في يومٍ ما، حين كانت الثقافة في مرحلتها الانتقالية -الأولى- بقيادة الوزير الشاب سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، قلت: يريد المثقف أن تكون الثقافة مشروعًا وطنيًّا تنويريًّا تتضافر فيه الجهود؛ للنّهوض بالحراك الثَّقافي، ورفع المستوى الفكريّ، والوعي الوطنِّي، والإعلاء من شأن هُويتنا الثَّقافية، فالمرحلة الجديدة التي تعيشها السعودية من خلال الرُّؤية مرحلة مهمة جدًا. طلبات تحقيقها تتأرجح بين الرَّجاء والأمنيات، كأن تقوم الوزارة بدعم المفكرين والأدباء والفنانين الكبار والناشئين، وأن تسعى إلى تشجيع المواهب الأدبية والفنية بالجوائز، وتشجيع حركة التأليف والنشر والترجمة والانفتاح على الثَّقافات الأخرى، وإقامة المهرجانات الأدبية والفنية والمسرحية والاعتناء بالثقافة الشعبية، والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات والمعارض المحلية والدولية، وأن تضع الوزارة نصب عينيها حرية اختيار المنتج الثقافي محليًّا ودوليًّا ورفع مساحة التنوير بما يخدم المصلحة العامة. وما بين حلم وحلم تأتي الثقافة بوزارتها ومؤسساتها وأعضائها هاجس أمل للملمة الشتات، وردم الهوة والتصدع الذي أنهك كاهل الثقافة، وسرعان ما بددت الوزارة المخاوف عبر عقد شراكة ثرية، أصلها ثابت وفرعها إلى النهوض، وما بين حيرة وحيرة، يأتي المد الداعم لتشكيل منظومة باعثة على التفاؤل، وإن طال انتظارها، وقرب فجرها! واليوم نقف على أعتاب نقلةٍ -أو لنقل-: في عمق حراكٍ ثقافي متجدّد، يمد حراكه التنويري.. مشروعه الوطني الثقافي والفكري والإبداعي -من خلال الجوائز الثقافية الوطنية-؛ لرفع مستوى الوعي بالهّويّة، ورصد تاريخ من الإبداع بمختلف مجالاته؛ دعمًا لرموزه، وتثبيتًا لجذوره، وتوثيقًا لأسسه الممتدّة عبر تاريخ عظيم؛ لإعلاء أعمدته، وتأكيد على توّجه ورؤية موثّقة للهّويّة، ومنفتحةٍ على الثقافات الأخرى، ومنتجةٍ لإرث حضاري بفكر ورؤية وهُويّة سعوديّة.. عربية.. عالميّة..! بالأمس كانت مطالباتنا حلمًا نترقّبه، بعيدًا عن مزاجيّة بعض المؤسسات الثقافية، والشلليّة المنفلتة، التي نتلمّس قلعها من جذورها؛ حتى لا تنجرف تُرتبها المهترئة إلى هذه الجوائز، فتُعيد الثقافة إلى دائرتها المغلقة، ومن هنا يمكن القول: إن الجائزةَ مشروع وطني تحيطه النزاهة والموضوعية -إلى حدٍ ما-، وترسم خُطاه الرؤى الوطنية والثقافية بما يعزّز لمنتجٍ حضاري ونهضة -يرصدها التاريخ-، تأخذ بيد الشباب والثقافة عبر فروع ممتدّة، التي تمثّلت في 14 جائزة، هي: جائزة شخصية العام الثقافية، وجائزة الثقافة للشباب، وجائزة المؤسسات الثقافية، بالإضافة إلى جائزة الأفلام، وجائزة الأزياء، وجائزة الموسيقى، وجائزة التراث الوطني، وجائزة الأدب، وجائزة المسرح والفنون الأدائية، وجائزة الفنون البصرية، وجائزة فنون العمارة والتصميم، وجائزة فنون الطهي، وجائزة النشر، وجائزة الترجمة. * أكاديمية وناقدة د. أسماء الأحمدي