خطت وزارة الخدمة المدنية الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو مهمتها الأساس، تطوير أداء موظفي الحكومة وتغيير ثقافة الحكومة، بل ومفهوم العمل الحكومي، بعد طول انغماس في أعمال روتينية وجداول وإحصاءات صماء، أخيرا عرفت مكمن الداء وشخصته في الأداء الحكومي، أخيرا تحولت الوزارة للجانب الإنتاجي من عملها فأعلنت عن 10 مشاريع ضخمة لتطوير أداء موظفي الدولة، من خلال برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية، بهدف تكوين عنصر بشري عالي الأداء وتحقيق الرضا الوظيفي، وسيبدأ تطبيق مشاريع التطوير على 7 وزارات كمرحلة أولى (المدينة، 12 شعبان الجاري) إدارة الأداء من أهم أدوات إدارة الموارد البشرية لتكوين كوادر فعالة بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية والروتين الحكومي، تركز على بناء القادة، وتحفيز الموظفين، ومسؤولية ترهل العمل الحكومي تقع على الإدارة الوسطى. معظم الدول تعتبر منصب الوزير سياسيا بالدرجة الأولى، لكنه هناك مسؤول عن بطانته درجة أن يسارع بالاستقالة تحملا لخطأ أي من موظفيه، بيد أنه يظل منصبا سياسيا رمزيا مسؤولا عن التخطيط والإشراف، نحن لدينا خطط وقوانين ولوائح جيدة، مشكلتنا في التنفيذ، العربة التي ستجر هذا العبء وتوصيله لتحقيق أهدافه، عربتنا مهترئة وليس من مهمات الوزير التأكد من حسن عمل كافة موظفي وزارته، ذلك عمل الإدارة الوسطى من مديري العموم والوكلاء، هم عماد كل وزارة والأجدى تطوير أداءهم وقياسه بدقة لجعلهم قادة مؤهلين، والغريب أن التغيير يطال الوزراء وهم لا يتغيرون. تغيب عنا أمور أساسية في إدارة الأداء، ليس لدينا توصيف وظائف جيد، ليس هناك مؤشرات معلنة للأداء، ليس هناك خطوط واضحة للصلاحيات وحدود للتفويض، حتى عملية صنع القرار تبتسر في خطوة واحدة هي اتخاذه وربما من شخص واحد، هذه ليست مركزية بل سيطرة مفهوم الخيمة الذي يجعل من وزرائنا «شموسا شارزة» مما يطمس فكرة الشفافية، ارتباطنا بمفهوم «المشيخة» يربط قضايانا بشخص نراه الوحيد القادر على حلها، درجة أن فكرت وصديق أن نؤلف كتابا عن ظاهرة «الشيخدزم» في الإدارة. المسؤول الإداري الذي يفاخر أن بابه مفتوح للمراجعين يدين نفسه دون أن يدري، لو أن نظامه يعمل بكفاءة وخدماته تقدم بدون عوائق لما احتاج لفتح بابه لأحد ولما طرق بابه أحد أصلا. وزارة الداخلية، مثلا، أصبحت معظم خدماتها إلكترونية، المحاكم في الطريق إلى ذلك، فهل سيشمل تطوير الأداء الإجبار على التحول إلى الحكومة الإلكترونية؟ الأهم زرع الثقة في الإدارة الوسطى وتحميلها مسؤولية القضاء على التسيب الإداري المتفشي.