«بحسب نظريات ديناميكا الهواء، فالنحلة الطنّانة غير قادرة على الطيران، لكن النحلة الطنانة لا تعرف ذلك! وهذا ما يجعلها تطير في الأرجاء عكس كل هذه النظريات»ماري آش»، قمت بمشاركة هذا الاقتباس المُلهم عبر مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، لما فيه من دعوة للتقدم وعدم الاستجابة لكلام المحبطين، وتوقعت التفاعل الإيجابي من المتابعين، لكن تفاجأت بتعليق ناقد يتساءل عن صاحبة الاقتباس؟ وما هي كفاءتها العلمية التي أهلتها لطرح مثل هذه النظرية! في البداية انتابني الضيق لأن التعليق تجاهل الهدف من طرح الاقتباس، وركّز على أمور جانبية كما رأيتها أنا، ولا أخفيكم أنني قررت وقتها تجاهل التعليق وعدم الاستجابة له. لكن بعد عدة ساعات هدأت نفسي، وانتابني الفضول لمعرفة مدى صحة الكلام المكتوب، وبعد بحث مطول توصلت إلى التالي: * ماري آش هي سيدة أعمال أمريكية، نُسب إليها هذا الاقتباس من كلمة ألقتها في مؤتمر لرواد الأعمال في 1970 شبّهت فيها نجاح شركتها رغم المصاعب التي واجهتها، بأنها كالنحلة التي تحدت النظريات ونجحت في الطيران. * استوحت ماري هذا التشبيه من (مغالطة طيران النحلة الطنانة) وهي فكرة ذاعت واشتهرت خلال ثلاثينات القرن الماضي، وصارت حديث المجالس خصوصا بين المهندسين. باختصار شديد، تزعم المغالطة نظرياً باستحالة طيران النحلة لأن حجم جناحها صغير مقارنة بجسمها و وزنها. وللاستزادة، هناك العديد من الكتابات ولقطات الفيديو التي تشرح الفكرة، ويمكن الوصل إليها بالبحث عن Bumblebee flight myth. * بالتأكيد تم تفنيد هذه المغالطة لاحقا وبأساليب علمية، لكن بقي الاقتباس الشهير مصدرا للإلهام في مجال الإدارة والأعمال. قمت بترتيب هذه المعلومات، ورددت بها على صاحب التعليق، وبكل صدق شكرته لتسليط الضوء على خلفية الاقتباس المثيرة، هذه التجربة ذكرتني بأهمية عدم اتخاذ قرار في حال الانفعال، وبضرورة التفاعل الإيجابي مع التحديات والانتقادات، وأن ننظر إلى الأمور بموضوعية كما يراها الطرف الآخر، ودون شك، مع ردّات الفعل البناءة هذه نحن نرتقي ونرتفع بفكرنا كما تطير النحلة.