لم تلتزم ميليشيات الحوثي الإرهابية ببنود اتفاق الهدنة الأممية السارية التي تنتهي 2 أغسطس القادم، وبدلاً من ذلك، حاولت وضع عراقيل جديدة أمام الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية التي تقودها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، لتمديد الهدنة بين الأطراف اليمنية. وتضمنت بنود اتفاقية الهدنة السارية بين الحكومة الشرعية اليمنية، وميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، صرف رواتب الموظفين المدنيين في المناطق الواقعة تحت احتلال الحوثيين، وفق سجلات الخدمة المدنية 2014، من عوائد شحنات الوقود التي تدخل عبر ميناء الحديدة، إضافة إلى فتح طرقات تعز، واستئناف الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء الدولي إلى وجهتين عربيتين، هما مطار عمّان ومطار القاهرة الدولي، كما تضمنت فتح ميناء الحديدة أمام سفن المشتقات النفطية. والتزمت الحكومة الشرعية اليمنية بتنفيذ كل التزاماتها من بنود الهدنة بتنسيق وتعاوناً مع قيادة التحالف العربي، إذ جرى تسهيل دخول سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة منذ اليوم الأول من الهدنة التي بدأت في 2 ابريل الماضي، كما استؤنفت الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى القاهرة وعمّان. ووفقا لبيان مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، فقد تم خلال الهدنة تشغيل 20 رحلة جوية ذهابا وإيابا بين صنعاء وعمّان، ورحلة واحدة ذهابا وإيابا بين صنعاءوالقاهرة، أقلت جميعها ما يزيد على 8 آلاف مسافر. وأوضح البيان الأممي أنه في الفترة من الثاني من أبريل إلى 21 يوليو 2022، دخلت 26 سفينة وقود ميناء الحديدة تحمل 720 ألف و270 طنا من مشتقات الوقود، مؤكدا أن هناك المزيد من سفن الوقود التي ستصل لليمن. وعلى الرغم من دخول كميات كبيرة من المشتقات النفطية إلى المناطق الواقعة تحت احتلال الحوثي، منذ بدء سريان الهدنة الأممية، ونهب الميليشيات لمئات المليارات من عوائد سفن الوقود، إلا أنها تواصل رفض تسليم رواتب الموظفين المدنيين الحكوميين المتوقفة منذ العام 2016، حسب ما تضمنته بنود الهدنة السارية، ونص عليه سابقاً اتفاق ستوكهولم الموقع بين الحكومة الشرعية اليمنية والميليشيا أواخر العام 2018. وقد عبر المبعوث الأممي إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي عن شكر وتقدير الأممالمتحدة للحكومة اليمنية وتعاون التحالف العربي في تنفيذ بنود الهدنة المتعلقة بدخول سفن الوقود عبر ميناء الحديدة واستئناف الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء الدولي. كما أبلغ مجلس الأمن الدولي برفض ميليشيات الحوثي لمقترح الأممالمتحدة لفتح طرقات مدينة تعز، والتخفيف من معاناة السكان فيها، وعبر في بيان لاحقاً عن أدانته للهجوم الحوثي "الذي استهدف حيا سكنيا في مدينة تعز، السبت الماضي، وتسبب بمقتل طفل وإصابة 11 آخرين، أغلبهم دون سن العاشرة، فيما البعض منهم في حالة حرجة، حيث توفي طفل واحد متأثراً بجراحه". وفي إشارة إلى ما يتعرض له سكان محافظة تعز اليمنية، جراء الحصار الخانق الذي تفرضه ميليشيات الحوثي منذ أواخر العام 2015، أوضح المبعوث الأممي أن "أهالي تعز يعانون معاناة شديدة خلال سبع سنوات من الحرب، وهم أيضا بحاجة إلى الهدنة لتحقيقها لهم من جميع جوانبها". كما أدان أمين عام الأممالمتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان لنائب المتحدث باسم الأمين العام، الهجوم الحوثي "الذي استهدف حي سكني بمدينة تعز، السبت الماضي، وأسفر عن سقوط قتلى ومصابين أطفال معظمهم دون سن العاشرة" رغم سريان الهدنة التي ترعاها الأممالمتحدة. معرباً عن "قلقه بشكل خاص من أن هذا الهجوم، واحد من بين هجمات وقعت في أماكن أخرى في اليمن، خلال الهدنة". وفي السياق أوضح نائب منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن دييغو زوريلا أن أحد أبرز المشكلات التي تواجههم في اليمن استمرار إغلاق بعض الطرق في البلاد، في إشارة إلى أحد العناصر الرئيسية للهدنة الذي لم يتم تنفيذه بعد نتيجة تعنت الحوثيين، وخصوصاً رفضهم فتح طرقات تعز. وذكر زوريلا أنه تم عقد عدة جولات من المحادثات في الأردن ترأسها المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، والتي انتهت برفض وفد الحوثيين للمقترح الذي قدمه المبعوث وينص على فتح ثلاث طرقات رئيسية بمحافظة تعز، على أن يتم فتح بقية الطرقات بشكل تدريجي. على صعيد معاناة تعز جراء الحصار المفروض عليها من الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، فقد كشف تقرير حقوقي، يوم الاثنين الماضي، عن توثيق أكثر من 285 ألف حالة انتهاك خلال سنوات الحصار. وتحت عنوان (تعز، الحصار المُميت) صدر التقرير عن منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان (مقرها أمستردام) بعنوان (تعز، الحصار المميت) مؤكداً أن ضحايا الحصار الحوثي المفروض على تعز منذ منتصف 2015 وحتى منتصف 2022 تجاوز عددهم 10 آلاف مدني بينهم 2720 قتيلاً. وفي محاولة جديدة لعرقلة مساعي الأممالمتحدة والمجتمع الدولي لتمديد الهدنة، وضعت ميليشيات الحوثي عراقيل جديدة، الاثنين، تحت مسمى شروط للموافقة على تمديد الهدنة، ومن ضمنها إعفاء الميليشيات من البند الذي ينص على قيامها بتسليم رواتب الموظفين المدنيين في المناطق الواقعة تحت احتلالها، من عوائد سفن الوقود الواصلة عبر ميناء الحديدة، ودعت الحكومة الشرعية والتحالف العربي للقيام بصرف الرواتب بدلاً عنها. وقال مراقبون إن العراقيل التي تضعها الميليشيات المدعومة من إيران، أمام مساعي المجتمع الدولي والأممالمتحدة لتمديد الهدنة، تعد هروباً حوثياً من استحقاقات السلام ووقف الحرب، وتعكس إصرار الحوثيين على استمرار الحرب خدمة لأجندات وحسابات إيرانية. على صعيد متصل، قالت مجلة أميركية إن الحوثيين المدعومين من إيران رفضوا تجديد الهدنة التي توسطت فيها الأممالمتحدة في اليمن مع تنامي الضغط الدولي لإنهاء الحرب من جانب واحد. مشيرة إلى أن "تردد الحوثيين في المضي قدمًا بشروط سلمية لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل الحرب الأهلية التي تطورت إلى أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين".وقالت مجلة "19fortyfive" الأميركية إن بقاء حصار الحوثيين على مدينة تعز سيكون من العوائق الخطيرة المحتملة أمام تمديد وقف إطلاق النار، لافتة إلى أن استمرار الحوثيين في السيطرة على المدن ورفضهم وقف الأعمال العسكرية أعاقت السلام في اليمن من قبل. وأكدت المجلة أن "رفض ميليشيات الحوثي الموافقة على وقف إطلاق النار أو اتفاق السلام يرجع إلى أجندة النظام الإيراني مما يشير تورط إيران العميق في الصراع اليمني". .