في الوقت الذي امتلأت الساحة الفنية بأنواع هجينة دخيلة على الأًصالة العربية الحقيقية تُطلق وزارة الثقافة السعودية الدورة الثانية من مهرجان الغناء بالفصحى في الرياض، ورغم وصولنا إلى زمنٍ غزت فيه المسارح أغنيات قد لا تعكس المعاني الإنسانية المميزة تجدد الفنانة السورية فايا يونان -الملتزمة بالأداء الراقي- في هذا المهرجان تواصلها مع الجمهور العربي في ليلة الختام مُقدّمةً لهم بعض أهم روائعها ك (حب الأقوياء)، و(في الطريق إليك)، و (غنّي)، بالإضافة إلى تأديتها لأيقونات غنائية فصيحة مثل (أهواك)، و(يا زهرة في خيالي)، و(الليل يا ليلى)، ليتفاعل معها الحضور بكافة حواسهم ومشاعرهم لا سيما مع تواجدها الأول في عاصمتهم العزيزة. التقينا في صحيفة الرياض الفنانة فايا يونان عقب الانتهاء من حفلها وأجرينا معها حواراً؛ أفادت فيه بأنها تتشرّف أن تكون جزءاً من هذا المهرجان، ويعني لها الكثير وجود مثل هذه الأحداث التي تُعنى بالأغنية الفصيحة وغناءها، وتُسلط الضوء على هذا اللون الفريد الذي اعتمدته فايا في بداياتها، من خلال أغنية (أحبّ يديك) التي استهجنها بعض أصدقائها كخطوة أولى في مسيرتها، ولكنّها امتلكت حلماً متعلقاً بغناء القصيدة وتأديتها بأفضل الطرق الممكنة وثابرت التقدّم في طريق هذا الحلم، واليوم أثناء وقوفها على المسرح تذكرت تلك التفاصيل المرتبطة بسماعها عدة تعليقات حول كونها صغيرة في السن ولا ينبغي لها أن تحصر نفسها في هذا النوع الغنائي، ولكنها امتلكت أيضاً عدة أغنيات باللهجة المحكية في بلاد الشام، كما أنّها حرصت على غناء شيء من تراث جميع البلاد التي زارتها، ولكن فكرة تخصيص نصف برامجها في الحفلات للفصحى كان أمراً مستغرباً للكثيرين حتى جاء هذا اليوم في مهرجان الغناء بالفصحى لتعتبره تكريماً حقيقياً للغتنا التي تجد بأنه ممنوع عليها الموت. وحول إن كان لاهتمامها الملحوظ بغناء القصائد الموزونة خلفية مرتبطة بالطفولة أجابت فايا يونان بأن الجمهورية العربية السورية تهتم بهذه اللغة للغاية للدرجة التي يرسب بها الطالب في شهادة الثانوية العامة إن أخفق في مادة (العربي)، كما أن البيئة التي كبرت بها كانت بيئة مهتمة بالشعر والأدب، حيث كان والدها يحرص على جلب روايات وقصص أدب الأطفال كهدايا لأبنائه، ما جعلها عاشقة للقراءة، إضافة إلى حرصها بالعموم على تعلّم اللغات وإتقانها، وبالرغم من تغرّبها عن سوربة في عمر الحادية عشر إلا أنها استطاعت تأدية القصائد على درجة عالية من الجودة بسبب الأساس القوي الذي تمتّعت به. وعبّرت فايا عن فخرها بتشارك مسرح أبو بكر سالم هذه الليلة مع عملاقين في الغناء العربي وهما كاظم الساهر وعزيزة جلال، وفي هذه المناسبة قالت بأنها تتشرف وتتمنى أن تغني إحدى قصائد الشاعر السوري نزار قباني الذي تعتبره من خير سفراء سوربة، مؤكدةً على أن البارزين في مجلات الثقافة والأدب والغناء والموسيقى هم من يعبرون عن أوطانهم أفضل تعبير. وفيما يتصل بالنقاط التي تنقصها حتى ترضى عن نفسها وأدائها بالإضافة للإحساس العالي والتكنيك المتميز أشارت يونان إلى أنها تسعى للمحافظة على المقومات الموجودة لديها بالشكل المنشود وصقلها جنباً إلى جنب مع الخبرة اللازمة للفنان كي يستمر بالتأثير، وضربت مثالاً على ذلك بأنها اليوم مرتاحة تماماً بالغناء رغم نقل الحفل بشكل مباشر على إحدى القنوات التلفزيونية؛ ولعل هذا الأمر لم يكن ليحدث بهذا المستوى في السنوات الماضية عندما كانت خبرتها لم تزل متواضعة، ومن المهم للفنان أن يواظب على النقد الذاتي وليس جلد النفس حتى يدوم تألقه، ووصفت شعورها أثناء الغناء منذ الطفولة وحتى الآن بأنه يشبه شعور التواجد في المنزل والطيران في سماء الوطن الأمر الذي نقل أحاسيسها الصادقة للجمهور بسلاسة. وبعد الجولة الحافلة التي تنقّلت خلالها بين مسارح الأردن وسوريةض ومصر والإمارات وختاماً السعودية ختمت حديثها بأنها تتمنى أن تقف على العديد من المسارح في العالم، وتطمح لتقديم مسرحيات غنائية مستندةً في ذلك على شغفها بمشاهدة مثل هذه الأنواع المسرحية إضافة إلى حلمها بالغناء في الأراضي الفلسطينية التي تعني لها الكثير. فايا يونان على المسرح