من أبرز علامات المدير الناجح هي الانعتاق من النمط المركزي في توجيه دفّة العمل وذلك بالتوسع في منح الصلاحيات لأعضاء الفريق الذي قام بتشكيله لأداء المهمة، والاكتفاء بالإشراف وتذليل العقبات إن وجدت، ثم بعد ذلك يقوم بالتقييم بعد إنجاز العمل والمحاسبة بعد ظهور النتائج. إن العقلية المركزية لدى بعض مديري الإدارات هي العدو الأشرس للتطوير، والقاتل الأول لروح الإبداع لدى الموظفين. والإدارة التي يمسك بزمامها مُدير ذو تفكير مركزي جامد تُحتكر فيها المعلومة الإدارية وتتركز الصلاحيات فيها بيد موظف واحد؛ إما بيد المدير نفسه وإما بيد أحد الموظفين القريبين منه. فعند خروج المدير أو الموظف من الإدارة في إجازة أو لأمر آخر تتعطل الأعمال وتتأخر المصالح ريثما يعود. وهذا من الأسباب التي تؤدي إلى التَرهُّل الإداري وانعدام الإنجاز وضعف الأداء. ومع المدير ذي الفِكرِ المركزي تتحول شخصية الموظف إلى جمادٍ كالآلة الطابعة وآلةِ التصوير اللتين تتلقيان الأوامر بضغطة زر. حيث لا مجال له في التفكير الخلّاق ولا الرغبة في الإبداع، ولا فُرصة لديه للتجربة والخطأ، ثم التجربة والخطأ مرة أخرى، والتعلم من التجارب والإخفاقات ليكون فيما بعد مُبدعاً حقيقياً يمتلك أساليب الفِكرَ الناقد المتطور والروحَ القادرةَ على الابتكار. إن سِر النجاح السريع لرؤية 2030 هو أن عرّابها المُلهَم يتمتع بمرونة قياديةٍ عجيبة وبمهارةٍ إداريةٍ مُدهشة. يُحدد أهدافه ويُشكّل فريق العمل ويعطيه الثِقة ويمنحه الصلاحيات ثم ينتظر النتيجة ويُقيّم التجربة بالإضافة إلى أن قائدها الفذ قد أعلن في أكثر من مُناسبة عن إمكانية التعديل والتطوير في إجراءات الرؤية نفسها حسبما تقتضيه المرحلة والمصلحة. بهذا الفكر القيادي الإداري المتطور البعيد عن الأسلوب المركزي المتجمد المقيت تتطور المجتمعات وترتقي الدول وتنهض الأمم وتستقيم الحياة.