قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي - في خطبة الجمعة -: هذا اليوم من الأيام الجليلة وساعاته أشرف الساعات فهو يوم تقترب فيه الأرض من السماء, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما رُؤِيَ الشيطانُ يومًا، هو فيه أَصْغَرُ ، ولا أَدْحَرُ ، ولا أَحْقَرُ ، ولا أَغْيَظُ منه يومَ عرفةَ ، وما ذاك إلا لِمَا يَرَى من تَنَزُّلِ الرحمةِ وتَجَاوُزِ اللهِ تعالى عن الذنوبِ العِظَامِ إلا ما كان من يومِ بَدْرٍ"، فقيل: وما رَأَى من يومِ بَدْرٍ ؟ فقال : إنه قد رَأَى جبريلَ وهو يَزَعُ الملائكة". وتحدث عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال : في السنة العاشرة أيد الله عزم رسوله وقواه على الحج, فأخبر الناس أنه حاج فبلغت هذه البشرى المسلمين، فاشتد شوقهم لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للاقتداء به فخرج من المدينة النبوية أفضل نبي وأكرم رسول على الله ومعه الصحابة رضي الله عنهم، أفضل وفد يؤم بيت الله الحرام منذ خلق الله الدنيا, وخير أمة أخرجت للناس في تواضع وإخلاص وشوق يجدد نشاطهم في كل ساعة, ويقين بثواب الله وكرامته واستسلام لرب العالمين بالتوحيد الذي حل بمقدسات الإسلام ودياره وبدد ظلمات الشرك إلى الأبد في جمع لم يعهد في الإسلام جمع مثله قبله. وتابع : فاستبشر بهذا الوفد الزكي أهل السماء وأهل الأرض لما سيكون لهم بعد هذه الحجة من نشر الإسلام في الأرض كلها, وتبليغ ما تعلموه, ورأوه من هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم, الباقي إلى آخر الدنيا الذي لا ينطفئ نوره حتى بعد انطفاء ضياء الشمس. وأضاف: في كل حجة نذكر وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع, وتأكيد أوامر الدين ونواهيه, فمن أبدأ فيه وأعاد تحقيق التوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له, وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: "إنما هي أربع: لا تشركوا بالله شيئاً, ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق, ولا تزنوا, ولا تسرقوا". وقال: أكد صلوات الله وسلامه عليه على التوحيد الذي علمه قبل حجته وحققه ليتمسكوا به أشد التمسك لأن تغيير أمم الأنبياء عليهم السلام قبله في دينهم بدأ بالابتداع في توحيد الله فعبدوا الأوثان, والصالحين, واستغاثوا بالقبور, ورفعوا الحوائج والمطالب ودفع الشرور إلى من لا يملك نفعاً ولا ضراً من دون الله تعالى, ولا يملكون شفاعة ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا, فوقعوا في الشرك الأكبر الذي يُخلد في النار، محتتما خطبته بما قرره صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفة عن حقوقهم التي بينها الإسلام وفصلها, فقال: "واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله".