في ظل الانتشار السريع والتوسع المتلاحق لوسائل تقنية المعلومات وأدوات التواصل الجديدة التي تعددت أشكالها واختلفت صورها وتنوعت أنماطها وكثرت أنواعها محدثة طفرة نوعية وانتقالاً سريعاً في عملية التواصل والاتصال والتي تُعد سلاحاً ذا حدين قد يعود بالمنفعة إذا أُحسن استخدامه ويرجع بالفائدة إذا أُجيد استغلاله، كما يمكن أن تكون عواقبه وخيمة ونتائجه فادحة على من استخدمه في جانبه السلبي، ومع هذا السيل الجارف المكتسح والمتسارع من تقنية وسائل الاتصال الحديثة وتبادل الرسائل بسرعة وسلاسة ومرونة ومن دون حواجز أو موانع انتشرت مفاهيم جديدة ومدلولات مختلفة للنصب والاحتيال؛ فصارت مواقفه لا تنتهي ولعل من أشدها خطورة ومن أكبرها ضرراً ما أُصطلح على تسميته بالاحتيال الإلكتروني وهو من أكثرها رواجاً وسهولة فهو يتم بمجرد ضغطة زر، وتُعد تلك الجريمة من الجرائم العابرة للحدود ويُمكن أن توقع أي فرد وتضعه كضحية لعمليات الاستغلال المختلفة والاستعمال المتنوعة لتحقيق المكاسب والأرباح والمنافع المادية، وهي تمس اقتصادات الفرد والمجتمع، كما أنها تهدد الثقة في التعامل بين الناس مع بعضهم البعض وتزعزع الاطمئنان في تعاملاتهم المختلفة، وهذا النوع من الجرائم كان نتيجة سلبية من نتائج التطور التقني الذي يشهده العالم اليوم ويعيشه وأحد أضرار التقنية الحديثة وتأثيراتها السلبية، وقد ازداد عدد ضحايا ذلك الاحتيال وتكاثر الذين صاروا لُقماً سائغة بعد أن وقعوا فرائس سهلة لمحتالين ومراوغين لتحقيق أهدافهم مع أن أولئك الجناة قد يبعدون عن ضحاياهم آلاف الأميال، وقد زادت تلك الجرائم وتفاقمت في الآونة الأخيرة وتوطدت شدتها وقويت حدتها وانتشرت بكثرة واتسعت فصار الكثير عُرضة وهدفاً لعمليات نصب وخداع واحتيال ومراوغة والتي قد تتسبب في ضياع الأموال وفقدان المدخرات؛ فهي من الجرائم الواقعة على الأموال وتحدث في بيئة إلكترونية ومحيط رقمي ولها طابع ذهني حيث يستخدم فيها الجناة دهاءهم ومهاراتهم أثناء ارتكابها دون استخدامهم لأي وسيلة من وسائل العنف أو الشدة أو القسوة بل بمجرد امتلاكهم أدوات المعرفة التقنية ووسائلها في العالم الرقمي؛ فهي تقوم على تغيير الحقائق وتبديل القوانين باستعمال الجناة لوسائل التضليل من أجل الإيقاع بالمجني عليهم، وهي جريمة تستلزم أن يكون الجناة على دراية ومعتادين على استخدام أساليب معينة لارتكابها فيختصون بها لأنهم على معرفة بضحاياهم وكيفية خداعهم وتضليلهم وغشهم والنصب والاحتيال والتدليس عليهم، ومع أن الاحتيال والخداع كنوع من أنواع السرقة موجود منذ الأزل وكذلك المحتالون والمخادعون موجودون ومتجددون منذ القدم ويمتلكون مرونة عالية وقابلية كبيرة للتأقلم مع كل جديد والتكيف مع كل مبتكر والتوافق مع كل مستحدث وتوظيفه والاستفادة منه لخدمة أهدافهم غير المشروعة وأغراضهم غير الأخلاقية إلاّ أنه الآن وفي عصر تبادل المعلومات والشبكة العنكبوتية أصبح انتشارها أكثر وامتدادها أشد وتوسعها أسرع؛ فهذا النوع من السرقة قد ازداد بالفعل وتكاثر مع التوسع في التسوق الإلكتروني والاتساع في الخدمات المصرفية عبر الإنترنت ونتيجة لازدهار التعاملات الرقمية ونموها وتطورها والتي قد لا يتقنها البعض بالدرجة المطلوبة وقد لا يجيدها البعض الآخر بالدرجة الكافية، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تفشي ظاهرة الوقوع في فخ عمليات الاحتيال الإلكتروني والتي تسببت بخسائر مالية مما يتطلب التعامل معها بسرعة عالية وحرفية كبيرة والأهم هو تكاتف الجهود وتعاونها للقيام بالدور المنشود والمهمة التوعوية المطلوبة بشكل دائم وبصورة مستمرة ومن خلال جميع الوسائل المتاحة ليكون هناك وعي ومعرفة وانتباه عند استعمال مواقع الإنترنت وعند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها وتعدد أشكالها من أجل إيجاد الحماية من تلك الجرائم وتوفير الوقاية منها والتي أصبحت تجتاح المواقع وصارت تعم وسائل التواصل الحديثة. عبدالله بن سعود العريفي