عادت طوابير انتظار المركبات أمام محطات البنزين ومادة الديزل في المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران بعد ساعات من قيامها بإغلاق جميع المحطات رغم توفر كميات كبيرة في مخازن المحطات واستمرار تدفق الوقود، وفي الوقت نفسه أعادت الميليشيا تفعيل السوق السوداء في جميع المحافظات التي تسيطر عليها، وسط استياء وغضب شعبي يمني واسع. وفي تصريحات لرئيس المجلس السياسي للانقلاب الحوثي وبيان شركة النفط الحوثية، ادعت الميليشيات أن تحالف دعم الشرعية يقف خلف أزمة المشتقات النفطية عبر احتجاز سفن الوقود. على أن تلك المزاعم الحوثية فضحتها تصريحات وبيانات المسؤولين الأمميين وإحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، أمام مجلس الأمن الدولي، والتي أكدت تدفق واردات الوقود إلى مواني الحديدة بسلاسة منذ بداية الهدنة، فيما أكد مصدر أممي وقوف الحوثيين خلف عرقلة دخول العديد من سفن الوقود إلى مواني الحديدة منذ أسبوعين. وحذر مصدر أممي الميليشيا من تداعيات قيامها بعرقلة وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة عبر إجبار الشركات وتجار المشتقات النفطية على مخالفة القوانين النافذة والآلية المعمول بها لاستيراد الوقود عبر مواني الحديدة، مشيراً إلى تداعيات اختلاقها أزمة مشتقات نفطية على حياة السكان في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتها. وقال مصدر في الأممالمتحدةل»الرياض» إن الحوثيين يعرقلون دخول عدد من سفن الوقود ويمنعون وصولها إلى مواني الحديدة منذ منتصف أغسطس الماضي، ما تسبب باختلاق أزمة مشتقات نفطية في مناطق سيطرتهم وعودة السوق السوداء التي يحصلون منها على عوائد مالية مضاعفة حيث يبيعون البنزين ومادة الديزل بأسعار تزيد على ثلاثة أضعاف قيمتها». وأكد أن «الوقود تدفق بسلاسة إلى مواني الحديدة منذ بداية الهدنة في 2 أبريل التي جرى تمديدها للمرة الثالثة وساهمت في تخفيف الأزمة إلى حد كبير». مضيفاً أن «الأممالمتحدة تفاجأت منتصف شهر أغسطس الماضي بعرقلة الحوثيين لدخول عدد من سفن المشتقات النفطية التي حصلت على تصاريح من آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة والحكومة اليمنية». وأضاف أن «تدفق سفن الوقود يتم وفقاً للآلية المعمول بها في استيراد ونقل وتفتيش السفن منذ بداية الهدنة». مشيراً إلى أن الأممالمتحدة والحكومة اليمنية منحتا تصاريح دخول لعشرات السفن المُحملة بالمشتقات النفطية إلى مواني الحديدة منذ بداية الهدنة المعلنة في 2 إبريل الماضي وحتى منتصف أغسطس المنصرم. وقال إن» الآلية المعمول بها لاستيراد وإدخال سفن الوقود إلى مواني الحديدة، تتم بإشراف الأممالمتحدة والحكومة اليمنية، وبموجب تصاريح من آلية التحقق والتفتيش الأممية (UNVIM) وتصاريح سيادية صادرة من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً». وأنشأت آلية الأممالمتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن بناءً على طلب من الحكومة اليمنية لضمان الامتثال لقرار مجلس الأمن رقم 2216 وذلك بتفتيش السفن المبحرة إلى المواني اليمنية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران. وقامت آلية الأممالمتحدة للتحقق والتفتيش منذ إنشائها في العام 2015 وحتى يوليو الماضي بتخليص ما يزيد على 1600 سفينة لضمان وصول المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود والسلع التجارية الأخرى إلى الرجال والنساء والأطفال اليمنيين بحسب تصريحات ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة. وقال مسؤول في الحكومة اليمنية ل»الرياض» إن مندوبين عن وزارة النقل التابعة للحكومة اليمنية يعملون ضمن آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة ومقرها في جيبوتي. وقال هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي «إن آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في اليمن دوراً محوريا في تسهيل الاستيراد السلس لسفن الوقود الى الحديدة بموجب التكليف الذي حدده مجلس الأمن». وكشف المصدر الأمميل»الرياض» أن الحوثيين يحاولون منذ منتصف الشهر الماضي تجاوز الآلية الحكومية الأممية السارية والمعمول بها لاستيراد الوقود ويجبرون العديد من التجار والشركات التجارية على القوانين والآليات الرسمية السارية، ما أدى إلى عرقلة وصول العديد من السفن النفطية إلى ميناء الحديدة» لافتاً إلى أن الحوثيين يتحملون مسؤولية منع وتأخير دخول سفن الوقود والتسبب بأزمة مشتقات نفطية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وأوضح المصدر الأممي أن عرقلة دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة ومحاولة الحوثيين تجاوز الآلية المعمول بها منذ بداية الهدنة الأممية «يعد تصعيداً خطيراً وخرقاً متعمداً لا يقل عن الخروقات التي تشكلها الهجمات العسكرية على مدينة تعز وتعرض الهدنة والجهود المبذولة في مسار السلام لخطر العرقلة وعودة مسار التصعيد». في السياق أبلغت الحكومة اليمنية «المبعوث الأممي والدول الراعية للعملية السياسية بخطورة محاولة الميليشيات تجاوز الآلية المعمول بها والتي تهدف من ورائها لتسهيل استيراد النفط المهرب وإدخال المواد المحظورة وتمكين الشركات الخاصة التابعة للقيادات الحوثية من استيراد الوقود بشكل مباشر بالإضافة إلى إعادة تشغيل السوق السوداء التي يجني من ورائها الحوثيون أموالا طائلة». وقالت الخارجية اليمنية في بيان لها إن «الإجراءات هي ذاتها التي يجري التعامل بها منذ بداية الهدنة المعلنة في 2 أبريل 2022، وهي نفس الإجراءات تماما التي تطبق في بقية مواني الجمهورية». وأضافت أن الميليشيا «تجبر منذ 10 أغسطس الماضي الشركات وتجار المشتقات النفطية على مخالفة القوانين النافذة والألية المعمول بها لاستيراد المشتقات النفطية عبر مواني الحديدة منذ إعلان الهدنة في 2 أبريل 2022، ما يؤدي إلى عرقلة دخول سفن المشتقات النفطية بشكل منتظم وفقا لبنود الهدنة الجارية وخلق أزمة مصطنعة في الوقود». وأكدت الخارجية اليمنية أن «الميليشيا تسعى لخلق أزمة مشتقات نفطية غير حقيقية بهدف ضخ الكميات المخزنة من النفط، التي تم إدخالها من بداية الهدنة ككميات تجارية، إلي السوق السوداء لمضاعفة أرباح الجماعة منها». مشيرة إلى أنه «تم تفريع عدد 35 سفينة في ميناء الحديدة وهي جميع السفن التي تقدمت بطلباتها خلال الفترة وتحمل كمية مشتقات تقدر ب 963،492 طنا». وأشار إلى أنه «على الرغم من أن الميليشيات تحصل على كافة إيرادات الحديدة من الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات إلا أنها تفتعل هذه الأزمة من أجل حرمان المواطنين من المشتقات النفطية كما حرمتهم من رواتبهم المستحقة وفقا لاتفاق إستكهولم»، مؤكدا أنها «حين تفتعل ذلك تضرب بعرض الحائط ببنود الهدنة القائمة وتتجاهل النتائج الإنسانية على الشعب اليمني». وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ قد أشار في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن قبل أسابيع إلى استمرار تدفق الوقود بسلاسة إلى مواني الحديدة منذ بداية الهدنة الأممية، مؤكداً أن «تدفق واردات الوقود ساهم في تخفيف الأزمة وساعد على تجنب الاضطرابات في الخدمات العامة الأساسية التي تعتمد جزئيا على الوقود مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية والكهرباء ووسائل النقل وأحدث فرقا قيّما في الحياة اليومية لليمنيين ورفاههم». ودأبت الميليشيا بشكل متكرر للهروب من استحقاقات الهدنة الأممية الحالية ابتداء برفضها غير المبرر لفتح الطرقات وفك الحصار المفروض على مدينة تعز وفقا للهدنة، وتعطيل اجتماع اللجنة العسكرية الذي كان منعقدا في العاصمة الأردنية عمان برعاية مكتب المبعوث الأممي. كما حاولت الميليشيا مؤخرا إغلاق آخر المنافذ التي تتنفس منها مدينة تعز عبر الهجوم على منطقة الضباب، إضافة إلى خرقها الصارخ لاتفاق ستوكهولم وللهدنة عبر نقل وحشد القوات وتنفيذ العروض العسكرية وآخرها في الحديدة، فضلا عن الخروقات العسكرية اليومية داخل اليمن والتي تستخدم فيها الطيران المسير والصواريخ الباليستية».