لفتت المملكة العربية السعودية أنظار العالم بمبادرتي «السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر»، من خلال إعلان استهدافها لإنتاج 50 % من الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة عام 2030م. وتسعى المملكة إلى تطوير منظومة اقتصادية مستدامة للطاقة من خلال إضافة مصادر الطاقة الذرية والمتجددة إلى مصادر الطاقة النفطية والتي يتم استهلاكها في انتاج الكهرباء وتحلية المياه المالحة. وقد أعلنت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة في وقت سابق، مقترحاتها حول مصادر الطاقة المستدامة والسعة المستهدفة لكل منها والتي سيتم احلالها تدريجياً وحتى الوصول إلى 50 %، من احتياجات المملكة للطاقة بحلول عام، وهو المقترح الأعلى من نوعه في العالم. وأطلقت المملكة البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، في تطلّع فاعل إلى توطين سوق الطاقة المتجددة في المملكة مع تحقيق أعلى المعايير العالمية، حيث يهدف البرنامج إلى تفعيل مصادرنا المحلية لإنتاج الطاقة المتجددة، فمن المخطط أن يتم إنتاج ما مجموعه 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2023م، حيث ركّزت المملكة من خلال خطط وأهداف الرؤية، على الاستثمار في مجال الطاقة الشّمسية لكونها فرصة واعدة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، وذلك لتوفر الظّروف المناخية الملاءمة والجدوى الاقتصادية المناسبة. وفي هذا الشأن قال خبراء اقتصاد، سيساهم البرنامج الوطني للطاقة المتجددة بشكل فعّال في دعم اقتصاد المملكة وتطوير الكوادر البشرية من خلال تحقيقه للتوسع الاستثماري في قطاعات جديدة، وكذلك استقطابه لاستثمارات الشركات العالمية والمحلية وتأسيس التقنيات المتقدمة وتوطينها. وتابع الاقتصادي د. سالم باعجاجة، ان مبادرة السعوديه الخضراء تحسّن جودة الحياة المناخ من خلال الطاقه المتجددة والنظيفة التي سوف يتم انتاجها، وستخفف الانبعاثات الكربونية، وستعيد التوازن البيئي بازالة 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ عدة مشاريع في مجال التقنية الهيدركربونية النظيفة وتزويد المباني والصناعات المختلفة ووسائل النقل بالطاقة اللازمة بكفاءة وفاعلية. وتعمل وزارة الطاقة ومن خلال البرنامج على تنويع مزيج الطاقة الوطني المُستخدم في إنتاج الكهرباء، بزيادة حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة فيه، حيث تستهدف المملكة تحقيق المزيج الأمثل للطاقة، والأكثر كفاءة والأقل كلفة في إنتاج الكهرباء، وذلك بإزاحة الوقود السائل والتعويض عنه بالغاز الطبيعي، إضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي سوف تشكل ما يقارب 50% من مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2030. وتشمل الطاقة المتجددة، إنشاء صناعة جديدة لتكنولوجيا الطاقة المتجددة ودعم بناء هذا القطاع الواعد من خلال تسخير استثمارات القطاع الخاص وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعمل الوزارة على التخطيط لتحفيز القطاع الخاص والمهتمين للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، وذلك بإيجاد سوق تنافسي محلي للطاقة المتجددة، كما يعكس حصول المملكة على أقل الأسعار في العالم لمشاريع الطاقة المتجددة جاذبية هذا الاستثمار، وحققت المملكة السعر الأكثر تنافسية على مستوى العالم في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبتكلفة إنتاج تُعد رقمًا قياسيًا عالميًا. وأطلقت المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون والذي اعتمدته مجموعة العشرين بوصفه إطارًا متكاملًا وشاملًا لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات الدفيئة وإدارتها بشتى التقنيات المتاحة، ويمثّل هذا النهج طريقة مستدامة لإدارة الانبعاثات باستخدام أربعة محاور «التخفيض، وإعادة الاستخدام، والتدوير والتخلص. ويتناغم إطار الاقتصاد الدائري للكربون مع رؤية المملكة 2030، من حيث تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمواءمة والعمل مع كافة القطاعات التنموية بالمملكة «الطاقة، والصناعة، والمياه، والزراعة، والسياحة، وغيرها من القطاعات»، وقد تبنت المملكة هذا المفهوم، كطريقة جديدة لتحقيق الأهداف المناخية، وتشجيع الجهود الرامية إلى الحد من تراكم الانبعاثات الكربونية والاستفادة منها، مع الحد من الآثار السلبية على البيئة، وإزالة الانبعاثات من الغلاف الجوي، فالبرنامج يدعم جهود المملكة لتعزيز التنمية المستدامة ودورها الرائد في المجال البيئي، ويتم من خلاله تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية للمملكة على المدى الطويل مع الأخذ في الاعتبار مسؤوليتها الرائدة تجاه البيئة، إضافة إلى تطوير قطاع الطاقة ورفع القيمة المضافة منه من خلال استغلال انبعاثات الكربون واستخدامها في مجالات أخرى لتحقيق المنفعة الاقتصادية وتطوير التقنيات اللازمة لتحقيق ذلك. وتعمل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ضمن منظومة الطاقة في المملكة على وضع وتنفيذ الخطط الوطنية لتمكين الطاقة الذرية من المساهمة في مزيج الطاقة الوطني لتلبية متطلبات التنمية الوطنية المستدامة ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 وتعزيز دور المملكة دولياً بوصفها رائدة وفاعلة في مجال الطاقة، ومن أهم فوائد إدخال الطاقة الذرية للمملكة تنويع مصادر الطاقة وتعظيم أثرها الإيجابي على الاقتصاد والبيئة، بدلاً من الاعتماد التام على البترول ومشتقاته في إنتاج الطاقة مما يعظم الاستفادة من الموارد البترولية عبر الزمن للأجيال القادمة، كما ستسهم الطاقة الذرية وتطبيقاتها السلمية في توليد الكهرباء والمساهمة في معالجة بعض التحديات التي تواجه المملكة مثل تحدي الشح المائي الذي تعاني منه المملكة عبر التوسع في استخدام الطاقة الذرية لتحلية المياه المالحة.