عندما قرر رئيس الوزراء الباكستاني شهباز زيارة المملكة العربية السعودية خلال الأيام المقبلة كأول محطة خارجية له منذ تقلده منصب رئيس الوزراء الشهر الجاري، فإن هذا القرار جسد حرص الحكومة الباكستانية الجديدة على إعادة الدفء لبوصلة العلاقات الاستراتيجية بين قطبين ومحورين أساسيين لتعزيز الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز العمل الإسلامي المشترك وإيجاد حلول لقضايا الأمة الإسلامية. (إعطاء دفعة قوية للعلاقات) وأكدت مصادر باكستانية مطلعة على ملف الزيارة في تصريحات ل"الرياض" أن زيارة رئيس الوزراء الباكستاني للمملكة ستساهم في إعطاء دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية بين الرياض وإسلام أباد، وتعطي زخماً لدعم التحرك السعودي - الباكستاني في المحيط الإسلامي، لا سيما في الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة الإسلامية والتي تتطلب تنسيقاً سعودياً - باكستانياً للحيلولة دون اتساع دائرة النزاعات، وإيجاد قواسم مشتركة لإعادة اللحمة الإسلامية وتعزير الوحدة الإسلامية لمواجهة التحديات والتهديدات الخارجية، إلى جانب لجم الإرهاب ورفض التدخلات. (أجندة استراتيجية في لقاء ولي العهد) ومن المتوقع أن يلتقي شهباز شريف خلال زيارته مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبحث سبل تعزيز شراكة اقتصادية قوية، ومناقشة عدد من الملفات والقضايا في المنطقة، وتطورات الأحداث في أفغانستان، بالإضافة إلى عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك. وكانت الخارجية قد أوضحت مؤخراً أن زيارة شهباز شريف للمملكة جاءت تلبية لدعوة من ولي العهد خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها سمو ولي العهد لشريف لتهنئته بمنصبه الجديد. (إعادة بوصلة مسار العلاقات) وتابعت المصادر قائلة: "إن زيارة رئيس الوزراء شهباز ستكون فرصة لمناقشة سبل تعزيز مسارات العلاقات خصوصاً في الجوانب السياسية والاستثمارية والتجارية والعسكرية، وإعادة العلاقات السعودية - الباكستانية إلى قوتها ومتانها واستراتيجيتها. (التأكيد على وضع المصالح السعودية في الأولوية) وأكدت المصادر أن شهباز شريف سيؤكد لسمو ولي العهد أن باكستان ستضع مصالح المملكة الأمنية العليا فوق كل اعتبار، فضلاً عن بناء شراكة استراتيجية ضخمة في جميع المجالات التجارية والثقافية والاستثمارية خاصة في المجالات العسكرية والدفاعية. وأردفت المصادر قائلة: "إن تفعيل نشاط مجلس التنسيق السعودي - الباكستاني لمؤسسة مسار العلاقات سيكون إحدى الأولويات لرئيس الوزراء الباكستاني في المرحلة المقبلة. فضلاً عن تعضيد التحالفات الاستثمارية في إطار الرؤية 2030، ومشاركة القطاع الخاص الباكستاني في المشروعات السعودية الكبرى والعكس، إلى جانب استعادة ثقة المستثمر السعودي في الباكستان، وإعطاء حوافز استثمارية خاصة مع ضمان الأجواء الاستثمارية الآمنة له. (مولانا فضل الرحمن ومريم نواز ضمن الوفد) وعلمت "الرياض" أن عدداً من كبار المسؤولين الباكستانيين سيرافقون رئيس الوزراء، من ضمنهم مولانا فضل الرحمن رئيس جمعية علماء الإسلام والعضو في التحالف الحكومي، إلى جانب نائبة رئيس حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز) مريم نواز شريف، وحسين نواز شريف الابن الأكبر لرئيس الوزراء السابق نواز شريف. وكان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في أول خطاب له بعد حصوله على ثقة البرلمان قد ثمن دور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على دعمهما الدائم لباكستان والوقوف إلى جانب الشعب الباكستاني في السراء والضراء، مؤكداً أن حكومته ستحرص على تعزيز العلاقات مع المملكة في جميع جوانبها. كما أشاد شهباز شريف بدور دول الخليج العربية في وقوفها الدائم مع الباكستان حكومة وشعباً. ودعمت المملكة باكستان بمساعدات مالية كوديعة ومواد نفطية بأسعار تفضيلية وتسهيل ائتماني نفطي بمليارات الدولارات. وتُعدّ التحديات الاقتصادية الملف الأهمّ الذي سيواجه رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، الذي تقلد هذا المنصب بعد الإطاحة بحكومة عمران في اقتراع حجب الثقة الشهر الجاري. (اقتصاد منهار وعجز في الميزان التجاري) وفي أول خطاب له أمام البرلمان، قال شهباز شريف: "إن البلاد تتجه لتسجيل أكبر عجز في الميزانية في تاريخها، إضافة إلى عجز غير مسبوق في الميزان التجاري وميزان المعاملات التجارية"، مؤكداً أن القطاعات الاقتصادية كلّها بقيت راكدة في عهد عمران خان. (انخفاض في مدفوعات النقد) وأدت حالة عدم الاستقرار السياسي خلال الفترة الماضية إلى تقلبات غير مسبوقة في المؤشّرات الاقتصادية، فخلال شهر مارس، قفزت الأسعار بنسبة 12.2 %، واتّسع عجز الحساب الجاري، وبالكاد يمكن لاحتياطيات البنك المركزي حاليًّاً أن تُغطّي شهرين من مدفوعات الواردات. وانخفضت احتياطات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي (إس بي بي) إلى 11.3 مليار دولار بحلول الأول من أبريل، مقارنة ب16.2 مليار دولار في الشهر السابق، ما أدّى ذلك إلى إضعاف السوق بشكل عام، وشهد الأسبوع الأول من شهر أبريل انخفاض العملة إلى مستوى قياسي بلغ 188 روبية مقابل الدولار الأميركي، قبل أن يعود إلى مستوى 181 بعد تنصيب شهباز شريف. وواجهت باكستان مشكلات اقتصادية جمة، كان لها أثر كبير في تراجع الدعم الشعبي لحكومة عمران خان، مما اضطر حكومته إلى إعادة بعض أشكال الدعم لتخفيف العبء عن الباكستان، التي كان تم رفعها في إطار برنامج صندوق النقد الدولي لإقراض باكستان 6 مليارات دولار. وتواجه الباكستان أزمة نفطية مستعصية.