عند التعقيب على الحرب الروسية الدائرة حاليا في أوكرانيا، لا يكل المستشار الألماني أولاف شولتس من ترديد أن «هذه حرب بوتين». وفي المقابل يتبنى رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال رأيا مختلفا تماما، حيث قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «من المستحيل تقسيم الروس إلى صالحين وطالحين». ومن المنتظر أن يصل شميهال اليوم السبت إلى برلين، حيث يلتقي شولتس غداً الأحد. وسيكون شميهال أعلى مسؤول سياسي أوكراني يزور برلين منذ غزو روسيالأوكرانيا قبل نحو ستة أشهر. وكانت أوكرانيا اتهمت ألمانيا مرارا بقلة الدعم خلال الأشهر الأولى من الحرب، بينما يرى شميهال الآن أن ألمانيا أحرزت تقدما هائلا في دعم أوكرانيا بالأسلحة، وقال: «نحن ممتنون لألمانيا وللمستشار شولتس على الدعم. في البداية كان يُجرى فقط توريد معدات وقاية أو خوذات، اليوم يُجرى توريد أحدث الأسلحة: أنظمة دفاع جوي وقاذفات صواريخ متعددة ومدفعية وما شابه. بالطبع نريد الحصول على المزيد من الأسلحة والمعدات في أسرع وقت ممكن. نحن بحاجة إلى تغيير في فلسفة توريد الأسلحة. أعني بذلك: يجب أيضا توريد دبابات قتالية حديثة». تجدر الإشارة إلى أن تزويد أوكرانيا بشكل مباشر بالدبابات القتالية ومركبات المشاة القتالية لا يزال أمرا مثيرا للجدل في ألمانيا، حيث تتوخى البلاد الحذر حول أي شكل من أشكال التدخل العسكري الأجنبي. ولم تقدم أي دولة أخرى في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حتى الآن هذه الأنواع من أنظمة الأسلحة إلى أوكرانيا أيضا. وذكر شميهال أن كييف تتوقع أن تزودها الولاياتالمتحدة بدبابات «أبرامز» وألمانيا بدبابات «ليوبارد 2» بشكل مباشر، وقال: «هذه هي الدبابات الحديثة التي تحتاجها أوكرانيا في ساحة المعركة. كما أعلن الجانب الألماني عن تسليم أنظمة دفاع جوي «إيريس-تي» إلى أوكرانيا. يمكننا إجمالا استخدام 12 نظاما من هذا القبيل لتوفير حماية شاملة للمجال الجوي». وعن المطالب التي تتردد في ألمانيا بالتفاوض مع بوتين وتخفيف العقوبات ضد روسيا، قال شميهال: «ما يمكن قوله عن هذه المطالب هو أنها تعبير عن السذاجة والضعف والنفاق. علينا أن نرى بوضوح شديد أن روسيا تشكل خطرا - أيضا على أوروبا بأكملها»، موضحا أن المخاطر لا تقتصر على الجوانب العسكرية فحسب، بل إنها حرب مختلطة تمتد على سبيل المثال إلى قطاعي الطاقة والغذاء، مؤكدا أن الطريقة الوحيدة لمواجهة ذلك هي القتال معا، وقال: «يجب أن نحقق هذا الانتصار على روسيا سويا. يجب أن يستمر الدعم المالي وتوريد الأسلحة لأوكرانيا ويجب مواصلة تشديد العقوبات». وعلى خلفية معارضة المستشار الألماني لفرض حظر شامل على دخول المواطنين الروس إلى الاتحاد الأوروبي لقناعته بأن «هذه حرب بوتين» ولا ينبغي محاسبة جميع الروس عليها، أبدى شميهال معارضته لوجهة النظر قائلا: «بكل أسف تظهر استطلاعات الرأي أن حوالي 80 % من المواطنين في روسيا يؤيدون الحرب ضد بلدنا. للأسف هذه ليست حرب بوتين فقط. هناك 200 ألف جندي روسي يقاتلون ضد أوكرانيا، حتى عائلاتهم لا تعارض ذلك. الشعب [الروسي] إجمالا يؤيد هذه الحرب، ومن المستحيل تقسيم الروس إلى روس صالحين وآخرين طالحين. لا يمكننا احتمال أن يقوم بعض الروس بالقتل والاغتصاب في بلدنا بينما يعيش جزء آخر حياة جميلة في الغرب ويستمتعون بقضاء العطلات فيه. يجب إنزال دش بارد على المجتمع الروسي في شكل حظر على تأشيرات السائحين والطلاب». يُذكر أن منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعلن الأربعاء موافقة وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي على تعليق اتفاقية تسهيل حصول الروس على تأشيرات الدخول لدول الاتحاد التي تم التوصل إليها عام 2007. ومن شأن هذه الخطوة أن تجعل عملية إصدار تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا وتكلفة وبيروقراطية، بالاضافة إلى زيادة فترات الانتظار للحصول على الموافقة، في المقابل لا تمنع هذه الخطوة المواطنين الروس من السفر إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن يلتقي شميهال أيضا خلال زيارته برلين الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير. وعما إذا كان يعتزم دعوة شتاينماير مرة أخرى لزيارة أوكرانيا، قال شميهال: «ننتظر زيارة من شتاينماير لكييف تلبية لدعوة الرئيس [الأوكراني فولوديمير] زيلينسكي». وردا على سؤال حول ما إذا كان يتوقع أن يقوم زيلينسكي بزيارة لألمانيا، قال شميهال: «زيلينسكي هو القائد العام للجيش الأوكراني في الحرب. هو فقط من يستطيع أن يقرر متى يكون من المنطقي القيام بزيارات خارج البلاد». في سياق منفصل أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي الخميس إثر تفقّده على رأس وفد من الوكالة محطة زابوريجيا النووية الخاضعة لسيطرة القوات الروسية في جنوبأوكرانيا أنّ «السلامة المادية» لأكبر منشأة نووية في أوروبا انتُهكت» نتيجة تعرّضها لقصف متكرّر. وفي أعقاب تفقّده المنشأة النووية وعودته إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف، قال غروسي للصحافيين «من الواضح أنّ المحطة وسلامتها المادية انتُهكت مرّات عدة». وأضاف «ليست لدينا العناصر لتقييم هذا الأمر» لكن «لا يمكن لهذا أن يستمرّ». ولفت غروسي إلى أنّ قسماً من فريق خبراء الوكالة سيبقى في المنشأة أياماً عدّة، «حتّى الأحد أو الإثنين»، من دون أن يحدّد عددهم. وأوضح أنّ هؤلاء المفتّشين سيبقون «لمواصلة تقييم» الوضع في المحطة التي أثار تعرّض محيطها للقصف مرّات عدّة مخاوف من وقوع كارثة نووية. أدلى المدير العام للوكالة بتصريحه لدى عودته إلى نوفوليكساندريفكا، المنطقة التابعة لمقاطعة زابوريجيا والخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية. والزيارة التي قام بها وفد يضمّ 14 مفتّشاً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى زابوريجيا، كانت مرتقبة بشدّة للمحطة التي تحتلها القوات الروسية منذ مارس في حين تتبادل موسكو وكييف الاتّهامات بالوقوف خلف القصف. وقال غروسي «لدينا الكثير من العمل هنا لتحليل بعض الجوانب الفنية». وبحسب وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء فإنّ وفد الوكالة وصل إلى المحطة عصر الخميس على متن تسع مركبات غادرت أربع منها فقط في المساء عند انتهاء الزيارة، ما يعني أنّ خمس مركبات بقيت في الموقع. وكان غروسي قال الأربعاء إنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستحاول «الإبقاء على وجود دائم» في المحطة، وهو خيار لم يأت على ذكره علناً من قبل. وإثر مهمة التفتيش التي استمرت «زهاء أربع أو خمس ساعات» في المحطة، قال الأرجنتيني إنّه تمكّن من رؤية «أمور كثيرة». وقال «لقد تمكنّا من زيارة الموقع بأكمله. كنت في وحدات (المفاعلات) وشاهدت نظام الطوارئ وأجزاء أخرى، وغرف التحكّم»، مشيداً بتفاني الموظفين الأوكرانيين الذين واصلوا العمل في المحطة بعد سقوطها في أيدي القوات الروسية في مارس. وقال «بالطبع إنهم في وضع صعب للغاية لكنّهم على درجة لا تصدّق من المهنية». * «نزع السلاح» من المحطة - وفي رسالته المسائية اليومية، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه كان ينبغي للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تذهب أبعد من ذلك وتصرّ على الحاجة إلى «نزع السلاح» من هذه المنطقة النووية. وأضاف «الأمر الرئيس الذي ينبغي أن يحدث هو نزع السلاح من أراضي المحطة ومن المؤسف أنّنا لم نسمع بعد الرسائل المناسبة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الرّغم من أنّنا تحدّثنا عن ذلك مع غروسي خلال اجتماعنا (الثلاثاء) في كييف».