تراجعت هوامش صافي الأرباح لشركات الإسمنت إلى نسبة 22 % وهي بذلك تسجل أسوأ أداء منذ العام 2018 وعلى ضوء تراجع هوامش الربحية تراجعت الأرباح المجمعة للقطاع بحوالي 23 % مع أن التراجع في مبيعات الإسمنت لم يتجاوز 6 %، أما مبيعات مادة الكلنكر محليا فقد تضاعفت 5 مرات وتم بيع حوالي 366 ألف طن وهذه أعلى مبيعات محلية لمادة الكلنكر تاريخيا ولكنها من شركة واحدة وهي إسمنت حائل وقد يكون المشتري شركة الرياض وهي شركة مدرجة في سوق نمو ومتخصصة في إنتاج الإسمنت الأبيض ولكنها أضافت صناعة الإسمنت الأسود إلى خطوط إنتاجها، بيانات التصنيع أظهرت أن إنتاجها من مادة الكلنكر أقل من إنتاج مادة الإسمنت وهذا قد يفسر أن الكمية المباعة من مادة الكلنكر قد تكون ذهبت إليها. 60 % تكلفة الوقود المستخدم في صناعة الإسمنت نعود للحديث عن أسباب تراجع هوامش الربحية، تفسيري لذلك أنه بالتزامن مع تراجع المبيعات بحوالي 6 % فإن المخزونات من مادة الكلنكر نمت بحوالي 8 % وكلما زادت المخزونات ارتفعت تكلفة الإنتاج لأن ذلك يستدعي تخزينها في أماكن بعيدة عن خطوط الإنتاج حيث ترتفع تكاليف النقل من خطوط إنتاجها إلى أماكن تخزينها وكذلك تكاليف استدعائها مرة أخرى عند إنتاج مادة الإسمنت، وهذا الإشكالية التي تواجهها شركات الإسمنت لا يمكن التغلب عليها إلا بزيادة المبيعات وعندما يكون العرض أقل من الطلب فإن الشركات تتنازل عن هوامش الربحية العالية إلى هوامش ربحية منخفضة أو حتى البيع بخسارة من أجل المحافظة على التدفقات النقدية. إنتاج الإسمنت يحتاج إلى حرارة عالية تصل إلى 14000 درجة مئوية في الأفران المخصصة لصهر المواد ولا يمكن لشركات الإسمنت إيقاف هذه الأفران عن العمل حتى لو ضعف الإنتاج لأن إنتاج الحرارة العالية يحتاج إلى وقت طويل ويعتبر الوقود المستخدم في صناعة الإسمنت من أكثر البنود تكلفة حيث تتراوح تكلفته ما بين 50 % - 60 % وتحصل شركات الإسمنت السعودي على ميزة نسبية ليست موجودة في بقية دول العالم وذلك بدعم الوقود الثقيل المستخدم في أفران حرق المواد الأولية وقد ساعد ذلك في زيادة هوامش الربح لشركات الإسمنت السعودية مقارنة مع بقية دول العالم ولذلك نجد أن أسعار الإسمنت السعودي من أقل الأسعار في العالم نتيجة للدعم الحكومي ولكن هل سيستمر ذلك الدعم؟. من وجهة نظري لن يستمر الدعم وقد تتفاجأ الشركات برفع الدعم عنها ولذلك لا بد لها أن تخطط لإيجاد بدائل أقل كلفة من الوقود التقليدي، أو استخدم تقنيات حديثة تساعد في تقليل التكاليف التشغيلية، ومع أني لست متخصصا في صناعة الإسمنت إلا أن الأرقام تظهر لي أن شركة إسمنت اليمامة بعد انتقالها للمصنع الجديد وإقفال بعض خطوط إنتاجها في المصنع القديم تحسنت هوامش الربحية لديها حيث سجلت هذا الربع أفضل هامش ربح متجاوزة نسبة 43 % وهو الأعلى بين شركات الإسمنت وإن نجحت الشركة في زيادة مبيعاتها خلال السنوات القادمة وهو المتوقع في ظل حراك عمراني كبير في مدينة الرياض فإن هوامش الربحية سوف تسجل مزيدا من الارتفاع، صناعة الإسمنت تعتمد كثيرا على حجم الإنفاق الحكومي. مؤخرا أصبحت القروض السكنية مؤشرا على زيادة الطلب على مادة الإسمنت ولذلك تحتاج شركات الإسمنت التخطيط بعيد المدى للاستثمار في هذه الصناعة وإيجاد حلول بديلة لو تراجع الإنفاق الحكومي أو ضعف الإقراض السكني والذي قد يتسبب في نقص الطلب على منتجات الإسمنت وزيادة تكاليف الوقود، ومن الخطط أن يكون هنالك دراسات جدوى للتوسعات المستقبلية والنظر إلى حجم المخزونات العالية من مادة الكلنكر والتي تجاوزت 35 مليون طن بنهاية الربع الثاني وهذا يتطلب أن يكون بين شركات الإسمنت علاقات تكاملية لخفض مخزونات الكلنكر وبناء شراكات حقيقية تحد من المنافسة الشرسة التي قد تهوي بالأسعار إلى مستويات مضرة بهذه الصناعة المهمة، وأن لا تصل إلى الممارسات الاحتكارية التي قد تضر بالحركة العمرانية والتي سبق أن رفعت الأسعار إلى مستويات عالية عندما زاد الطلب على الإسمنت وتجاوزت المبيعات 57 مليون طن في عام 2014، كما أن الاندماج قد يكون أحد الحلول ولكن الشركات لن تلجأ إلى هذا الخيار في المنظور القريب طالما أنها لم تصل إلى مرحلة الخسائر.