يعود نجاح وتقدم الكثير من الدول المتقدمة، لوجود إدارة ناجحة، فالإدارة هي العنصر الأساس في نجاح مؤسسات هذه الدول، والتي تعمل بدورها تعمل على استغلال الموارد البشرية والمادية بكفاءة عالية وأكثر فاعلية، فالموارد المالية والبشرية ليس لها أي قيمة في ظل غياب وانعدام إدارة ناجحة تمتلك الخبرة الإدارية في إدارة هذه الموارد. فاستخدام الموارد المتاحة دون إسراف أو تقصير يتوقف أساساً على كفاءة الإدارة التي تدير هذه الموارد لتحقيق أهدافها، في استغلال الموارد البشرية والمادية بكفاءة عالية، فهناك العديد من الدول التي تملك الموارد المالية والبشرية، وبسبب غياب الخبرة الإدارية بقيت في موقع متخلف عن الأمم الأخرى. عند الحديث عن طبيعة الفكر الإداري ونجاحه، هل يعتمد على العلم الإداري أو على الفن الإداري، فنجدها مزيجاً بين العلم والفن معاً، فالعلم يعتمد على الأسلوب العلمي عند مواجهة أي مشكلة إدارية ويقوم بتحليلها، وتفسير مسبباتها بشكل علمي، للوصول للنتائج التي من خلالها يمكن حل تلك المشكلات، بينما الفن الإداري، يعتمد على الخبرة والمهارة والذكاء، والقدرة على التحفيز البشري، للوصول للأهداف التنظيمية المرغوبة. وعند تسليط الضوء على الجانب المظلم من الإدارة والذي يتسبب بسوء التنظيم الإداري، سنجد أن "آفة التسلط الإداري" لها دور كبير بتشويه صورة الفكر الإداري، وأصبحت من أنماط الإدارة السيئة والتي للأسف تزدهر بشكل يومي في واقعنا المعاصر، ولهذه الإدارة مصطلحات ومسميات كثيرة ومتعددة. يؤثر هذا السلوك الإداري المتسلط، على تقدم وتطور المنظمات، وفشل العملية الإدارية، ويحد من سير قافلة العمل والإنتاج، فهو يرتكز على نظرية الرأي الأوحد وعدم إبداء الرأي والمشاركة في أي عملية إدارية، فالمدير المتسلط ينظر إلى نفسه أنه وحده القادر على إصلاح الحال، وينفرد باتخاذ القرارات، وعدم البحث عن نقاط الضعف والخلل لمعالجتها، وعدم مشاركة أي موظف من ذوي الخبرة والاختصاص في عملية الإصلاح أو التنظيم الإداري. فهو يرى أن هذا المكان له وحده فقط، وهو المتصرف فيه كيف يشاء وبالطريقة التي يراها مناسبة، فهو يفرض سلطته ونفوذه بقوة النظام، متجاهلاً الجوانب المعنوية والنواحي الإنسانية وأهميتها في العمل الاداري والتعامل مع الموظفين. وللقضاء وإصلاح هذا النوع من الإدارة يجب إعادة النظر في تصرفات وسلوكيات المدير مع العاملين معه، في إجراء عملية تدوير لمن هم أكفأ منه في هذه المناصب وفق تخطيط متقن يتماشى مع سياسة المنظمة ويخدم المصلحة العامة. إن هذا الإجراء وغيره يعمل على إدخال التجديد في أعمال المنظمة وإدارتها ورفع الروح المعنوية وتوفير المناخ السلوكي السليم للموظفين العاملين بها، وتطوير العلاقات داخل المنظمة بين جميع الموظفين، والتي تنطوي على جو من الثقة والاحترام والتعاون مما يؤدي إلى رفع مستوى الأداء وزيادة الإنتاجية، ويجعل الجميع حريصين على إنجاز العمل الموكل إليهم بكل إخلاص وتفانٍ، ويكون دور المدير موجهاً ومعلماً وقدوة للعاملين معه. فالإدارة أساس النجاح أو الفشل وإذا اعوجت الإدارة أعوج العمل معها، وإن صلحت صلحت المنظمة، فالأسلوب المتسلط بالإدارة يمرض القلوب ويميت الضمائر فتختل موازين العدل وتسيطر الأنانية وحب الذات، الذي يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية، وزيادة أعداد الكفاءات والخبرات البشرية المعطلة دون أن يستفيد الوطن من هذه الطاقات والقدرات الكامنة، التي أفقد المدير المتسلط دورها في المجتمع.