صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - يحفظه الله - يعد بحق رمز المرحلة وقائد مسيرتها وواضع أسس التطوير الحضاري الحديثة ومقومات النهضة المستدامة للبيئة التشريعية وغيرها في هذا الوطن المبارك، حيث تجسد شخصية سموه الشخصية العصرية التي تعكس ما يتطلع له المواطن من رغبات ورؤى وطموحات ويتوق يوماً بعد يوم لتحققها على أرض الوقع، ويكفينا من مناقب سموه العديدة في هذه السطور المتواضعة حسن الإدارة وجودة القيادة المتمثلة في النظرة الثاقبة والوعي العميق بمتطلبات المرحلة من قوانين تنظم المعاملات وترسخ التعاملات وتؤطر العلاقات وتحفظ الحقوق وتحمي المصالح وتوثق التصرفات وتحدد الالتزامات وتصون الحريات وتضبط الممارسات وتردع التجاوزات. فمن القرارات المفصلية المباركة في هذا العهد الميمون التي ترمي لإصلاح البيئة التشريعية وتدعم تحقيق الأمن القانوني ومقومات استدامته، توالي صدور ما سبق أن أعلن عنه سمو ولي العهد بشأن "منظومة التشريعات المتخصصة"، والمشتملة على أنظمة الإثبات والأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والعقوبات التعزيرية المنظمة، والتي تعد بمثابة غربلة حقيقية لخلق منظومة تشريعات مستدامة وتتسق مع مبادئ شريعتنا الإسلامية السمحة؛ فالمكاسب بتشريع تلك القوانين لا تعد والفوائد بسنها لا تحصى، ولكنها في المجمل سترفع درجة الوعي العدلي والقناعة بالأحكام القضائية وتحقق مقومات النزاهة والشفافية والكفاءة في أداء المؤسسة القضائية والتنبؤ والطمأنينة بمخرجاتها، وسيكون لها أثر إيجابي عظيم في حفظ الحقوق، وترسيخ مبادئ العدالة الناجزة، وستعكس للجميع حسن التعاطي وجدية التغيير ورغبة التحول نحو عصر جديد يؤكد ما تتمتع به مملكتنا الغالية من مقومات وسمات دولة المؤسسات التي تحكمها تشريعات مستقرة وواضحة وتنظم دور وحقوق ومسؤوليات الأشخاص القانونية. حيث صدرت مؤخرا الموافقة الكريمة بإقرار ثاني هذه القوانين المتخصصة بصدور "نظام الأحوال الشخصية"، والذي يعد بحق نقلة تشريعية نوعية عظيمة تؤكد حرص قيادتنا الرشيدة على بذل كل ما من شأنه أن يصب في النهوض بتطوير منظومة تشريعات البيئة العدلية على وجه العموم وحفظ حقوق المرأة والأسرة على وجه الخصوص، حيث يتوقع أن يسهم هذا القانون الجديد والذي لا يتسع المقام لنقاش مفردات أحكامه في تحقيق الضمانات العدلية لكل ما يتعلق بتنظيم حقوق الزوجين والأسرة من خطبة ونسب ومهر وزواج ونفقة وحضانة وطلاق ونحو ذلك؛ ولكن الأهم حقيقة هو أن هذا القانون سيقضي على كثير من الممارسات الفردية التي تخلق إشكالات قضائية وقضايا رأي عام بسبب سوء الاستغلال أو الانقياد للعادات، وبالتالي سيغلق باباً لطالما كان مدعاةً لصدور أحكام قضائية اجتهادية متناقضة وجدلية ومجالاً للمتربصين والحاقدين للنيل من شريعتنا وتشريعاتنا وأحكامنا القضائية.