حضرت للعيادة اليوم مريضتي رند وهي سعيدة جدا لأن أعراض الحكة والأرتكاريا قد تحسنت مع الصيام في رمضان. ولقد خشيت رند في البداية أن الصيام سيفاقم من مشكلتها ولا سيما أنها لن تستطع تناول علاجها أثناء النهار وقد نصحتها بالصيام. أحببت طرح هذا الموضوع ليطمئن مرضى الحكة الجلدية (الارتكاريا) بحيث يعد الصيام علاجاً مثالياً لبعض مشكلات الحساسية مثل الارتكاريا أو الحكة الجلدية (الشرية) لما للصوم من تأثير كبير على الجلد نظراً لارتباطه ببعض الأغذية، لذلك يوجد فرصة كبيرة لمرضى بعض أمراض حساسية الجلد مثل الأرتكاريا التي تحدث احمراراً بالجلد وتسبب حكة شديدة من خلال الصوم عن طريق انخفاض ما يتناوله الشخص من المأكولات المهيجة للحكة مثل البيض والشوكولاتة والمخللات والفراولة التي تزيد الأمر سوءاً. لذلك اعتبر الصوم علاجا وقائيا وإن مرضى الأرتكاريا بإمكانهم الصيام بكل يسر، لأن الأرتكاريا هو نوع من أنواع الحساسية التي تصيب الجلد بعد التعرض لبعض المواد التي يتحسس منها جسم المريض نفسه، فيحدث إفرازا للمواد المحسسة مثل الهيستامين الذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية مسببة الأرتكاريا. ويوجد بعض الأطعمة مثل البيض والشكولاتة والمخللات والمكسرات والمانجو والفراولة والمأكولات البحرية والتونة تثير الأرتكاريا. لذا يجب على المريض اختبار جميع الأطعمة وملاحظة ما المأكولات التي تسبب له الحكة الجلدية وعدم الارتياح فيتجنب تناولها في الإفطار أو السحور إلى أن يشفى تمامًا من المرض. ويختلف علاج الأرتكاريا باختلاف نوعها، فالأرتكاريا حادة وتظهر أعراضها خلال ساعة أو ساعتين من الإصابة وتختفي، وعلاجها يعتمد على الابتعاد عن المسبب الأساسي لها، وإعطاء المصاب مضادات الهيستامين، أما الأرتكاريا المزمنة فهنا تزداد مدة الإصابة إلى أكثر من شهر وفي الغالب تكون مرتبطة بحالة نفسية، أو ضغط عصبي، وممكن أن لا يكون لها سبب. وقد تحدث نتيجة الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كمشكلات الغدة الدرقية أو أمراض المناعة الذاتية وأمراض الكبد، والكلى، ولا تكون منتشرة، وعلاجها يعتمد على التعرف على المرض المسبب لها وعلاجه. لا بد من معرفة أنه يوجد بعض الدراسات التي أثبتت أن الصيام يفيد صحة الجلد، لأنه يحفز الجسم ويخلصه من الفضلات والسموم، ويسرّع عمليات البناء والترميم في جميع أجهزة الجسم بما فيها البشرة، كما يخفف أعراض الأكزيما وبعض أنواع الحساسية، خصوصًا النوع المزمن الذي يستمر لأكثر من 6 أسابيع. كما أشارت النتائج إلى أن الصيام يخفف أعراض الالتهابات الجلدية مثل حب الشباب والتورم والتهيج والأعراض الأخرى، وبينت الدراسات أن الصيام يرفع إفراز الجسم لهرمون النمو المحفز لتجديد الأنسجة بما فيها الجلد، كما تزداد سرعة تجدد الخلايا، ما يؤدي إلى نضارة الجلد وصحة الشعر والأظفار، وأثناء الصيام يتفرغ الجسم لعمليات إصلاح الخلايا المتضررة وتجديد الأنسجة بشكل أكثر كفاءة، لذا تصبح عمليات الالتئام سريعة عن طريق تكوين وتصنيع الكولاجين ما يسهم في تسريع التئام الجروح، كما يبطئ الصيام الشيخوخة وضعف الذاكرة ويقلل تركيز عمليات الأكسدة ومركبات الأكسدة الضارة في الجسم، عن طريق زيادة حساسية الجسم للأنسولين، ما يؤخر الشيخوخة ويتلف الخلايا السرطانية لأن الخلايا السرطانية لا تتحمل الصوم وتموت مباشرة في الجسم عكس الخلايا السليمة لذلك تحمل الجوع أثناء الصوم يعتبر آلية فعالة للقضاء على السرطان، كما أنه خلال الصوم يقوم الجسم بعملية تنظيف ذاتي للسموم مما قد يكون سببًا في الوقاية من العديد من الأمراض المناعية والسرطانية دون أن يعلم الفرد ذلك. وفي النهاية لا بد أيضا من توضيح أن هناك بعض المشكلات الجلدية تحتاج لبعض العناصر الغذائية التي قد تقل مع الصيام، بحيث يكون الجلد بحاجة ملحة لتعويض هذا النقص في المواد الغذائية عند الإفطار، فلا بد من تناول العناصر الغذائية الضرورية التي تساعد على تقوية البشرة والشعر والمناعة على مائدتي الإفطار والسحور معاً مثل الأطعمة المحتوية على الفيتامينات والمعادن لتعويض النقص في هذه المواد والأهم من ذلك عدم التركيز على نوع واحد من الأطعمة، لأن التنويع في الطعام يقلل من فرصة الإصابة بالحساسية ويمد الجسم بالعديد من الفيتامينات والمعادن والبرويتنات الضرورية. د. نجوى محمد الصاوي