منذ عقود طويلة مضت، كانت هناك أصوات تطالب بإنشاء هيئة عامة للعقار في المملكة، تعمل على تنظيم القطاع وترتيب أولوياته، وكانت الحجة - آنذاك - أن سوق العقار السعودي، الذي تقدر استثماراته بتريلونات الريالات، ينبغي أن تكون له هيئة عامة، تضع له البرامج وترسم الخطط، وتراقب تنفيذها على أرض الواقع، بهدف تنمية القطاع وازدهاره، ووصل الأمر بالبعض إلى التلميح بأن أزمة السكن التي شهدتها المملكة في وقت سابق، من ضمن أسبابها، عدم وجود هيئة عامة للعقار. ويسجل تاريخ الهيئة، أنها تلقت دعماً «استثنائياً» خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، بعد صدور موافقة المجلس على تعيين ثلاثة أعضاء من القطاع الخاص في مجلس إدارة الهيئة، هذا الدعم يحمل رسائل عدة من الدولة، أهمها أن الحكومة عازمة على دعم الهيئة بما تحتاج إليه، وتوفير كل متطلباتها، لتكون على قدر المسؤولية الملقاة عليها خلال الفترة المقبلة من عمر رؤية 2030، والقيام بالدور المطلوب منها في النهوض بالقطاع العقاري، وجعله أحد أبرز القطاعات الداعمة لخزينة الدولة، والقادرة على توفير الآلاف من فرص العمل لشباب الوطن. اختيار الأعضاء الثلاثة المعينين في الهيئة، وهم الدكتور بدر سعيدان، والأستاذ عجلان العجلان، والأستاذ عبدالعزيز السبيعي أرى أنه اختيار دقيق وموفق ومبشر بالخير لمستقبل الهيئة ويدعم سياستها المتبعة، خاصة إذا عرفنا أنهم أصحاب فكر نير، وتجربة عقارية ثرية، تجعل منهم قيمة مضافة إلى الهيئة، التي أرى أن دورها خلال المرحلة المقبلة سيكون محورياً ومهماً في تحويل المشهد الخارجي للعقار، من قطاع تقليدي، يسير وفق برامج روتينية، إلى قطاع حديث، قادر على تطوير صناعة العقار إلى المستوى الذي بلغته دول أخرى في المنطقة والعالم. دعم الهيئة العامة للعقار بخبرات وتجارب القطاع الخاص، أرى أنها بداية عهد جديد ومغاير لعمل الهيئة، تراعي احتياجات القطاع، وتلبي حاجة المواطن إلى منتجات عقارية مثالية ومتطورة، سواء سكنية أو تجارية أو ترفيهية أو غيرها، فضلاً عن مواكبة آخر تطورات القطاع على مستوى العالم، ما يعني أن الكرة الآن في ملعب الهيئة ورجالها، الذين عليهم أن يبتكروا ويبدعوا في إيجاد الخطط والبرامج والأدوات التي ترتقي بالعقار السعودي، وتجعل منه قطاعاً جاذباً لرؤوس الأموال من الداخل والخارج. لا أعتقد أن تحقيق تطلعات القيادة والمواطنين بصعب على الهيئة العامة للعقار، خاصة بعد الدعم الأخير من مجلس الوزراء، وبالتالي، سيكون على الهيئة اليوم استثمار هذا الدعم في شكله الصحيح، من أجل تحقيق الكثير والكثير مما هو مطلوب منها، فضلاً عن استثمار توجه الدولة بتعزيز الأدوات العقارية، ودعم شركات القطاع الخاص لإيجاد مساكن لكل مواطن ومواطنة، وهو ما نراه يتحقق أمامنا، عبر استعانة وزارة الشؤون البلدية والقرية والإسكان بشركات القطاع الخاص للمشاركة في إنشاء مشاريع السكن، وقد أثبت القطاع الخاص أنه على قدر المسؤولية الملقاة عليه، ونجح في أداء مهمته، ما يؤكد خبرات القطاع وقدراته التي ينبغي أن تستفيد منها الهيئة العامة للعقار.