سفن نفطية جديدة دخلت المناطق الواقعة تحت احتلال ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران عبر ميناء الحديدة، وسط أزمة وقود خانقة افتعلتها الميليشيا، في سياق سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها بحق الشعب اليمني من خلال افتعال الأزمات بغرض المرابحة المالية عن طريق رفع الأسعار وبيع المشتقات النفطية في السوق السوداء وإغراق اليمنيين في الجوع والفقر، وابتزاز العالم والمتاجرة بالمأساة الإنسانية التي صنعتها. وبعد مرور أكثر من أسبوع على دخول سفن الوقود والمشتقات النفطية إلى المناطق الواقعة تحت احتلال الميليشيات، لا تزال المحطات مغلقة والأزمة المفتعلة مستمرة، فيما الكميات التي دخلت من البترول والغاز وكذلك الديزل لم تصل إلى المواطنين، وسط تساؤلات عن مصيرها. ويعيد اليمنيون طرح الأسئلة نفسها كل مرة، وفي المقابل السرقة الحوثية مستمرة ومتصاعدة، مع محاولة الميليشيا للتغطية عليها عبر رمي المسؤولية على الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وأحياناً على التجار غير الموالين لها، رغم أن جميع الشركات النفطية التي تستورد الوقود إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرتها تابعة لقيادات بارزة فيها، وعلى رأسهم المتحدث باسمها، محمد عبدالسلام، الذي يملك ثلاث شركات نفطية. وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة قد كشف عن قيام ميليشيات الحوثي بإنشاء شركات نفطية تستخدم كغطاء لاستثمار قيادات حوثية رفيعة في مجال استيراد وبيع المشتقات النفطية ومن بينها شركة تامكو، وشركة ستار بلس التابعتان لصلاح فليته، شقيق المتحدث باسم الميليشيات، محمد عبدالسلام فليته. مشيراً إلى أن "شركة تامكو" وحدها تسيطر على أكثر من 30 % من سوق استيراد الوقود التي تصل محافظة الحديدة. وأكدت تقارير خبراء مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، أن الحوثيين، يجنون سنوياً مبالغ هائلة تصل إلى أكثر من ثلاث مئة مليون دولار سنوياً، وما خُفي عن أعين فريق الخبراء أعظم. وعقب دخول دفعة جديدة من سفن المشتقات النفطية قبل أيام، أبدى المواطنون اليمنيون والمنظمات المحلية والتجار والصيّادون خيبة أملهم إزاء اكتفاء المجتمع الدولي والأممالمتحدة بالمطالبة بدخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، تحت ذريعة الأزمة الإنسانية، وتجاهلهم في الوقت نفسه عملية السطو عليها من قبل الميليشيا بمجرد وصول السفن إلى الميناء، وتحويل مسارها للأغراض العسكرية والقتالية في ظل عدم قيام الأممالمتحدة بتنفيذ تعهداتها بضمان وصول الوقود للسكان والقطاعات الخدمية في المناطق الواقعة تحت احتلال الميليشيات. ومنذ أن اعترفت شركة النفط التابعة لقيادة الميليشيا الحوثية بدخول أربع سفن عملاقة محملة بمشتقات نفطية تغطي صنعاء وبقية المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها قبل نحو أسبوع، إلا أن الكميات التي دخلت اختفت كالعادة ولم تذهب للأغراض الإنسانية. ورغم أن المشتقات النفطية التي وصلت عبر ميناء الحديدة تحتوي على كمية كافية وكفيلة بإنهاء أزمة الوقود المفتعلة، وتغطية حاجة المستشفيات والمؤسسات والمراكز الخدمية وشبكة الصرف الصحي وقطاع النظافة والتحسين، غير أن الميليشيا استحوذت على جزء كبير منها وحولت مسارها لصالح العمليات القتالية والهجوم على محافظة مأرب. وقال مسؤول طبي في صنعاء "طلب عدم الكشف عن هويته": إن الميليشيات عرقلت حصول المستشفيات على الوقود رغم الحاجة الماسة لها، مشيراً إلى أنها عرضت عليهم الكميات المخصصة للقطاع الطبي والصحفي ولكن بأسعار السوق السوداء التي تديرها، وتصل إلى عشرة أضعاف السعر المحدد، إضافة إلى شروط أخرى على كل مستشفى خاص، منها معالجة مجانية لخمسة جرحى يومياً من عناصرها الذين أصيبوا في جبهات القتال. وكانت الحكومة اليمنية قد عبرّت للأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن مخاوفها من عدم وصول المشتقات النفطية لليمنيين والمراكز المدنية والمستشفيات والقطاع التجاري، مؤكدة أن الميليشيا متأهبة لنهب وسرقة كميات الوقود المخصصة للأغراض الإنسانية واستخدامها لتمويل وتحريك آلياتها العسكرية ومعداتها وبيعها جزءاً كبيراً منها في السوق السوداء. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد أكد خلال اتصال برئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، الخميس الماضي: إن "الإدارة الأميركية تتفهم قلق الحكومة من استخدام الحوثيين لعائدات المشتقات النفطية لتمويل حملاتهم العسكرية ضد محافظة مأرب". ورغم تعثر آلية الرقابة الأممية على إيرادات ميناء الحديدة، إلا أن الحكومة اليمنية واصلت منح التصاريح للمنظمات الدولية لإدخال السفن النفطية للأعمال الإنسانية والإغاثية من دون قيد أو شرط، ودخلت عشرات السفن بموجب طلب الأممالمتحدة، إضافة إلى دخول سفن الوقود الخاص بالقطاع الصناعي والإنتاجي. وجددت الحكومة اليمنية تحذيرها من عودة نهب عائدات واردات المشتقات النفطية التي تدخل عبر ميناء الحديدة من ضرائب وجمارك ورسوم قانونية والمخصصة لصرف رواتب موظفي الدولة، وفق كشوفات 2014. وكانت الميليشيا قد نهبت خلال الأشهر الماضية 50 مليار ريال يمني من عائدات المشتقات النفطية من الحساب المشترك المخصص لصرف رواتب الموظفين في البنك المركزي بمحافظة الحديدة، لتمويل أعمالها الإرهابية وهجومها على محافظة مأرب التي يقطنها أكثر من مليوني نازح. فيما أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن على قيام الحوثيين بنهب الأموال من الحساب المشترك في بنك الحديدة، وكانت مخصصة لصرف رواتب الموظفين المدنيين بحسب اتفاقية استوكهولم.