بدأت كولومبيا حقبة سياسية جديدة الأحد بتنصيب غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخها، يعِد بتحولات جذرية في بلد يعاني عدم مساواة ودوامة عنف لا تنتهي مرتبطة بتهريب المخدرات. قال بيترو إن "الحكومة الأولى التي نأمل بها ستكون حكومة سلام وهي توشك على الانطلاق. نأمل أن تجلب لكولومبيا ما لا تملكه منذ قرون، أي الهدوء والسلام". وأضاف "هنا تبدأ حكومة تكافح من أجل العدالة البيئية"، آملا في جعل السلام والبيئة والحد من التفاوت الاجتماعي، المعارك الأساسية لحكومته. يتولى زعيم المعارضة السابق منصبه واضعا في اعتباره مجموعة إصلاحات تثير آمالا كبيرة لدى مؤيديه منذ فوزه في 19 يونيو. وإلى جانبه، أدت عالمة البيئة فرانسيا ماركيز، اليمين الدستورية بوصفها أول نائبة من أصل إفريقي للرئيس الكولومبي، في دولة حكمتها تاريخيا نخبة من الذكور البيض. ورأى المحلل خورخي ريستريبو من مركز الموارد لتحليل النزاعات إن بيترو يبدأ عهده في "منصب يحسد عليه، ومع غالبية كبيرة في البرلمان، ويتمتع على مستوى الشارع بدعم لم تحصل عليه أي حكومة في السنوات الأخيرة". تمويل الإصلاحات شكّل بيترو حكومة تعددية تضم نساء سيتولين حقائب وزارية عدة، وتهدف إلى الدفع قدما بالإصلاحات التي ستبدأ مسارها التشريعي الإثنين. وفي إطار البحث عن موارد لتمويل خطط الإصلاح الاجتماعي، هناك مشاريع قوانين لزيادة الضرائب على الأكثر ثراء وتحسين عملية تحصيل الضرائب وفرض ضرائب على المشروبات السُكَّريّة. لكنّ دانيال روخاس، أحد منسقي اللجنة الانتقالية مع حكومة سلفه إيفان دوكي (2018-2022)، قال إن "مستوى الدين والعجز المالي الذي اكتشفناه كبير". رغم ذلك، يعتزم بيترو الوفاء بوعده تقليص الفجوة بين الأكثر غنى والأكثر فقرا من خلال تطوير الوصول إلى الائتمان وزيادة المساعدة والتشديد على التعليم. وقال: "سأناضل من أجل العدالة الاجتماعية". وبينما تعافى الاقتصاد الكولومبي من جائحة كوفيد وعاد إلى النمو، يشكل التضخم السنوي والبطالة (11,7%) والفقر (39%) عوامل ستجعل التحديات أكبر بالنسبة إلى بيترو. وحذرت باتريسيا مونيوز أستاذة العلوم السياسية في جامعة خافريانا من أن "الناس يتوقعون أن يتم سريعا تنفيذ بعض التغييرات الموعودة خلال الحملة، وهو ما سيؤدي، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي إلى إثارة جو من التوتر". سلام مسلح دوليا، سيعيد بيترو تنشيط العلاقات الدبلوماسية والتجارية المقطوعة منذ 2019 مع فنزويلا المجاورة برئاسة نيكولاس مادورو، وسيسعى إلى الحصول على الدعم لاستئناف محادثات السلام مع جيش التحرير الوطني، آخر مجموعة مسلحة معترف بها في البلاد. ورغم أن اتفاق السلام الموقع مع حركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) في 2016 أدى إلى تراجع العنف، لم تُنهِ كولومبيا بعد آخر نزاع مسلح داخلي في القارة. وبالإضافة إلى جيش التحرير الوطني، تفرض عصابات قوية من مهربي المخدرات مثل مجموعة ديل غولفو بقيادة البارون "أوتونييل" الذي سُلّم هذا العام إلى الولاياتالمتحدة، قوانينها في مناطق عدة من البلاد. كما أن منشقين عن "فارك" يتحدون الدولة من خلال ما يحصلون عليه من موارد جراء عمليات التعدين غير القانوني وتهريب المخدرات، إذ إن كولومبيا تبقى أكبر منتج للكوكايين في العالم. وفي ما يتعلق بهذا الموضوع، يقترح بيترو إعادة التفكير في فشل سياسة استئصال المحاصيل، بالتعاون مع الولاياتالمتحدة، المستهلك الرئيسي لمستخلص أوراق الكوكا. وسيعرض بيترو على هذه المجموعات المسلحة أن يتم إحلال السلام مقابل برامج لتخفيف الأحكام، مثل الاتفاق مع "فارك". كما أنه يعتزم إصلاح شرطة مكافحة الشغب المتهمة بارتكاب انتهاكات عدة لحقوق الإنسان خلال القمع العنيف للتظاهرات التي شهدتها ولاية سلفه.