تعكف منظمة البلدان المصدرة للنفط، أوبك وشركائها في تحالف أوبك + على رؤى جديدة قوية المضامين في سياساتها القادمة بدءًا من العام المقبل لتغيّر مشهد الطاقة العالمي لاقتصادات عالمية أكثر ترابطاً ومتانةً ورخاءً واستدامة لشعوب العالم أجمع، بما فيها ضمان وصول إمدادات الطاقة لمحتاجيها في مختلف انحاء العالم لتصل للشعوب الفقيرة لتنميتها، والجائعة لتغذيتها لصحة كريمة بوقود مؤتمن لطهي الطعام وهي تستخدم الان الأشجار وأسوأ أنواع الوقود لطهي قوتها والتدفئة، وهم يموتون إما لشدة البرودة أو الحرارة في ظل انعدام كامل للطاقة لديهم. في وقت أدركت قيادة المملكة حجم المأساة التي يعيشها فقراء العالم من فقر مدقع للطاقة بحرمان بلايين من سكان العالم من سبل الحياة الكريمة وعدم وصول الكهرباء ووقود زيوت الطبخ، ولم تستكن المملكة بل خاطبت العالم رسمياً ومراراً بالنظر لقضية فقر الطاقة العالمية باعتبارها أزمة إنسانية، إلى أن بلغ الاهتمام أعلى مستوى بالعناية الملكية الحانية من قبل خادم الحرمين الشريفين لكل ما يمكن أمن الطاقة وضمان وصولها لجميع المستهلكين في أدني وأقصى بقاع الأرض. لتبادر المملكة بمبادرة عالمية تساهم في تقديم حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء، لأكثر من (750) مليون شخص بالعالم، يبلغ إجمالي استثماراتها، إضافة لمبادرة أخرى، نحو 39 مليار ريال، وستساهم المملكة في تمويل قرابة (15 %) منها. وستعمل المملكة مع الدول وصناديق التنمية الإقليمية والدولية لبحث سبل تمويل وتنفيذ هذه المبادرات. رؤى وزير الطاقة الملهمة وأكد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحاته الأخيرة بان منظمة أوبك وشركائها في تحالف أوبك+ "ستبدأ قريبًا العمل على صياغة اتفاقية جديدة لما بعد عام 2022م، سنواصل فيها البناء على خبراتنا وإنجازاتنا ونجاحاتنا السابقة، ونحن مصممون على جعل الاتفاقية الجديدة أكثر فاعلية، والواقع أن ما شهدناه، خلال الفترة الماضية، من تقلُّباتٍ خطيرة أثرت سلبًا في أساسيات أداء السوق، وقوضت استقرارها، لا يزيدنا إلا إصرارًا على تحقيق ذلك". وتعتبر المملكة أمن الطاقة ركيزتها الأولى والاهم ضمن 3 ركائز أساسية تشكل سياسة الطاقة السعودية وأولها أمن الطاقة، والثاني النمو الاقتصادي، والثالث التغير المناخي ولا تكاد تخفى خطط منظمة أوبك وحلفائها الجديدة على العالم، من قوة ونجاح كافة قراراتها السابقة عندما خفضت أوبك+، الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا في 2020 لمنع انهيار الأسعار مع انهيار الطلب بسبب الوباء. ما يجسد قوة الشراكة في ميثاق التعاون لتحالف أوبك+ ودورهم الاستباقي والفعال في توفير تيار خفي من الاستقرار في سوق النفط العالمية، وخاصة في أوقات عدم اليقين ومواصلة لعب دور ناجح للغاية لضمان امدادات الطاقة الموثوقة المستدامة للعالم. وبغض النظر عن التحديات التي قد يواجهها، سيظل إطار أوبك+ الفعال والمثبت هو أسلوب العمل لنجاح التحالف المشترك ويساعد على التحرك خطوة بخطوة ويومًا بعد يوم، أقرب إلى تحقيق الأهداف المشتركة وهذا النهج الذكي والمدروس سيؤتي ثماره مرة أخرى. فيما ستواصل المنظمة مراقبة هذه التطورات عن كثب في الأيام والأسابيع المقبلة. مع استمرار توخي الحذر وإدراك الحاجة إلى الاحتفاظ بالمرونة في استراتيجيتها واعتماد منظور طويل الأجل. تمسك روسي بأوبك وفي نفس المنحى قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إن روسيا قد تواصل التعاون في إطار اتفاقية إنتاج النفط الخاصة بأوبك + إلى ما بعد 2022. على الرغم من شدة العقوبات الغربية بحظر النفط الروسي والمعزز بقرار الاتحاد الأوروبي الأخير الذي فرض حظرا كاملا على جميع واردات النفط الروسية المنقولة بحرا بحلول نهاية العام. بينما تعهد نوفاك بإضافة المزيد من النفط الروسي في أسواقها الخاصة الجديدة حيث تجد موسكو طلبًا قويًا من الهندوالصين. وقال نوفاك إن صادرات النفط الروسية ارتفعت بأكثر لما قبل الحرب وأن الشحنات إلى السوق المحلية ايضاً ارتفعت، مع تغير وجهة النفط الروسي بشكل كبير منذ ان غزت أوكرانيا في 24 فبراير. ترحيب عالمي بالفكر السعودي في وقت، نوه خبراء نفط وطاقة في العالم بقدرة المملكة على قيادة منهج التغيير في مفاهيم وسياسات سوق الطاقة العالمي الذي تتحمل المملكة امن استقراره، وأشاد د. خالد رمضان، الخبير الاستراتيجي لصناعة الطاقة في العالم، ورئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، بالموقف السعودي الداعم لأسواق النفط، حتى من قبل ان يتم تأسيس تحالف "أوبك+"، وهو ما تجلى في التصريحات الإيجابية الأخيرة لوزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بشأن عدم استقرار السوق وتقلبات الأسعار، وهى تصريحات قوبلت بترحاب شديد من قبل وزراء الطاقة، مما يعنى أن هناك توافقاً كبيراً داخل "أوبك+" حول الموقف السعودي المتوازن بشأن إمكانية خفض الإنتاج إذا لزم الأمر في مواجهة التشوهات والتقلبات الراهنة، وبكل تأكيد، سوف نحصل كمراقبين على مزيد من الوضوح بشأن هذا الأمر خلال الأيام المقبلة عندما يلتئم اجتماع تحالف "أوبك+" في الخامس من سبتمبر. وأوضح رمضان، أن أسعار النفط تلاقي مزيداً من الدعم متجاوزة حاجز المئة دولار بفعل عدة عوامل، من بينها تنامي التوقعات بقرب قيام تحالف "أوبك+" بخفض الإنتاج، خاصة في حال عودة الصادرات الإيرانية للأسواق من جديد، وهذا الخفض الإضافي من كبار المنتجين يعني ببساطة بدء تدشين الاتجاه الصعودي للأسعار، بالإضافة إلى أن هناك عوامل أخرى مساعدة تتعلق بتراجع المخزونات وقلة المعروض، وتزايد الطلب الأوروبي لتعويض نقص الإمدادات الروسية، ومخاوف حقيقية بشأن انقطاع الإمدادات الليبية بسبب الصراعات المسلحة حول آبار النفط. ويرى الخبير النفطي، أن النقص الملحوظ في المعروض يبقى العامل الرئيسي للتقلبات السعرية، إلا أن سوق النفط لا يعتمد فقط على الأساسيات الفنية، ولكنه، يستند أيضًا إلى معنويات المتداولين، حيث يؤدى عدم اليقين إلى زيادة الأسعار، لافتاً إلى أن تضاؤل مشاريع التنقيب والاستثمارات الجديدة بفعل تفشي الوباء والضغوط البيئية فاقم من أزمة المعروض، الأمر الذي يدعم زيادة الأسعار، متوقعاً انتعاشها خلال الخريف مع تضييق الأسواق، وتراجع الفائض النفطي، وقد تصل أسعار برنت خلال الربع الرابع إلى 125 دولاراً، مبرراً عدم وجود زيادات قوية بسبب استمرار تباطؤ الأنشطة الاقتصادية في الصين، وزيادة احتياطيات الخام الأمريكي، واستمرار التسعير السلبي بشأن النمو العالمي. وأشار رمضان إلى أن تباطؤ النمو الذي أصاب بعض الاقتصادات المستهلكة للنفط يؤثر فعليًا على الأسعار والطلب النفطي، حيث تميل الأسعار للانخفاض في أثناء فترات الركود، ما لم يكن هناك محفزات للصعود، منوهاً إلى أن التضخم القياسي، وزيادة أسعار الوقود، وتباطؤ النشاط الاقتصادي أضعف معنويات المستهلكين الذين غيروا مجبرين من عاداتهم الشرائية المتعلقة بالسفر والتنقل والسياحة. تأثر أسواق النفط من جهة أخرى، شدد رمضان، على ضرورة التركيز على الوضع القلق للطاقة في أوروبا مع اقتراب فصل الصيف من نهايته، لافتاً إلى أن أسواق النفط يمكن أن يتأثر بطرق غير نمطية إذا اشتدت أزمة الغاز في الشتاء، والتي ستفاقم من أزمة الركود والتضخم في أوروبا، وهذا الأمر سيطلق موجة تسريح جماعي للعمال وتباطؤ صناعي ستؤدي بالنهاية إلى خفض الطلب على النفط، ومع ذلك، إذا انخفضت أسعار النفط بدرجة كافية، يمكننا أن نرى المزيد من محطات الطاقة تتحول إلى حرق النفط بافتراض أنها قادرة على تحمل تعويضات الكربون التي يطلبها الاتحاد الأوروبي، وبالتالي زيادة الطلب على النفط. وتوقع الخبير النفطي، اضطراباً آخر في الأسواق عندما يدخل حظر أوروبي على واردات النفط الروسية المنقولة بحراً حيز التنفيذ بحلول الخامس من ديسمبر والمنتجات المكررة بحلول الخامس من فبراير، حتى أن المشترين الأوروبيين يشترون الآن نفطًا روسيًا أكثر مما اشتروه في أربعة أشهر، في حين أن مخزون الغاز الأوروبي يمتلئ قبل الموعد المحدد وقد يكون قادرًا على البقاء في الشتاء القادم، فإن المعاناة لم تنته بعد، مرجحاً أن تشهد القارة العجوز خمسة فصول شتاء صعبة في السنوات المقبلة بسبب نقص الطاقة مع عدم وجود حل قصير المدى. إلى ذلك، ألمح الخبير النفطي، إلى أنه رغم الصعوبات إلا أن الأسواق تبدو متفائلة بنمو الطلب بنحو 3 ملايين برميل يومياً هذا العام بفعل الآمال الكبيرة بانتعاش الطلب الاستثنائي للصين عقب انتهاء الإغلاقات، متوقعاً في ذات الوقت أن تسعى أسواق النفط للاستفادة بقوة من النقص الحاد في المواد الخام الأخرى بما في ذلك الغاز الطبيعي، وأن يؤدي تراجع الإمدادات إلى استقطاب بعض الاستثمارات طويلة الأجل، مشيراً إلى أن هناك بعض الزخم في السوق من تصريحات إيجابية أدلى بها إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، ذكر فيها أن العالم لا يزال في حاجة ماسة إلى النفط والغاز، حيث لا يمكن الاستغناء عنهما في أي وقت قريب حتى مع ارتفاع الأسعار، وهذا يعنى دعم الاتجاه نحو المزيد الاستثمارات والتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط على المدى القصير، وهذا أمر منطقي لأن الانتقال إلى مصادر الطاقة الخضراء سيستغرق عقودًا وسيظل الوقود الأحفوري مطلوبًا بقوة أثناء ذلك التحول التاريخي. نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك د. خالد رمضان