تحتفل المملكة العربية السعودية هذه الأيام بيومها الوطني المجيد، الثاني والتسعين، الموافق الأول من الميزان، الذي يصادف الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، وهو يوم إعلان توحيد المملكة وتغيير مسماها إلى المملكة العربية السعودية. في هذا اليوم المجيد نستحضر الملحمة العظيمة التي سطرها الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ورجاله المخلصون رحمهم الله جميعاً، ليكون نبراساً للأجيال الناشئة لكي تستلهم الدروس والعبر التي ولدت من رحم المعاناة. لم يكن طريق الملك عبدالعزيز سهلاً أو مفروشاً بالورود، بل كان الطريق شائكاً وبالغ الصعوبة والتعقيد. ولكن همة وإرادة الملك عبدالعزيز كانت أقوى من كل تلك الصعوبات والعوائق التي واجهها هو ورجاله المخلصون، وكان الثالوث الخطير الجهل والفقر والمرض يفتك بالمكونات البشرية في الجزيرة العربية، وكان التناحر والفرقة عنوان تلك المرحلة، كما كان السلب والنهب منتشراً بين الناس في ظل انعدام الأمن وانفلاته. بدأ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - رحلة التوحيد من الرياض التي استعاد فيها حكم أجداده في الخامس من شوال عام 1319 ه، ثم انطلق منها إلى باقي مناطق المملكة لتوحيد هذه القارة مترامية الأطراف، ونجح في مهمته الصعبة أيما نجاح، حتى إن بعض المؤرخين العالميين اعتبروا توحيد المملكة العربية السعودية أعظم وحدة شهدها التاريخ الحديث. بعد توحيد الدولة واستتباب الأمن، الذي يعد أساس واستقرار ونجاح جميع مجالات الحياة المختلفة، اهتم الملك عبدالعزيز بالتعليم والصحة والمواصلات، لكونها مقومات الحياة لأي مجتمع في العالم. ثم بدأ بتأسيس علاقات دبلوماسية ودولية متوازنة مع دول العالم المختلفة وخصوصاً القوى العظمى. وأكمل المسيرة من بعده أبناؤه الملوك رحمهم الله. وفي هذا العهد الزاهر، عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -، حدثت نقلة نوعية على مختلف المجالات والصعد، واستطاعت المملكة أن تقارع وتضاهي دول العالم سياسياً واقتصادياً وتنموياً، كما أصبحت محور ثقل سياسياً واقتصادياً عالمياً وعنصراً مهماً في صناعة القرار العالمي؛ نظراً للمكانة الرفيعة والعالية التي تبوأتها المملكة من خلال رؤيتها المباركة 2030، التي يقودها عراب التغيير والتطوير وباني نهضة المملكة الحديثة، سيدي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله. حفظ الله المملكة وقيادتها الرشيدة وشعبها الوفي وجنودها البواسل، الذين يذودون عن ثغورها وتخومها، وكل عام والوطن بألف خير. * أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية في جامعة الملك سعود