اليوم الوطني لبلادنا حاضرنا الماجد وماضينا المجيد، عز وفخر، محفز ودافع وملهم، محفز للمسؤولين أن يشدّوا الحزام ويعدّوا العتاد، لتمضي السفينة، وتعبر الصِعاب، مُحفّزٌ للمسؤول أن يخطط ويرسم لتسير القافلة نحوَ ما يستحقه اليوم الوطنيّ وما يليقُ بيومِ توحيد بلادنا. فاليوم الوطنيّ يوم بناء مجد على يدِ رجلٍ فذ فكّرَ وجاهدَ وناضلَ مع قلّة ذاتِ اليد وبعد المكان والزمان؛ إلا أنّ العزيمة أقوى من التحديات، فكما قال المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز "العزمُ أبو الحزم أبو الظفرات"، نعم العزمُ والحزم تليها بإذن الله الظفرات والفوز وتحقيق المُراد.. اليوم الوطنيّ الثاني والتسعون يأتي وقد تحقق الكثير من الإنجازات التي خُطط لها وِفقَ رؤيةٍ ثاقبةٍ مدروسة بعناية فائقة. الرياض وشقيقاتها الأخر، مهوى السّاسة والاقتصاديين؛ فمن خلالِ تلك المُدن تُحَل مُشكلات وتُعالج مُعضلات وتُحفظ حقوق وتُرسَم خُطط ويُبنى سلام وتُحقق آمال؛ لننظر إلى العالم، إذا ما اشتدّ كربه، وعَظُمَ خطبه، يلجأ بعد الله إلى المملكة العربية السعودية. فكم مؤتمراتٍ دولية عُقِدت وكم تمخّضَ عنها من نتائج من أجلِ إسعاد الإنسانية كل الإنسانية؛ لمعالجة المشاكل المُعاشة، وما أدل على ذلك من معالجة مشكلات الطاقة ونقص الوقود، ومن خلال ولاة أمرها - يحفظهم الله - ملكًا ووليَ عهد تُستمد الرؤية والمشورة. إنّ ما تحقق من إنجازاتٍ على كافة الأصعدة لم يجئ عفوَ الخاطر ولا محضَ الصدف، بل جاء بتوفيقٍ من الله، ثُمّ حكمٍ رشيد تبنّته المملكة منذُ توحيدها، مرورًا بملوكها الذين حكموا حتى هذا العهد المُبارك، عهد سلمان الخير، وولي عهده القوي الأمين، فبهما تشقُ السفينة عباب الخُطط الاستراتيجية، وبحكمها الرشيد بزّت المملكة العربية السعودية الكثير الكثير من الدول، فمع صحرائها وقلّة مائها؛ إلا أنّ عزيمة ولاة أمرها ومواطنيها تحقق الكثير مما يُرنى إليه، فقد اُستغلّت ثروة باطن أرضها؛ ليُبنى به ما فوقها، والبُنى التحتية شاهدةٌ على ذلك. فتعليمها وصحتها واقتصادها يُدرّس كنموذج حكم، وما يشهدهُ الحرمان الشريفان من بذلٍ سخي وبذلٍ غيرِ محدود؛ بل ممدود، وبلا منٍّ أو أذى، خيرُ شاهدٍ على مقدرتها، على البناء والتخطيط المدروس، وتحقيق متطلبات الوطنِ والمواطنِ والمقيم، وامتد خيرها إلى كلٍّ ذي حاجةٍ. فقد وقفت مع أكثر من 86 دولة عبر تنفيذ 2086 مشروعًا إنسانيًا لمساعدة الفئات المُحتاجة والمتضررة بقيمةٍ وصلت 6 مليارات دولار، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ ناهيك عن مئات المليارات من المساعدات كقروضٍ وودائع وغيرها. والمملكة تؤكّد دومًا وأبدًا أهميّة التعاون الدولي والعمل المُشترك لدعم نمو الاقتصاد العالميّ، ومن خلال رؤية المملكة 2030؛ حَرُصت على تنمية شتّى العلوم من فنون وثقافة لما لهما من صنيعٍ حاضر مزدهر ومستقبل مشرق يُعزز من قدرتها على استقطاب المبدعين وتفعيل الحوار والتواصل بين الأمم. وها هي المملكة الأولى في الجودةِ البحرية للقرنِ الحادي والعشرين؛ وذلك لحصولها على شهادة في الجودة البحرية USCA كأولِ دولةٍ في الشرق الأوسط من بين 26 دولة على مستوى العالم، وتنطلق لمستقبلٍ رُسِم لها ووِفق رؤيتها، هدفها بناءُ دولة حديثة قويّة، ينعمُ كل من يعيش على ترابها أمنًا وأمانًا، فضلاً عن رفاهيته ورغد عيشه وشعوره بأمنه الاقتصاديّ والغذائي والاجتماعيّ والنفسي، وهذه الانطلاقة سريعةٌ قويّة، دُرِسَت وِفقَ دستورها ونظامها، وما استضافة المملكة العربية السعودية للقمّةِ العالميّة للذكاءِ الاصطناعيّ وبرعايةٍ كريمةٍ من وليّ عهدها القويّ الأمين محمد بن سلمان - يحفظه الله - وبحضورِ أكثرِ من عشرةِ آلاف شخص من تسعين دولة؛ يُمثّلون كُبرى الشركات التقنيّة حول العالم وصانعي سياسات الذكاء الاصطناعيّ؛ إلا أحد أهم سِمات رؤية 2030؛ وذلك لاستشرافها لكلِ جديد أو مُرتَقب من المعارف الإنسانية والمُستكشفات والاستعداد للانتقالِ إلى المُستقبل بخُطى ثابته، ويؤمّلُ ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعيّ أنّ ذلك خيرًا للبشرية جمعاء لما له من دورٍ في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة؛ التي أقرّتها الأمم المُتحدّة إلى عام 2030، وبلادنا رعاها الله، سبقت دول العالم باستشرافها أن التقنية ضرورة مُلحّة لا بُدّ من مواكبة تطوراتها كافة. وكل يومٍ وطنيّ لبلادنا يشعِر أنّ القافلة تسيرُ نحوَ مُستقبلٍ مُشرق يرفدهُ الأمل والحُلم والطموح والإيمان بأنّ الخيرَ قادم. بُورِك بيومنا الوطنيّ وبُورِكت بلادنا وبُورِك مواطنيها والمقيمين على أرضها وبُورِك في ولاة أمرها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الشاب القوي الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز اللذينِ يبذلان كُلّ المُستطاع لتسيرَ بلادنا؛ وِفقَ رؤيتها ووفق ما رُسِم لها. دامت المملكة ترفلُ عِزًا ومجدًا وسؤددًا. إن الإرث الذهبيّ العَطِر الذي أورثهُ موحّد البلاد وباني قواعدها ومُرسي مراكبها بعد الله سبحانه وتعالى الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -؛ الإرث الذي نتفيأ ظلاله ونستظل بظله ونُباهي به؛ حريٌ بالآباء أن يُسمِعوا الأبناء تلكم المسيرة وكيف وصلت إليهم وما هم فيه من رغدٍ عيش، وأمن وخير ونعم وفضل من الله جاء بتوفيقٍ من الله ثم من جهدٍ وجهاد ومثابرة وصبر وتصابر وعمل دؤوب وفكرٍ ورؤى ثاقبة وتحمّل مسؤولية، ويؤكّد ذلك مقولة خادم الحرمين الشريفين: "إننا نبذل الغاليّ والنفيس من أجلِ عزّة وطننا". وقول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: "همّة الشعب السعودي كجبل طويق"؛ وذلك لبناء دولة يستحقها موحدها ومورثها المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن. إنّ هذا الإرث العطر ملحمة كفاح فليرويها الآباء للأبناء ولتتناقلها الأجيال ولتنقش بمداد من ذهب.