أنست في الأيام الماضية بقراءة (التوقيعات المستعارة) للمؤلف: محمد بن أحمد مُعَبِّر، هذا السفر الجميل الذي صدر في طبعته الثانية عن مؤسسة الضحى للطباعة والنشر في لبنان. كان هذا نتاج عمل دام لأكثر من 43 عاماً، قضاها المؤلف في البحث والتنقيب بين الصحف والمجلات والكتب وكشف الستار عن (2109) توقيعاً مستعاراً لما يقارب من (1004) كتّاب ودونها وترجم لأصحابها بشكل مختصر. أما عن قصة الكتاب، فيذكر في المقدمة أنه في عام 1400ه لفت نظره لقب (بنت الشاطئ) للدكتوره عائشة عبدالرحمن، ثم لقب (باحثة البادية) للأديبة المصرية ملك حفني، فكانت تلك الخطوة الأولى للبحث في هذا المجال، وجمع مادة هذا الكتاب، الذي صدرت طبعته الأولى عن نادي أبها الأدبي عام 1426ه، وضم ما يقارب (1663) توقيعاً مستعاراً. أما عن أكثر الألقاب استخداماً من خلال ما أحصيته في هذه الطبعة، فإن لقب (جهينة، قارئ)، حيث تكررا ما يقارب من (8) مرات في مواقع مختلفة لشخصيات مختلفة، أما عن أغرب الألقاب فكان لقب (الأبلة، أبو الشمقمق، أبو عصبصب، ترللي، ذبابة خريف). وما يلفت الانتباه أن رئيس الحكومة السورية في الأربعينات الشيخ تاج الدين الحسيني كان يكتب في جريدة الشرق بدمشق خلف لقب (أبو الضياء). وكذلك الملك الحسين بن علي الهاشمي الذي كان يكتب في صحيفة القبلة في الحجاز خلف لقب (ابن جَلا) و(تأبط شراً). وعن الأسباب التي دعت أصحاب التوقيعات المستعارة للتخفي خلفها ذكر المؤلف أن بعضهم كان ينتهج الاختصار فيها، مثل: من كان يكتب برمز (أ . ح. م)، ومنهم من كان يرغب بإضفاء جو من الأهمية كالتوقيع ب(بدوي الجبل)، ومنهم من يرغب باخفاء اسمه الصريح لمكانته الاجتماعية. بالإضافة لمن يرغب من ذلك الإثارة ولفت النظر وغيرها من الأسباب. وعن الفرق بين اللقب والتوقيع المستعار فقد أوضح أن اللقب يظهر مع اسم صاحبه في المدح والذم، أما التوقيع المستعار فإن الاسم الحقيقي لا يظهر معه. فيما أشار المؤلف إلى بعض الأدباء، ممن كان ينشر بلقب نسائي مستعار، وكذلك كاتبات ينشرن بلقب ذكوري. ولا شك أن المؤلف اجتهد في إحصاء ما يستطيع من توقيعات مستعارة، وبما أن الحديث عن التوقيعات المستعارة فقد تذكرت بعض التوقيعات المستعارة التي أعتقد بأنه لم يسبق وأن ذكرت في كتب من هذا النوع، ومنها المهجور توقيع للأديب: سعد الجنيدل، والحر الأشقر توقيع الشاعر سعد بن نايف المسعودي، الذي ذكر ذلك خلال لقاء أجريته معه في صحيفة نبض الشمال الإلكترونية بتاريخ 18 /5 /1436ه. والغيهب توقيع الشاعر الكاتب إبراهيم سبتي الحنيطي، ونورا العلي توقيع للكاتبة فاطمة البلوي، وقد ذكرت ذلك لأول مرة في كتاب أدباء الجوف ومثقفيها، والمولع الغريب توقيع للشاعر سايل بن لافي الصوالحة، وثرى المملكة توقيع الكاتبة د. فصل الحامد، تحدثت لي عن ذلك في أحد اللقاءات معها، وشاعر الوادي توقيع الشاعر مرزوق ضويحي الشراري. بقي أن أقول: إن الكتاب جميل في بابه يشكر المؤلف عليه. ختاماً: هل يا ترى سيأتي يوم ونرى مؤلفاً عن التوقيعات المستعارة في وسائل السوشل ميديا وخاصة تويتر؟.