يجتمع الأدباء بملتقاهم السنوي في كل عام، ومن مدينة لأخرى تتكاثر التبادلات الثقافية والخبرات السائلة من خلال الندوات والبرامج المصاحبة للملتقى، ومن خلال الأحاديث الودية على هامش الملتقى التي تعدّ مائدة مهمة للمثقفين الذين جاء اجتماعهم في هذه المرة في مدينة الطائف برعاية كريمة من سمو محافظ الطائف الأمير سعود بن نهار آل سعود، في دورة ثانية تتوافق مع اختيار الطائف عاصمة للشعر العربي 22، الطائف المُحاطة بالورد والعِطر والجبل، وحاضنة الرسول في رضاعته وطفولته، طائف المكان الثقافي منذ الأزل، ففيها سوق عكاظ، وفيها أهم قبة ثقافية نقدية على مر التاريخ العربي «قبة النابغة الذبياني» الطائف التي تجيء في تنظيمها هذا العام لهذا الملتقى بتعاون وثيق ومُنظّم بين هيئة الأدب والترجمة والنشر، وأكاديمية الشعر العربي اللذين حشدا كل طاقاتهما لإنجاح هذا الملتقى ابتداءً من تقديم الدعوات للأدباء والمثقفين ولإعلاميين والناشرين والمترجمين، وانتهاءً بالندوات والبرامج المصاحبة للملتقى. وكأنها بذلك حققت كل ما له علاقة بهيئتها الأدب، والترجمة، والنشر. تعاون وثيق بين «هيئة الأدب«، و»أكاديمية الشعر العربي» وقد افتتح الملتقى بتدشين سمو محافظ الطائف الذي بارك الملتقى وبرامجه الفاعلة والهادفة ونوه على أهميته في توقيت مهم هو اختيار الطائف عاصمة للشعر العربي 2022. المشهد الأدبي وتطويره والنقد والترجمة أبرز المحاور ثم عقبته كلمة بمناسبة اختيار الطائف عاصمة للشعر العربي 2022م شملتها ترحيبًا بضيوف الملتقى الذين قدموا من جميع مناطق المملكة والذين بلغ عددهم أكثر من 150 ضيفًا ألقاها معالي مدير جامعة الطائف والأمين العام لأكاديمية الشعر العربي الدكتور يوسف عبده عسيري. عقبتها كلمة مستشار أكاديمية الشعر العربي الدكتور منصور الحارثي والتي أشار فيها إلى عوالم كثيرة ومهمة تتميز بها محافظة الطائف لتكون حاضنة للشعر العربي وعاصمة له، ثم أشار في كلمته إلى قدرة الطائف على التطور بوجود سواعد أدبية وثقافية تعمل ليل نهار على صناعة الحراك الإبداعي والثقافي والذي بموجبه تبقى الثقافة الإبداعية وتستمر وتستمد وهجها. يوم الملتقى الأول: بين الأدب والفن افتتح الأدباء ملتقاهم بأغنية «سلامٌ أيها الوطن» غنّها الفنان: أكرم مطر، ومن خلفه عزف له بروح شفّافة عازف البيانو: إبراهيم الورثان. تلتها الندوة الأولى من ندوات الملتقى: «دور القطاع غير الربحي في التمكين الثقافي» تحدث فيها، الأستاذ: سلطان السديري المدير العام لمركز عبدالرحمن السديري. والأستاذ: جعفر الشايب المشرف على منتدى الثلاثاء الثقافي، والأستاذ: أنس جبلي مدير الاتصال المؤسسي بمؤسسة السبيعي الخيرية، وحاورتهم د. عهود اليامي، والتي بدورها طرحت عليهم سؤال الندوة: كيف تصفون واقع القطاع غير الربحي من وجهة نظركم؟ وما المعوقات والتحديات وما التطوير المطلوب في هذا القطاع تحديداً؟ وقد أجابوا بتنوع كل وفق تجربته والظروف التي مرّت به؛ السديري: أبدى رغبته في أن تكون المبادرات والكفاءات التطوعية مؤسسية وليست فردية لتثمر مجهوداتهم، الشايب: نوه إلى أهمية إعطاء النوادي الأدبية باعتبارها مصدرًا من مصادر ديمومة الثقافة، أنس عسيري: رأى أنّ الربح هو الوصول إلى الآخرين، وفي ندوة «الأدب السعودي والآخر» التي أدارها المذيع المتألق الأستاذ عبدالرحمن البشري، طرح سؤاله المهم: من هو الآخر؟ وتوالت إجابات المتحدثين: عبدالرحمن السيد الرئيس التنفيذي لجمعية الترجمة أجاب السؤال بسؤال أكثر اتساعًا حين قال: هل الآخر هو القريب، أم هو من دائرة الأكاديميين أم هو الذي لا يعرف العربية! ثم تحدثت الأكاديمية والناقدة الدكتورة نورة القحطاني عن إحدى نقاط الترجمة الغائبة حين قالت: «هناك غياب لترجمة الأدب السعودي عند الآخر، وليس هذا فحسب بل يتبعه كذلك ضعف الدراسات الأكاديمية والنقدية للرواية السعودية!.» وجاء حديث الوكيل الأدبي الأستاذ إبراهيم آل سنان مختتمًا الندوة مُشيرًا إلى سبب تأخر ظهور الأدب السعودي للآخر هو ضعف الترجمة والنشر، وفي ندوة: «قراءة في راهن الشعر العربي» التي أغدقها الدكتور ماهر الرحيلي بجوانب مهمة في مسيرة الشعر مشيرًا إلى أسماء بارزة في الشعر السعودي، مضيفًا إلى أهمية أن يكون المنتج الشعري خالصًا وليس مختلطًا بالإنشاد، فيما قال الأكاديمي والشاعر الدكتور سلطان السبهان إن الشعر السعودي متدفق معلقًا جرسًا تنبيهيا بوجود صراع ظاهر في الأشكال الشعرية بين كثير من الشعراء السعوديين، مطالبًا النقاد بأن يتحدثوا عن هذا الصراع بصراحة، ثم تحدثت الدكتورة أمل القثامي عن الاقتصاد والشعر، مضيفةً إلى وجود قصور بارز في الترجمات الشعرية وأنه طوال ثلاثين عامًا الماضية أن كل ما تمت ترجمته لا يتجاوز ستة وستين ديوانًا. وفي آخر ندوات اليوم الأول «الأدب والمجتمع» الأستاذة منى الهويدي صاحبة مقهى «قروث» بتبوك مبادرة الشريك الأدبي، مستعرضة أهم الشخصيات الاجتماعية والأدبية والثقافية التي مرّت على المقهى وكيف أنه كان لأثرهم دوره البارز في إحياء الأدب واستشعاره، ثم تلاها مؤسس مبادرة مدرسة الكُتاب الأستاذ عبدالعزيز العبد القادر، وأن مبادرته تهدف لتأهيل اليافعين من خلال الممارسة والتعليم، واختتمت الجلسة بحديث الوكيل الأدبي الأستاذ حاتم الشهري الذي عرض لملتقى الأدباء إحصائياته لخدمة الكتّاب والمؤلفين، والكتِاب، مؤكدًا أنه يسعى حثيثًا لإيجاد أرض مشتركة بينه وبين جميع المؤلفين وبين دور النشر، وزاد تأكيده على أهمية وجود الثقة المتبادلة بين كل الأطراف العامل بمجال النشر؛ لنجاح التجربة الإبداعية. آراء على هامش الملتقى: وبسؤال طرحته الرياض للأستاذ حاتم الشهري وهو وكيل أدبي وأحد المتحدثين، حول أهمية الملتقى وضرورته بالنسبة أجاب قائلًا: «مما لا شك فيه أن تنظيم مثل هذه الملتقيات يعود بأكبر الأثر والفائدة على المشهد الثقافي بشكل عام، فهي تجدد الأواصر بين الأدباء، وتقلّص الفجوات التي قد تخلقها ظروف الحياة من عمل أو انشغالات أو مسافات تفرضها الجغرافيا فيما بينهم، وتمد جسورا جديدة لوجوه وتجارب شابة لم تسمح الفرص بلقاء بعضها ببعض سابقًا مما يجعل تمازج الأفكار أمرًا حتميًا سيؤدي بالضرورة إلى إنتاج صورة مشرقة لا بد منها، فبمثل هذه الملتقيات نحن نعبر إلى مستوى جديد، وإلى المستقبل الذي نطمح لبنائه، ونناضل على كافة الصعد من أجل تحقيقه». وأضاف حول جانب ردم الفجوة بين الأدباء من جميع أنحاء المملكة قائلًا: «حينما ركبنا مركب ملتقى الأدباء أبحر بنا إلى تطلعاتنا حول المشهد الثقافي، وجرت خلاله العديد من النقاشات المهمة التي تثري التجارب الشخصية في كل جنس من أجناس الأدب» واختتم الشهري حديثه بعبارة وجه من خلالها شكره للقائمين على هذا الملتقى وفيهم هيئة الأدب والنشر قائلًا: «الهيئة لم تعطنا الكورة فحسب، بل منحتنا الملعب كاملًا». يوم الملتقى الثاني: وافتتح ملتقى الأدباء يومه الثاني بندوة «تحريك المشهد الأدبي» وتحدثت فيها الدكتورة: الريم الفواز حول أهمية الجوائز وإسهاماتها في رفع مستوى الإبداع في المشهد الثقافي. وعقِبتها الدكتورة أمل التميمي: التي قالت: «حين يحدث حراك إبداعي فعليه أن يشكل نمط حياة يغدو من ذات بيئة الثقافة التي حدث فيها» فيما أشار الدكتور: فيصل الشهراني إلى أهمية وجود لحظة ولادة بعد كل جائزة إبداعية يحوزها أي نص. وأما الدكتور عبدالله الأسمري فقد أشار إلى دور النادي الأدبي في حراك المشهد الأدبي في منطقة الطائف، وقد اختتمت الجلسة بحديث الناقد والمترجم الدكتور سعد البازعي حول ضرورة الشفافية والوضوح وهذا الدور يقوم على لجان التحكيم، وأضاف إلى الاهتمام بالمناظرات الأدبية لقدرتها الإثرائية على تحريك الأدب، وفي ندوة «الرواية السينمائية» تحدث المهندس بدر السماري الذي أبدى عدم تقبله لتحويل رواياته إلى السينما حالياً فهي من وجهة نظره تقتل الرواية، ونوه إلى ضرورة مضاعفة عدد المخرجين والمنتجين بالسينما السعودية؛ فعددهم ضيئل جدًا، وأن وجودهم يسهم في خلق سينما جادة وحافزة للعمل الإبداعي، وتحديدًا جنس الرواية، ثم أشار الدكتور محمد البشير وهو ناقد وكاتب سيناريست إلى جماعية النص السينمائي الذي يحتاج في كثير من الأحيان إلى تعدد المسودات هذا التعدد الذي قد يفقد بعض الروايات جمالياتها كرواية «العمى» مثلًا. واختتمت الندوة بنداء لوجود ملتقى خاص بالروائيين والمنتجين والسيناريست لينجزوا معًا عدة أعمال روائية سينمائية متكاملة. على هامش ندوة «الرواية السينمائية» طرحت الرياض سؤالها على الأكاديمي «والسيناريست» الدكتور محمد البشير، حول مدى نجاح تجربة تحويل الرواية السعودية إلى أعمال سينمائية. فأجاب بقوله: «لا يزال الحديث حول الرواية والسينما مبكرًا، ولا أعلم من خص الرواية دون غيرها من الأجناس الأدبية في الحوار مع السينما واستلهامها، مع أنني أؤمن أن السينما متوحشة تلتهم كل ما يمر بها دون تمييز، فكل ما ينفع، ويضيف لها، ويحقق تطلعاتها؛ يظل صالحا لمغازلته، وحري بنا في عاصمة الشعر العربي أن ننحاز للقصيدة، وتوظيفها سينمائيا، والبحث عن ما هو شعري، وصالح للتوظيف، فالعرب أمة الشعر، وعكاظ خيمة النابغة، وميدان التباري، والسينما قادرة بتجارب عالمية مثل «عباس كيارستمي» وغيره من توظيف القصيدة فيلما، فحري بنا أن نفكر بقصيدة جديدة، وبفيلم مختلف». وآخر ندوات الملتقى «إثراء الحراك النقدي» فقد تحدثت فيها الدكتورة: ندى الهتاري، والدكتور سامي العجلان، والدكتورة: سميره الزهراني، واتحدت آراؤهم على أن وظيفة النقد الأساسية هي إظهار الفرق البارز في الأعمال الإبداعية ووجوب أن يكون الناقد كالجسر الواصل بين الأدب والأديب والمجتمع، وخلصوا في حديثهم إلى وجود دورات تدريبية للنقد، تكون مرجعيتها لمؤسسة مهتمة بالنقد وعالمة بأسسه ومناهجه ونظرياته، وبهذه الندوة اختتم ملتقى الأدباء الذي احتفى بالطائف عاصمة للشعر العربي والأدباء باعتبارهم الثروة المهمة لهذا الوطن. الجلسة الأولى سلطت الضوء على دور القطاع غير الربحي في التمكين الثقافي د. سميرة الزهراني تجيب عن سؤال حول النقد الثقافي متابعة وتوثيق للجلسات من الحضور خلال ملتقى الأدباء حاتم الشهري وكيل أدبي د. محمد البشير شارك بورقة عن الرواية السينمائية الناقد د. سامي العجلان وحديث حول إثراء الحراك النقدي جلسة وقراءة في راهن الشعر السعودي الزميل الحسني ود. ابراهيم التركي وجانب من الحضور خلال إحدى الجلسات