«رأيناك في التظاهرات، وإذا كررتها ثانية ستحلّ بك المشكلة، هذا هو أول وآخر تحذير»، هذه الرسالة وصلت للمتظاهرين الإيرانيين عبر أرقام مجهولة، في محاولة من النظام الإيراني لخنق الانتفاضة الشعبية الواسعة المطالبة برحيله. وفي خضم هذه الاحتجاجات الواسعة، هناك محاولات أميركية لمكافأة النظام على تمريره الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل، حيث أكد عرّاب هذه العلاقات، روبرت مالي، أن السياسة الأميركية تجاه إيران ليست سياسة تغيير النظام بتحريض من واشنطن.. وأن تشكيل الحكومة في إيران متروك للإيرانيين، وهنا يكمن اللغز، بأن الولاياتالمتحدة تسعى باستمرار إلى استثمار نظام ثيوقراطي يأبى الانخراط في أي عمل سياسي، سواء داخلياً أو خارجياً، وتعلم أنه نظام عقائدي لا يمكن إصلاحه، ووحشي لا يمكن للشعب الإيراني دون مساعدة خارجية الإطاحة به. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة ترى أن النظام الإيراني مريض بمرض ميؤوس منه، ولا يمكن علاجه، لأن ذلك سيعجل بوفاته، خصوصاً أن القواسم المشتركة بين إيران ومناطق نفوذها تتمثل في انعدام الأمن والفشل الاقتصادي، وهذا ما لا يتعارض مع السياسة الأميركية، رغم أن هذه الاستراتيجية خاسرة على المدى الطويل، فأولوية السياسة الأميركية تجاه النظام الإيراني لا تتعلق بالمصلحة الوطنية الإيرانية، لكنها تتعلق في الحفاظ على بث الروح في جسد هذا النظام القاتل، وعلى استمرار انقسام المجتمع الدولي حوله. لذلك التصريحات الأميركية لا تأتي من إيمان بقضية الشعب الإيراني، بل تأتي استثماراً للمصالح، هذا ما عمل عليه العرّاب، وقبله أوباما مع الحركة الخضراء عام 2009م، حينما قايض أوباما حرية الشعب الإيراني بمصالحه، وأضاع على الشعب الإيراني فرصة حقيقية في التغيير، لو نجحت لوفرت على الإيرانيين وعلى شعوب المنطقة كثيراً من الصراعات المكلفة بالأرواح والأرزاق. وبكلام أدق، ما جاءت هذه التصريحات الأميركية إلاّ للتخفيف من وطأة الخسائر المتوقعة للحزب الديمقراطي في انتخابات الكونغرس المقبلة، والذي تسبب في كوارث أخلاقية وسياسية تعاني منها المنطقة لغاية اليوم، لا سيما أن قادته لن يتوانوا عن إبرام أي صفقة مع الملالي حتى ولو كانت على حساب الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.