الصمت هو السكوت أو الامتناع عن الكلام، وهو كذلك انقطاع الأصوات المحيطة بالإنسان أو خفوتها بحيث لا تثير انتباهه، وقد يكون صمت الإنسان محموداً في مواطن ومكروهاً في مواطن أخرى. وقد يتكون الصمت في الطبيعة والمكان أو يكون موجوداً وبارزاً في المواقف والأحداث. وللصمت أنواع وأشكال وله دلالات ورموز، فمن أبرز أنواع الصمت وأطولها في حياة البشرية، هو صمت القبور وما يعتريها من هدوء وصمت مطبق، ويوحي صمت القبور إلى بعض الجوانب التي تبين لنا نهايتنا ومصيرنا الحتمي وذلك الصمت الطويل الذي سيخيم على قبورنا. كما يذكرنا صمت القبور بالدعاء إلى أحبابنا من الأقارب والأصدقاء والجيران الذين فقدناهم ويشعرنا بمواقفهم الطيبة وتخيل أصواتهم الجميلة وذكرياتهم الخالدة. وصمت الإنسان قد يرمز إلى ردود أفعاله، إما استنكاراً لغضب غير مبرر، أو استهجاناً لتكبر ممقوت، أو ترفعاً عن جدال عقيم أو تجاوزاً لاتهامات باطلة. صمت الإنسان في كثير من الأحيان له معانٍ وأهداف وليس بالضرورة أن يكون الصمت نابعاً من خجل أو خوف. الصمت مهارة أزلية لا يجيد استخدامها وتطبيقها في وقتها إلا حكماء البشرية، وقد قيل: "إن الصمت لغة العظماء". ويقال: "للصمت فنّ فإذا كنت فناناً في صمتك أبدعت في كلامك". ويقال كذلك: "هناك صمت أنيق لا يسمح لنا بالبوح مهما كان الألم كبيراً". ومن الحكم في الصمت أن قيل "ما ندمت على سكوتي مرة، لكنني ندمت على الكلام مرار" والتبجيل الصمت وهيبة صاحبة في نفوس الآخرين، فقد قيل عنه: "الصمت هو النص الذي يسهل إساءة فهمه". والمقصود هنا أن الصمت قد يجعل خصمك في حيرة من أمره. والصمت أحياناً أبلغ من الكلام، لتجسيده بعض المفاهيم الإنسانية والاجتماعية، ولقوة تأثيره في حالات التفاهم وردود الأفعال. ومع إجماع الكثير من البشرية على إيجابية الصمت وما يولده في أنفسنا من إعجاب ومحبة لإحساسنا بجودته في تطوير سلوكنا ورقي فكرنا وللتعبير عن أحاسيسنا المؤلمة بكل صمت ودون أنين يسمع، إلا أنه قد يرمز الصمت إلى ألم داخل النفس وخيبات أمل غير متوقعة وصراع ما بين الأحجام والإقدام. وما قيل بخصوص الموازنة بين الصمت والكلام، لجدير بالقراءة والتمحيص، فقد قال أصحاب التجارب والحكمة إذا كان الصمت في كثير من الأحيان أبلغ من الكلام ويوزن بقيمة الذهب والكلام يوزن بقيمة الفضة، فإن الكلام من وجهة نظر أخرى عنوان العقل ودليل الحكمة وبرهان الحجة. حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث النبوي الشريف: "إن من البيان لسحراً". وهنا علينا أن نعلم أن من أتقن مهارات الصمت سيجد مساحة كافية من التأمل لتعلم مهارات الكلام وبالتالي يستطيع أن يوازن بين صمته وكلامه، وكما قال ابن تيمية: (فالتكلم بالخير خير من السكوت عنه، والصمت عن الشر خير من التكلم به).