أكد مجيد يحيى، ممثل برنامج الأغذية العالمي في دول مجلس التعاون الخليجي أن المملكة لا تزال تلعب دوراً حيوياً في دعمها المستمر لمعالجة أزمة الجوع العالمية، وذلك بمناسبة يوم الأغذية العالمي الذي يوافق اليوم الأحد 16 أكتوبر، مشيراً إلى أن تفاقم أزمة الجوع العالمية، يرجع إلى عدة عوامل مثل الجائحة العالمية، والصراع الدولي، وارتفاع الأسعار، والصدمات المناخية؛ في حين تمثل أزمة المناخ العالمية أخطر تحديات عصرنا والتي ستستمر بتهديد الإنتاجية، ورفع الأسعار من خلال تقويض مختلف جوانب المنظومات الغذائية العالمية. ففي العام الماضي وحده، دفعت الظروف المناخية المتطرفة بأكثر من 23 مليون شخص إلى هاوية الجوع الشديد، ويعيش اليوم أكثر من 40 ٪ من سكان العالم في مناطق شديدة التأثر بهذه الظروف. وتتسبب أزمة المناخ في أضرار متزايدة للمنظومات التي تنتج أغذيتنا وتوصلها إلى موائدنا. فحالات الجفاف والعواصف والفيضانات وغيرها من الصدمات تدمر الأراضي والمحاصيل، وتقتل الماشية، وتستنزف مصائد الأسماك، كما تعيق طرق النقل المؤدية إلى الأسواق، وهذا يقلل من الإمدادات الغذائية ويرفع من أسعار المواد الغذائية، كما يمكن أن يؤثر تغير المناخ على كمية المياه وجودتها، مما يحد من قدرة المجتمعات على إنتاج الغذاء الوفير والجيد، ويزيد بالتالي من حدة التنافس على الموارد. وباعتباره أكبر وكالة إنسانية تكافح الجوع في العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي على مساعدة المجتمعات الضعيفة حول العالم على التهيؤ للصدمات والضغوط المناخية، والتعافي منها، والصمود في وجهها، ويدأب البرنامج حالياً على تنفيذ حلول إدارة مخاطر المناخ في 37 دولة، ليستفيد منه أكثر من 12 مليون شخص. وعن محور تركيز البرنامج حالياً في منطقتنا، وكيف تؤثر أزمة المناخ على الشرق الأوسط، قال يحيى: تعتبر منطقتنا من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المشتركة للأزمات المناخية والغذائية العالمية، والتي تفاقمت بسبب الاعتماد على الواردات الغذائية، كما تعد المنطقة شديدة التأثر بالصدمات والضغوط المناخية، حيث تسجل ضعف المتوسط العالمي لدرجات الحرارة؛ ناهيك عن تأثير اعتمادها المتزايد على الواردات الغذائية، ما يجعلها معرضة بشدة للصدمات والضغوط العالمية التي تؤثر على توافر الإمدادات الغذائية واستقرارها وإمكانية الوصول إليها عموماً. ولعل النمو السكاني، والتقلبات الاقتصادية، والتوسع الحضري السريع، والأزمة التي طال أمدها في المنطقة، تلقي بمجملها ضغطاً إضافياً على منظومتها الغذائية الهشة أصلاً. وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الوحيدة التي زادت فيها نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي منذ التسعينيات. ويواجه أكثر من 62 مليون شخص هذا العام انعداماً حاداً للأمن الغذائي في هذه المنطقة، كما تستأثر سورية واليمن بأبرز عملياتنا التشغيلية، حيث يعاني 31 مليون شخص فيهما من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ومع تقلص الموارد، يضطر برنامج الأغذية العالمي إلى إعطاء الأولوية للدعم المتاح للأكثر حاجة، وتقليل الحصص الغذائية في البلدان المحتاجة، مع احتمال وقوع آثار كارثية على مستويات الأمن الغذائي مستقبلاً، ومع بدء تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود واكتسابها الزخم، سيؤدي استئناف الصادرات التجارية من أوكرانيا إلى تحسين توافر الأغذية في الأسواق العالمية - للاستيراد من قبل بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها - وكذلك استقرار الأسعار العالمية. وبجميع الأحوال، ثمة حاجة إلى حل طويل الأجل للمنطقة التي يمكنها استعادة دورها الريادي القديم في مجال الابتكار الزراعي من خلال الاستثمار في أحدث الممارسات والتقنيات المراعية للظروف المناخية المتغيرة، مثل الزراعة المائية وأساليب الزراعة الحافظة للموارد والاستخدام الآمن للمياه المعالجة، وقد نفذ برنامج الأغذية العالمي مؤخراً حلولاً لإدارة المخاطر المناخية والتكيف معها في 10 دول عبر المنطقة، استفاد منها أكثر من مليون شخص، وتدعم هذه الحلول المزارعين لتبني منظومات أكثر إنتاجية واستدامة قادرة على الصمود في وجه الجفاف والفيضانات والمخاطر الأخرى المرتبطة بالمناخ. ومع ذلك، يجب زيادة الاستثمار المستمر في مجال الحراك المناخي، وعلينا إعطاء الأولوية لتمويل حلول ومبادرات التكيف المناخي التي تمنع تكبد الأضرار والخسائر في المجتمعات التي تعتبر على تماس مباشر مع الأزمة. وعن أهم التغييرات اللازمة على المستوى العالمي لمواجهة أزمة الجوع، قال ستتخطى الاحتياجات الغذائية العالمية قريباً قدرة برنامج الأغذية العالمي أو أي منظمة أخرى على الاستجابة، ومع هذا الارتفاع الاستثنائي والسريع في الأرقام، نبتعد شيئاً فشيئاً عن تحقيق هدفنا المشترك في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله بحلول العام 2030. وقد ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع بشكل هائل ليصل إلى 828 مليون شخص في العام 2021. ويبذل برنامج الأغذية العالمي قصارى جهده لمعالجة هذا الأمر، ولكنه يواجه فجوات تمويلية حادة. وكان البرنامج قد حشد في العام 2021 تمويلاً قياسياً قدره 9 مليارات دولار أمريكي، غير أن التطورات الراهنة رفعت ميزانيته المتوقعة لعام 2022 إلى 24 مليار دولار، وحتى الآن لم نتلق سوى ثلث هذا المبلغ؛ لذا أدعو جميع الحكومات والمنظمات والأفراد إلى المشاركة في الجهود الإنسانية العالمية لمكافحة الجوع بجميع أشكاله؛ فرغم ما نلمسه من فتور همة الجهات المانحة، إلا أن استسلامنا لتدهور الوضع، سيلقينا في هاوية أكبر من القحط والمجاعة وزعزعة استقرار الدول والهجرة الجماعية.وعن دعم المملكة العربية السعودية لبرنامج الأغذية العالمي، قال يحيى: إن العطاء والمُثل الخيرية متجذرة في ثقافة هذه المنطقة ومجتمعاتها، ولطالما كانت حكومات المنطقة، ولا سيما المملكة العربية السعودية، من أكبر الجهات المانحة لبرنامج الأغذية العالمي وأكثرها سخاءً. ولا شك أن دعم المملكة المستمر له دور فعال في تحقيق أهدافنا التمويلية والوصول إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، ونواصل التعاون مع المملكة عبر العديد من المبادرات - إما من خلال الدعم المالي أو التبرعات الغذائية، كما أعتقد أنه بالإضافة إلى الحكومة، يمكن للهيئات الخاصة والشركات والأفراد أن يلعبوا دوراً جوهرياً أيضاً في مكافحة أزمة الجوع العالمية، فالرغبة في مساعدة الآخرين جزء من طبيعتنا الإنسانية في نهاية المطاف.