أكدت رئاسة أركان الجيش الأوكراني في بيانها الأخير فجر السبت "إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الروسي" في منطقة دونيتسك ولوغانسك، أكبر مدينتين في دونباس، حيث أعلنت موسكو تركيز هجومها من الآن فصاعدا، وأعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية إسقاط ثلاث طائرات وتدمير ثماني دبابات ومصرع نحو 170 جنديا من الجانب الروسي. من جهتها أفادت وزارة الدفاع الروسية عن معركة للسيطرة على قريتي نوفوباخموتيفكا ونوفوميخايليفكا قرب دونيتسك. كما ذكرت الوزارة أن صواريخ من طراز كاليبر دمرت مستودع أسلحة وذخائر في منطقة جيتومير قرب قرية فيليكي كوروفينتسي إلى غرب كييف في 25 مارس، كما أصيب مستودع وقود قرب مدينة ميكولاييف (جنوب) بحسب المصدر ذاته. وينبغي مقاربة هذه الأرقام بحذر في ظل حرب المعلومات الشديدة الجارية بين الطرفين، وسط صعوبات كبرى في التثبت مما يجري على الأرض من مصدر مستقل، بعد أكثر من شهر على بدء الغزو الروسي. وأحدثت قيادة القوات الروسية مفاجأة إذ أعلنت الجمعة، "تركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيس: تحرير دونباس"، ما يتباين مع تأكيدات موسكو حتى الآن بأن هجومها يهدف إلى "نزع السلاح واجتثاث النازية" في أوكرانيا ككل وليس فقط في المنطقة التي تضم "الجمهوريتين" الانفصاليتين المواليتين لروسيا. ويخيم غموض مطلق حول الجنرالات الروس الذين قتلوا في أوكرانيا وعددهم سبعة بحسب كييف، وآخرهم الجنرال ياكوف ريزانتسيف وفق مسؤولين غربيين طلبوا عدم كشف أسمائهم، فيما أقرت موسكو بمصرع جنرال واحد. كما ذكرت المصادر أن جنرالا آخر هو فلاديسلاف يرشوف أقيل من مهامه بقرار من الكرملين بسبب الخسائر الفادحة في صفوف القوات الروسية، في وقت تحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن "حملة تطهير" على ارتباط بالخسائر الروسية، لكن هذه المسألة أيضا تبقى غامضة. وفي هذا السياق، ظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لأول مرة منذ أسبوعين، في مشاهد تم بثها السبت في روسيا، بعدما أثار غيابه تساؤلات عمل الكرملين على تبديدها، كما نفت موسكو تكهنات حول وضعه الصحي. وخارج منطقة دونباس، يتواصل الهجوم الروسي. في محيط كييف حيث أعلن رئيس البلدية حظر تجول جديدا من مساء السبت إلى صباح الاثنين، أعلنت رئاسة الأركان الأوكرانية أن المعارك متواصلة "لصد هجوم العدو"، مشيرة إلى أن خط الجبهة لم يتحرك. وتؤكد قوات كييف مواصلة هجومها المضاد على خيرسون بجنوب البلاد، المدينة الكبرى الوحيدة التي احتلتها القوات الروسية بالكامل. وفي ماريوبول، قتل أكثر من ألفي مدني بحسب بلدية المدينة الساحلية الإستراتيجية الواقعة على بحر آزوف. وقال زيلينسكي أن نحو مئة ألف من سكان المدينة ما زالوا محاصرين فيها وسط انقطاع كل احتياجاتهم. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الجمعة، أن فرنسا وتركيا واليونان ستنفذ "عملية إنسانية" لإجلاء مدنيين من ماريوبول "في الأيام المقبلة". وتقع كتيبة أزوف المتحصنة في ماريوبول في قلب الحرب الدعائية الجارية بين كييف وروسيا، إذ تعد ميليشيات من النازيين الجدد للبعض وبطلا وطنيا للبعض الآخر. وفي باريس، أقيم قداس الجمعة، من أجل السلام في أوكرانيا شارك فيه حشد غفير في كاتدرائية القلب المقدس في حي مونمارتر. وفي مدينة ديس الصغيرة الإنجليزية، يتم إرسال شاحنات من المساعدات وإعداد أسرّة لاستقبال اللاجئين وجمع أموال بفضل بيع كوكتيلات بلوني العلم الأوكراني الأصفر والأزرق. في ألمانيا، أقيم "جسر من السكك الحديد" غير مسبوق لتسليم مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا. وتذكر العملية التي تنفذها شركة السكك الحديد الالمانية ب"الجسر الجوي" الشهير الذي أقامه الغربيون إبان الحرب الباردة لمساعدة برلين في وقت كانت خاضعة لحصار سوفياتي. على الصعيد الاقتصادي، أعلنت واشنطن وبروكسل الجمعة تشكيل مجموعة عمل تهدف إلى الحد من اعتماد أوروبا على الطاقات الأحفورية الروسية، ولا سيما بفضل إمدادات من الغاز الأميركي. وفي روسيا، وقع الرئيس فلاديمير بوتين مساء الجمعة، قانونا يعاقب بالسجن حتى 15 عاما ناشري "المعلومات الكاذبة" عن أعمال موسكو في الخارج، في إجراء قمعي إضافي للتحكم في المعلومات عن الهجوم الروسي على أوكرانيا.