كلنا لدينا تصوُّر ذهني حَيال المواضيع الواقعية والمحسوسة، وصفُك للمواضيع هو تصوُّرك الذهني حيالها، والذي تقوم به انطلاقا من تجاربك الحسية والمعرفية والإدراكية، فنحن نسترجع مخزوننا الإدراكي والمعرفي لنصف انطباعنا حيال المواضيع، ولكِن يتغيّر هذا المخزون إذا ما توفرت لنا معلومات جديدة تُغيّر نظرتنا للأمور. أولى معرفتي حديثة العهد بالمجتمع السعودي عبر أصدقاء، أساتذة جامعات ورُوّاد أعمال وإعلاميين. بدأت أتابع صفحاتهم ومشاركاتهم لما يحصل في بلدهم. وساقني الفضول لأن أتابع عن كثب أخبار هذا البلد الشقيق عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وساعدني كمُّ المعلومات التي جمعتُها في بلورة صورة ذهنية إيجابية جدا عن تطور المملكة. المملكة العربية السعودية تشهد اليوم تغيُّرات كبيرة في مشهدها العام، يكاد لا يخلو يوم من إطلاق مبادرة تنموية جديدة بشكل دؤوب ومستمر. فتربوياً، يُدعم الشابات والشبان السعوديين ويُبتعثوا للخارج وفق تصوُّر متكامل للتنمية المستدامة، وتُنظّم حملات داخلية لحثّ الأهل في المناطق النائية على تعليم أولادهم. ويوجد #برنامجتطويرالخريجين، الذي يُقدّم دورات تدريبية على مدار العام بالتعاون مع أهم الجامعات ومراكز التدريب الدولية، تنميةً لرأس المال البشري وإتاحةً لفُرص العمل. وثقافياً، استقبَلت الرياض مُؤخّرا معرض الكتاب الدولي، وتنشط الأندية الأدبية منذ عقود، وتتعاون الجامعات السعودية مع جامعات عالمية عريقة عبر الممثليات الثقافية للدول، وأطلِقت مِنصّة أُدْرُس ومدرستي اللتين ساعدتا الطلاب والطالبات على الدراسة إبان أزمة كورونا، وحققت تفوقاً كبيراً في الجانب التعليمي، مما يجعلنا نتخيّل المملكة مركزا علميا رائدا في السنوات القادمة، يُضاف إلى قيمتها الدينية. وترفيهياً، أُطلِقت 15 منطقة ترفيهية ب #موسم_الرياض 2022، ومناطق أخرى في المملكة، وتتحول السعودية إلى مركز عالمي لألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية، وتنشط السياحة عبر الاهتمام بالمواقع الأثرية وابتعاث الكوادر والأدلة السياحيين بهدف تحضير الأرضية لمجاراة الاهتمام السياحي المتزايد بالمملكة. وتجارياً، يُخطّط لرفع نسبة الصادرات غير النفْطيّة إلى 50% التزاما #برؤية2030. واستثمارياً، فُعِّلت المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية لتعزيز مكانة السعودية كمركز لوجستي عالمي، وأطلقت مبادرة #وطنيصنع، ضمن #الاستراتيجيةالوطنيةللصناعة، وتحذو الرقمنة سبلا واضحة تعزيزا للشفافية. وطاقوياً، هناك خطة لإنتاج 150000 سيارة كهربائية في 2026. وبفعل الالتزام السعودي بالخطط الدولية بالتحول نحو الطاقات النظيفة، يتم توجيه القدرات التعليمية للشابات والشبان نحو مشاريع استثمارية في هذا المجال، بدعم مادي كامل وتَبني رسمي لاختراعاتهم عبر صناديق الاستثمار الوطنية ومدينة الملك سلمان للطاقة. وسياسياً، نرى بلدا مُتعاونا ويفتح باب الاستثمار أمام القوى الدولية والإقليمية، وتُخوِّلنا متابعة الصّفحات الرسمية للوزارات والصفحات الإعلامية الرسمية، وعي حَجْم الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد السعودي وحجم الاستثمار السعودي في الاقتصادات الدولية. وبينما تتراجع نِسب التنمية في أغلبية البلدان، نُتابع نِسبا تنموية واعدة في المملكة. هذه المُعطيات تبني صورة بلدٍ يتطوّر بِخُطَطٍ مدروسة، ونَكبُر بتقدُّمه، وعَليْه، تستحِق المملكة العربية السعودية أن تحظى باهتمام إعلامي دَوْلي لِأنّ وتيرة تَطوُّرها هي الحدث. ويوجد سبيل لذلك. * أستاذ مساعد في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، باحثة في الشأن السعودي.