سدير أكبر أقاليم منطقة نجد، يقع شمال الرياض، ويمتد على عشرات الكيلومترات طولاً وعرضاً، ضارب في أعماق التاريخ، تغنى به الشعراء قديماً وحديثاً. قال فيها الشاعر الجاهلي المخضرم عمرو بن الأهتم: (وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيهم يقولون لا تجهل ولستَ بجهالِ فقلت لهم عهدي بزينب ترتعي منازلَها من ذي سديرٍ فذى ضالِ) ومع التنظيم الإداري للمناطق أصبحت «محافظة» تحمل اسم عاصمتها ومركزها الإداري «المجمعة». سدير التي اشتهرت بترائي الأهلة في رمضان والعيدين حيث تتوجه لها الأنظار، كان وما زال لها دورها في مسار التنمية الزراعية ومصدراً للثروة الحيوانية، ثم احتضنت مدينة سدير للصناعة والأعمال كمساهم رئيس في التنمية الصناعية، ودخلت الرياضة من أوسع أبوابها بأكبر الجوائز وأغلاها قيمة مادية ومعنوية، وسيطر عليها لموسمين متتاليين، لتؤكد تجاوزها الترائي إلى الرؤية والإسهام في بناء الدولة عبر تاريخها المجيد. المجمعة وسميت كذلك كونها ملتقى مجموعة من الأودية التي تمر بالمنطقة، وهي جزء من هذا الحراك وأساسه، فقد كانت واحدة من تسع مدن احتضنت أول تسع مدارس نظامية في نجد في 1 /1 /1956 فقدمت للدولة العديد من رجالاتها وقياداتها في السياسة والاقتصاد والتعليم والأمن والصحة والرياضة وغيرها من المجالات، ها هي اليوم تثبت ومن خلال (مرصد المجمعة الكروي) تواري (الهلال) في الليالي القمرية، وتزف لنا بطلاً دخل التاريخ الرياضي من أوسع أبوابه وأسرع طرقه لكنه لم يكن أيسرها. الفيحاء من أسماء المجمعة اختاره ثالث رؤسائه الشيخ صالح العتيقي -رحمه الله- ليكون اسماً للنادي عندما همّ وأعضاء من الإدارة بتسجيله رسمياً في رعاية الشباب عام 1386ه/ 1966م فأسرعوا للرياض خوفاً من أن يسبق إليه أحد من منطقة أخرى. كان ذلك هاجسهم لكن لم يدر بخلدهم أن حلمهم بتثبيت الاسم سيكبر بعد بضعة عقود ليحمل كأس خادم الحرمين الشريفين. لم يكن فوز الفيحاء عادياً، وهو الذي جاء عن طريق صعب وبزمن قياسي فقد أقصى في الخطوة قبل الأخيرة الاتحاد متصدر الدوري والمرشح لبطولته. ولم يكن خصمه في النهائي فريقاً عادياً. كان الهلال بطل آسيا وصاحب الأرقام القياسية في البطولات والخبير المتمرس بها والفارق عنه في التاريخ والإمكانات. في النهائي الكبير قدم نفسه كفريق بطل لا يقل قدرة وكفاءة عن الآخرين وفوزه بركلات الترجيح لا يعني ضربة حظ كما يسميها البعض بل هي ترجمة لأدائه في المباراة وتتويجاً لعطائه في المسابقة، فقد وضع لنفسه هدفاً واضحاً كان الوسيلة لتحقيق غايته وهو ما حدث، ولعل عودته للمباراة رغم تأخره بهدف في شوطها الأول وفرض أسلوبه تؤكد ذلك، رغم توقعات بل وتأكيدات كل المحللين أن بدء الهلال بالتسجيل يعني فتح الملعب والمرمى له. فالفريق الذي صعد لدوري المحترفين موسم 2017/2018 واكتفى بموسمين، عاد له مجدداً هذا الموسم 2021/2022 بعد غياب موسم واحد راجع فيه حساباته ووضع له استراتيجية واضحة للبقاء في دائرة الضوء، فجلب الأضواء كلها له في زمن قياسي وأبقى سدير في واجهة الأحداث المحلية والآسيوية. هذا النجاح وهذا العطاء لم يكن ليتحقق لولا فضل الله أولاً ثم منظومة عمل متكاملة من التأسيس إلى التتويج، ودعم رجالات النادي وفي مقدمتهم معالي الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري رئيس مجلس أعضاء الشرف ونائبه أ. سامي بن عثمان الرشيد وبقية أعضاء المجلس، وكل من أسهم بفكره أو ماله من أهالي وأسر المجمعة، حتى لا أقع في حرج مع البعض، وإدارة ناجحة ترجمت هذا الدعم بقيادة الشاب عبدالله أبانمي وزملائه، وهي امتداد لإدارة سابقة بقيادة أ. سعود الشلهوب وضعت الأساس لهذا الإنجاز، مهنئاً سمو المحافظ الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل الذي لا يتأخر في دعم أندية المحافظة وأهالي المجمعة، ومكرراً تهنئتي لسدير الغالية لصدارتها واجهة الأحداث الرياضية متجاوزة رؤية الأهلة لتصبح عاملاً مهماً في تحقيق رؤية المملكة 2030.