اتسمت العلاقات بين السعودية وكوريا الجنوبية بالتقارب بكافة مستوياتها، خاصة في الجوانب الاقتصادية والسياسية. وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية في الستينات وبالتحديد في عام 1962 مدفوعة بالاحتياجات الاقتصادية الكورية، حيث كانت كوريا الجنوبية تعتمد بشدة على واردات النفط، ولعبت المملكة دورًا رئيسيًا في التطور الاقتصادي المتسارع لكوريا الجنوبية خلال عقد السبعينات والثمانينات، من خلال صادرات النفط. وتعد السعودية هي الشريك الاقتصادي الأول لكوريا الجنوبية في منطقة الشرق الأوسط، حيث يقدر حجم التجارة بين البلدين من 250 إلى 300 مليار دولار. وتمثل كوريا الجنوبية الشريك التجاري الخامس للمملكة العربية السعودية، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين وفقًا لإحصائيات 2019 ما يصل إلى 94 مليون ريال سعودي (11 مليون دولار)، وتتركز غالبية الصادرات الكورية إلى المملكة على السيارات والأجهزة الإلكترونية والآلات. ومن الناحية السياسية جمع زعماء البلدين عدد من اللقاءات والاجتماعات على مرّ الأعوام الماضية، من بينها زيارة الرئيس الكوري، إي ميونغ باك، إلى السعودية في 2012، وزيارة الرئيسة الكورية، بارك غن هي، في 2015 إلى الرياض لتطوير وتعميق العلاقات الثنائية مع الرياض، وجاءت الزيارة الأولى لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى كوريا الجنوبية في العام 2019. وعقب الإعلان عن الرؤية السعودية 2030، كان للعلاقات مع كوريا الجنوبية دورًا محوريًا في الرؤية الجديدة، وفي أكتوبر عام 2017 كون البلدان لجنة ثنائية مشتركة، والتي عُرفت باللجنة الكورية - السعودية لرؤية 2030، ووافقت اللجنة على 40 مشروعا تعاونيا بين البلدين. كما وضعت اللجنة خمسة مجالات رئيسية للتعاون بين البلدين وهي الطاقة والتصنيع، والبنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، وبناء القدرات، والعناية بالصحة وعلوم الحياة، والشركات المتوسطة والصغيرة والاستثمار، وذلك لتحقيق الرؤية المشتركة للبلدين. علاوة على ذلك تعاون الطرفان في عدة مشروعات، ومن بين تلك المشروعات التي جمعتهما بناء أكبر حوض لبناء السفن في الخليج برأس الخير من قبل الشركة الدولية للصناعات البحرية وشركة أرامكو السعودية بالتعاون مع شركة هيونداي. وشهد العام الجاري تسريعًا في وتيرة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. وخلال الشهر الجاري أقامت نحو 22 شركة كورية معرضًا للابتكارات في المملكة من بينها شركات جي إس إيه سي وسامسونج ونافير ودايو. كما ناقشت كوريا الجنوبية والسعودية توقيع مذكرتي تفاهم بشأن التنقل وتطوير البنية التحتية، خلال لقاء وزير الأراضي الكوري، وون هي-ريونغ مع نظيره السعودي، صالح بن ناصر الجاسر، خلال رحلته إلى السعودية. وفي وقت مسبق اتفق وزير الصناعة الكوري الجنوبي، لي تشانغ-يانغ، ووزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، على تعزيز التعاون الثنائي، وأشار الجانبان إلى استثمار الشركات الكورية على نطاق واسع في مجالات الصناعة المتقدمة في السعودية، بما في ذلك مشروع مدينة نيوم، كما اتفقا على تعزيز لجنة رؤية 2030 الثنائية من خلال إضافة المزيد من اللجان الفرعية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والعمل في مختلف المشاريع المشتركة. وتأتي زيارة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلى سيول بعد ثلاثة أعوام من زيارته الأولى لكوريا الجنوبية والتي احتفت بها سيول باستقبال منقطع النظير، وتخلل الزيارة السابقة تلقي الأمير محمد بن سلمان دعوة من نائب رئيس شركة سامسونج للإلكترونيات دعوة لإجراء محادثات مغلقة بين الطرفين وحضر الاجتماع عددًا من كبار رجال الأعمال الكوريين من شركات هيونداي وإل جي وغيرها، وناقشوا خلال الاجتماع التعاون والاستثمار في ظل الرؤية السعودية 2030 لتطوير اقتصاد البلاد. ومن المتوقع أن يلتقي ولي العهد خلال الزيارة المرتقبة عددا من رؤساء الشركات الاستثمارية الكورية الرائدة لإجراء شراكات في مشاريع نيوم، ويهدف لإنشاء مدينة ذكية وصديقة للبيئة. كما تشير مصادر كورية إلى أنه من المرجح أن توقع شركة كوريا للطاقة الكهربائية وشركة نامبو للطاقة الكورية وشركة بوسكو وشركة سامسونغ سي آند تي مذكرات تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لمشروع بناء وإدارة مصنع للهيدروجين الأخضر والأمونيا في مدينة نيوم في السعودية.