاصمة القطريةالدوحة وذلك لأجل حضور وقائع الكرنفال الدولي الكبير. فتناقلت القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي مجريات الرحلة المونديالية الغريبة لمحترف رياضة الهايكنج، وتابعت الجماهير الخليجية والعربية والأجنبية بحماس يوميات مغامراته الشيقة المحفوفة بالمشقة والمخاطر في مسار تتجاوز مسافته الألف والست مئة كيلو متر عبر تضاريس متنوعة تتصف بالحدة والأجواء الحارة. إلا أن المغامر السلمي كان على قدر عالٍ من المسؤولية والثقة بالنفس فهو من الأفذاذ العاشقين لمجابهة التحديات، حيث تمكن بحسن تدبيره وتخطيطه وتجهيزاته المهنية البسيطة المحمولة بداخل شنطة صغيرة يضعها على ظهره أن يتم مهمته في مدة لم تستغرق منه إلا خمسة وخمسين يوما فقط. لينال عند وصوله شرف استقبال الأبطال من قبل المنظمين للحدث العالمي وأيضا احتفاء الإخوة القطريين والجماهير الكروية الغفيرة على مختلف ميولها، ضاربا في تنفيذ إنجازه أروع الأمثلة في العزيمة والتحمل والصبر. وكل ذلك من أجل تحقيق فكرته الصعبة المستحيلة بعد أن ختمها بتدوين اسمه واسم المملكة العربية السعودية بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الرياضي لقطع المسافات الماراثونية الطويلة.