يعاني المجتمع من ازدياد حالات الطلاق عاما بعد عام، وكثيرون يدلون بدلوهم في هذا الأمر، ولكن جميع محاولاتهم لا تعدو رؤية شخصية وفي أغلب الأحيان تقوم على التخمين، وفي أفضل حالاتها دراسات غير شاملة وضعيفة في معرفة الأسباب. وسأحاول في هذا المقال طرح فكرة الاستبانة الزواجية وإحصائيات الطلاق، أما الاستبانة فإنها تحمل أو تتضمن ملخصا استبيانيا عما يرغبه كل من الزوجين في الطرف الآخر ورؤيته الشخصية للزواج، بحيث يكون كل منهما على اطلاع كامل بثقافة شريك حياته عن الزواج قبل الزواج منه، إذ أن التواصل الهاتفي الحاصل الآن أو حتى اللقاءات الشخصية غير كافية لعدم تعرض كلا الشريكين للنقاط المهمة لجهلهم بضرورة التعرض لها، أو يرون أنه من غير اللائق التعرض لها مع أنها قد تتسبب بطلاق، ومن هذه المعلومات التي تتضمنها الاستبانة: الإنفاق على السلع الضرورية، والعمل المنزلي وحجمه، والاستعداد للإنفاق على السلع الكمالية الشخصية أو المنزلية، والإنجاب، والسفر المتكرر للخارج، والتواجد خارج المنزل لساعات طويلة أو بداخله طيلة الوقت، والسكن مع أقارب الطرف الآخر، ومتابعة الرياضة بشغف، والقيام بالمشاوير، والعمل وطبيعته وساعاته، والانفتاح أو الالتزام بالعادات الاجتماعية، وإكمال الدراسة من عدمها، ورعاية أبناء الطرف الآخر، كذلك البرنامج اليومي الذي يرغب كل من الزوجين أن يعيشه مع الآخر، والصفات التي لا يحبها في الطرف الآخر. وأخيرا نبذة عن فكرته عن الزواج. والأفضل أن تكون جميع هذه الفقرات على شكل قائمة يملؤها كلا الشريكين بطريقة استبانة، وتكون شرطا لإتمام إبرام عقد النكاح بحيث لا يبرم عقد النكاح إلا بعد إثبات الاطلاع على استبانة الطرف الآخر، وأن تكون التعبئة قبل فترة طويلة من العقد حتى لا تكون شكلية، قد يقول البعض إن هذه واجبات زوجية أو أغلبها كذلك وهي جزء من الزواج لا يسأل عنها وهذا صحيح، لكن بما أنها تتسبب بطلاق فلا بد من تناولها ليعرف الآخر حجم التزامه بهذا الواجب. وأما الإحصائيات فهي محاولة لحصر جميع أسباب الطلاق، وتتم من خلال مجلس شؤون الأسرة بالتنسيق مع محكمة الأحوال الشخصية، إذ أنه بعد استلام المطلق أو المطلقة لوثيقة الطلاق، ترسل له قائمة إحصائية بأسباب الطلاق المتوقعة والمعتادة ليحدد السبب منها، بما في ذلك المرتبطة بالعلاقة الحميمية، ثم تفرز إلكترونيا لمعرفة أكثر الأسباب شيوعا ثم تتم معالجتها والإرشاد بشأنها من خلال التعليم ووسائل الإعلام. فهاتان الخطوتان الاستبانات والإحصائيات لا تقلان أهمية عن الدورات للحد من الطلاق وسوء التوافق الزواجي، لأنهما مختصرة وتشمل جميع المتزوجين والمطلقين، أما الدورات فلا يمكن تغطية ملايين الأفراد بها، ناهيك عن أنها لا بد من أن تنطلق من قاعدة بيانية معروفة في أسباب الطلاق وسوء العشرة، وتلك الخطوتان تساعدان في تأسيس تلك القاعدة البيانية عن الزواج.