الدأب في ملاحقة المعنى، يأتي أحياناً عبر لقطات خاطفة، وغريبة؛ لكنها تبدو وكأنها تجسيد حيّ لواقع مر. «مشهدية متاريس»: جاءت خطاباً مسرحياً تبنيناه لننقل به المسرح إلى أماكن تواجد الناس، حينها؛ كان الممثل علي الصافي متراساً فيما كان عبدالإله دباج يلطف الأجواء ويبث الأمل ويدعو للمثابرة.. هل نجحنا ؟! وهل وصلت الرسالة؟ ربما. فكرة المشهدية حاولت نقل المسرح إلى أوساط الناس بتحويل المقهى المنظم إلى فوضى لإحداث نوع من الغرابة وضعنا أمام المدخل غابة من الكراسي والطاولات لتعترض طريق الزوار نحو قاعة العرض في الدور الثاني كانت الكراسي مختلفة الأشكال والألوان أردنا من خلال هذا الاجتراح أن نحبس في أذهان الحضور ومرتادي المقهى دور المتاريس في منعنا من الوصول إلى وجهاتنا وآمالنا وأحلامنا. لم تكتف المشهدية بالكراسي والطاولات بل كان الممثل علي الصافي يشاغب مرتادي المقهى بالأسئلة البلهاء بالدخول في خصوصياتهم (طلب النظر في محتويات الحقائب؛ آخر مكالمة تم إجراؤها، سبب مجيئهم للأمسية، وحين يذكرون أنهم أتوا لمحاضرة عن المسرح يبدأ في تقزيم فكرة المسرح والنيل من فكرته كما تم تضييق الصعود للدور الثاني بجعل المسار حلزونياً مع استخدام مؤثرات منوعة تعكس فوضى الحياة اليومية (دخان - موسيقى صاخبة - صافرات إنذار) هناك من بدا غاضباً من هذا الوضع فكان الممثل يحاول مصالحته بكوب قهوة لكن ليس في كل مرة كان هذا الخيار كافياً لانتزاع عدم الرضا في الدور الثاني كان دور الممثل (عبدالإله دباج) دفع الكرسي مردداً: أهلاً بكم جمهور المسرح وعشاقه وخاصته * أحبتي: هناك خبثاء يحاولون إعاقة الناس عن الوصول إلى هنا، هم آفة المسرح هؤلاء كثر تفرغوا لوضع المتاريس والمعوقات في طريق السيد النبيل إما جهلاً وأما عمداً ليستأثروا بمنصاته، أنا، وأنتم، ونحن، سنحول بينهم وبين مبتغاهم رمزيات هذه الفكرة متعددة منها: الوصول للمسرح ليس سهلاً الطريق إليه مليء بالمعوقات واقع المسرح كالمعوق على كرسي متحرك يحتاج من يدفعه يحتاج من يصنعه كفن آراء وانطباعات عن مشهدية متاريس. تباينت الآراء حول المشهدية فالبعض رأى أنها تفتقد للهدف وأنها تعكس خواء الأفكار فيما رأي البعض فيها تجريب مهم وخلّاق، وقد كان للناقد معجب الزهراني في ثنايا تعقيبه رأي مهم حين قال: على المسرحيين أن يتبنوا هذا التوجه؛ عليهم أن يخرجوا بالمسرح إلى الناس وحينها سيتركون الأثر ويعمقون الفن.