تظل المملكة هدفاً للإرهاب الدولي، سواء كان من جماعات تدعمها دول بعينها، أو فرق عنقودية تتبنى فكرها، والمملكة بدورها تتصدى بقوة وحزم، مؤمنة بعقيدة سماوية جعلتها دستوراً لها، فنظام الحكم استمد أسسه من القرآن والسنة، ويقوم ذلك على أساس العدل والشورى والمساواة، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للأنظمة والقوانين السعودية، يكتمل ذلك بلوائح ومراسيم ملكية، كما تنص على ذلك المادة رقم (26) على أن الدولة "تحفظ حقوق الإنسان بما يتوافق والشريعة"، إضافة إلى ذلك السلطة القضائية المستقلة. تعريف الإرهاب إن "الدولة السعودية" في مواجهتها للإرهاب سبقت العالم كله في تعريف الإرهاب، الذي يتغاضى العالم عن إصدار تعريف شامل له، حتى تسن القوانين والأنظمة القادرة على مواجهته، فمنذ عام 1999م كانت هيئة كبار العلماء في المملكة قد أصدرت بياناً حول الإرهاب وتعريفه تعريفاً شاملاً أوضحت فيه أن "أعمال استباحة الدماء، وانتهاك الأعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة وتفجير المساكن والمركبات وتخريب المنشآت، وهتك حرمة الأنفس المعصومة، وهتك حرمات الأموال والأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم؛ محرم شرعاً بإجماع المسلمين، وأن تلك الأعمال محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة". حياة آمنة وإذا نظرنا في بيان وزارة الداخلية أول من أمس عن تطبيق القصاص في عدد من الإرهابيين، سنجد أن هؤلاء الفئة المجرمة ارتكبوا كل ما ورد في بيان هيئة كبار العلماء؛ لذا كان الجزاء قصاصاً ليحيا الناس حياة آمنة، وهنا يتجلى قول الحق سبحانه "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". ولأن "الدولة السعودية" دولة ترعى حقوق الإنسان أياً كان هذا الإنسان وأفعاله، فقد أنشأت في عام 1989م مكتباً للحقوق المدنية، يعمل على تطبيق القرارات العدلية، ويتحقق من معاملة المحكومين وفقاً للقانون والنظام، وأنه حصل على كامل حقوقه النظامية، وتُوّج ذلك بصدور قرار مجلس الوزراء رقم (207) وتاريخ 1426ه بالموافقة على تنظيم هيئة حقوق الإنسان، لتتوافق مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها المملكة التي تعد من المؤسسين لمنظمة الأمم لمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. تدابير عاجلة بلادنا بمكانتها العالمية قد اتخذت العديد من التدابير لمكافحة الإرهاب منها، نظام مكافحة غسيل الأموال، لوقف عمليات تمويل الإرهابيين؛ بالتوافق مع الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب سنة 1998م، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1999م، والنصوص القانونية التي تظهر تعهد الدول بعدم تنظيم وتمويل أو ارتكاب الأعمال الإرهابية، كما طبقت المملكة قواعد تتعلق برصد الهجرة غير الشرعية لمنع الجماعات الإرهابية من الدخول إلى أراضيها، إضافة لوضع نظام للأسلحة والذخائر وصناعتها والإتجار فيها أو استيرادها وحيازتها، كذلك وضع اللوائح التنظيمية لعمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وسبل تعاون تلك الجمعيات مع جمعيات أخرى خارج المملكة؛ لمنع دعم الجمعيات الداعمة للإرهاب في الخارج. معالجة ومواجهة ولأن المملكة ليست بمعزل عن العالم، فقد صدقت على الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب الداخلي والخارجي، إضافة لدراسة ظاهرة العنف والإرهاب من قبل مجلس الشورى، وإصدار قرار بالموافقة على ضرورة معالجة ومواجهة هذا الفكر الشاذ فكرياً وتربوياً وتعليمياً وإعلامياً واقتصادياً، إضافة إلى الجانب الأمني الفاعل في تلك القضايا الحساسة، حيث تتبنى المملكة سياسة تثقيف المجتمع أمنياً وفكرياً، وتُوّج ذلك بإنشاء "مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني" الذي عمل على الإسهام في صياغة خطاب ديني يستند على الوسطية السمحة داخل المملكة وخارجها، كما أنشأت "إدارة عامة للأمن الفكري" تحت مظلة وزارة الداخلية لمعالجة ومكافحة الانحرافات الفكرية التي تقود بعض أفراد المجتمع إلى الغلو والتطرف، إضافة إلى إنشاء "لجنة دائمة لمكافحة الإرهاب" تعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي والإقليمي. نداء مكة ورغم فداحة الجرائم الإرهابية التي طالت المملكة، إلا أن "الدولة السعودية" كانت حريصة على محاورة العالم ب "نداء مكة" الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - 2008م الذي أكد فيه على أن كل الأديان والحضارات لديها عدد من التعليمات المشتركة التي تدعو إلى التمسك بالقيم الأخلاقية وترفض الظلم والعدوان والفساد الأخلاقي والإضرار بالبيئة، داعياً إلى مواجهة الإرهاب والظلم والعدوان والطغيان واستغلال الدول الفقيرة تحت حجة التقدم والتحديث الاقتصادي؛ حيث إن تلك العناصر من شأنها التأثير السلبي على شباب تلك الدول وجرهم إلى عالم الإرهاب المتربص بالأمم. في تقديري.. بيان وزارة الداخلية يكشف حجم ما تتعرض له "البلاد" من مؤامرات، ويكشف أيضاً قدرتها على مواجهة كل الأخطار بعدالة ونزاهة وحقوق مكفولة حتى لمن ارتكبوا أفظع الجرائم.