قبل ستة أعوام في برنامج داوود الشريان "الثامنة" استضاف فنان العرب محمد عبده وصرح أنه قابل الموسيقار محمد عبدالوهاب في بدايات مسيرته الفنية بمصر ويخبر من حوله من موسيقيين وقال: "كلهم فنانون لكن محمد عبده جاي بمشروع مش عاوز يغني وبس"، وفي لقاء تلفزيوني قديم عبر برنامج من الألف إلى الياء سأله المذيع ما رسالتك الفنية؟ ليجيب الفنان القدير محمد عبده: أن أقدم ما يشرف فن بلدي. بين نبوءة الموسيقار بمشروع محمد عبده وما صرح به محمد عبده بالتأكيد على رسالته الفنية تشريف فن بلده وبعد مرور ما يقارب 60 عاماً في مسيرته الفنية الثرية أكاد أجزم أن المشروع اكتملت أركانه وأصبحت الأغنية السعودية في وضع متقدم ومنتشر، ولها لونها ورونقها الخاص، وكل ذلك أتى من خلال عمل دؤوب متقن وصوت شجي لامس مشاعر أجيال وحتى الآن. وبالطبع لست هنا بصدد المدح وإن كان مستحقاً بقدر إظهار الصورة الحقيقية للأغنية السعودية وارتقاء مكانتها للمستمع الخليجي والعربي، فرغم ظروف القيود المحيطة بالموسيقى بمجتمعنا في فترة زمنية ليست بالقليلة كانت الأغنية السعودية محلية "شعبية" لا تستطيع تطوير أدواتها ونوتاتها الموسيقية لعدم وجود مشروع واضح لتطويرها، فكانت أقرب لاجتهادات فردية ورغم ذلك خرجت لنا ترانيم جميلة بصوت منخفض على تقاسيم عود تتلاعب بها أنامل ذهبية سدت إلى حد ما احتياج محبي الموسيقى على المستوى المحلي.. وللإنصاف فمشروع محمد عبده بقصد أو بدون قصد اشترك فيه مجموعة كبيرة تقاسموا معه نفس الهم والطموح في مقدمتهم الراحل صوت الأرض طلال مداح ونخبة كبيرة من الشعراء والملحنين الذين سطروا أروع الكلمات والأنغام.