أعلن أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن والدفاع القومي الأوكراني أنه تم فرض حالة الطوارئ في أوكرانيا لمدة 30 يوما في ظل التوترات العسكرية مع روسيا على الحدود الشرقية. وتعني هذه الخطوة أنه سوف يٌطلب من الأوكرانيين البقاء في المنازل أو سوف يتم فرض حظر تجوال. كما دعت أوكرانيا الأربعاء إلى تعبئة جنود الاحتياط وحضّت مواطنيها على مغادرة روسيا. من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء أن مصالح بلاده وأمنها "غير قابلة للتفاوض" فيما حذّرت بريطانيا من أن احتمال شن الكرملين غزوا على أوكرانيا "كبير". وبلغ الخوف من حدوث تصعيد عسكري على أبواب الاتحاد الأوروبي ذروته منذ اعترف بوتين الاثنين باستقلال منطقتين انفصاليتين مواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا، هما "جمهوريتا" دونيتسك ولوغانسك. وأصدر الجيش الأوكراني الأربعاء أمرا بتعبئة جنود الاحتياط بعدما أمرت روسيا قواتها بالاستعداد لدعم المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق البلاد. وقالت القوات البرية الأوكرانية في رسالة على فيسبوك "سيتم استدعاء جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و60 عاما.. الدعوات ستبدأ اليوم. والحد الأقصى لفترة الخدمة هو عام واحد". كذلك، دعت وزارة الخارجية الأوكرانية الأربعاء مواطنيها إلى مغادرة روسيا في أقرب وقت ممكن خوفا من تصعيد عسكري من موسكو. من جانبها، صرحت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الأربعاء أن هناك "احتملا كبيرا" بأن يشن الرئيس الروسي غزوا شاملا على أوكرانيا ويهاجم كييف. بالنسبة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن الضوء الأخضر الذي أعطاه البرلمان الروسي الثلاثاء لدخول القوات الروسية أوكرانيا، هو "بداية غزو" للبلاد. وأكد بوتين الأربعاء في كلمة متلفزة لمناسبة يوم المدافع عن الوطن أن "مصالح مواطنينا وأمنهم غير قابلة للتفاوض بالنسبة إلينا" متعهدا مواصلة تعزيز قدرات الجيش الروسي. وأكد أنه "منفتح على حوار مباشر وصريح" مع الغرب "لإيجاد حلول دبلوماسية لأكثر المشاكل تعقيدا". واعتبر الرئيس الروسي أن مخاوف بلاده لا تزال "من دون أجوبة". وتطالب روسيا المتهمة بحشد 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية لغزو جارتها الموالية للغرب، بتعهد بعدم قبول عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي أبدا، كما دعت مساء الثلاثاء إلى "أوكرانيا منزوعة السلاح" بالإضافة إلى تنازلات إقليمية للانفصاليين الموالين لروسيا. وكان بوتين أعلن الثلاثاء أن روسيا تعترف بسيادة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا على كامل منطقتي لوغانسك ودونيتسك وليس فقط على المناطق الخاضعة لسيطرتهم. لكنه أوضح أنه يجب ترسيم الحدود الدقيقة في محادثات بين الجمهوريتين الانفصاليتين وأوكرانيا. وإذا كان بوتين ترك الجدول الزمني لإرسال القوات إلى الشرق غير معروف، سيكون التدخل الروسي هناك مبررا قانونيا بعدما وقعت الثلاثاء اتفاقات تعاون مع الانفصاليين، خصوصا على المستوى العسكري. عقوبات ورغم نوايا موسكو المعلنة، اعتبر جو بايدن أن "الوقت ما زال متاحا" أمام الدبلوماسية لتجنّب "السيناريو الأسوأ" في أوكرانيا ومنع صراع دموي شامل.من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إنّ "كلّ الدلائل تشير إلى أن روسيا تواصل التخطيط لهجوم واسع النطاق على أوكرانيا". وعمدت الدول الغربية على الفور على إقرار دفعة أولى من العقوبات ردا على الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين حيث تتواجه كييف مع الانفصاليين منذ ثماني سنوات في نزاع أسفر عن سقوط أكثر من 14 ألف قتيل.وكان أبرز تدبير اتخذ في هذا الإطار، إعلان ألمانيا تعليق خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي إلى اوروبا. وفي البيت الأبيض أعلن بايدن "دفعة أولى" من العقوبات تهدف إلى منع موسكو من الحصول على أموال غربية لتسديد دينها السيادي. كما أعلنت عقوبات من الاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا وكندا وبريطانيا. إلا ان هذه التدابير تبقى متواضعة مقارنة بتلك التي توعّدت بها الغرب روسيا إذا غزت قواتها أوكرانيا.وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه لن يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف كما كان مخططا، حاذيا حذو نظيره الفرنسي جان إيف لودريان الذي ألغى اجتماعا مع لافروف كان مقررا الجمعة في باريس. ووجه لافروف الأربعاء انتقادات إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائلا إنه يخضع "للضغوط الغربية". وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الذي طالبت بلاده الثلاثاء ب"أسلحة" وضمانات حول انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، إنه بات يدرس إمكان قطع العلاقات الدبلوماسية مع موسكو. ويبقي بوتين الذي يضبط منذ البداية إيقاع هذه الأزمة، الغموض حول نواياه. وأمامه خيارات عدة إما أن يغزو أوكرانيا بالكامل أو توسيع منطقة سيطرة الانفصاليين أو انتزاع وضع قائم جديد بالتفاوض. إذ ان الاحتلال قد يكلف غاليا في بلد مناهض له فيما تريد روسيا من حلف شمال الأطلسي ان ينكفئ في دول أوروبا الشرقية ويوقف سياسة التوسع التي ينتهجها. وقد رفضت طلباته هذه حتى الآن. وحذر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف الثلاثاء الأوكرانيين من "محن" و"خسائر" مقبلة. وخلال الليل أكد زيلينسكي أن الأوكرانيين "لا يخافون شيئا" ولن "يتخلوا عن أي جزء من بلادهم". وعلى خطوط المواجهة في شرق أوكرانيا، أعلن الانفصاليون في لوغانسك الأربعاء أن مقاتلا قضى بنيران قناص أوكراني، وفقا لهم. كما قتل مدني في قصف ليلي، على ما أفاد الثوار. وأعلن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية الأربعاء أن حزمة العقوبات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا بعد اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليين في شرق أوكرانيا، ستدخل حيز التنفيذ مساء الأربعاء أو الخميس. وأوضح كليمان بون لإذاعة "فرانس إنتر"، "كانت هناك ردود فعل سريعة جدا من الأوروبيين بالتنسيق مع الأميركيين والبريطانيين. هذه العقوبات ستدخل حيز التنفيذ مساء اليوم (الأربعاء) على الأرجح أو غدا على أكثر تقدير".وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات التي قد "تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك"، إجراءات مستهدفة خصوصا ضد النواب الروس الذين صوتوا لصالح الاعتراف باستقلال الانفصاليين، وإجراءات اقتصادية ضد المصارف الروسية.وأكد بون أن "الدولة الروسية والمصارف الروسية لن تكون قادرة بعد الآن على تمويل نفسها من خلال الأسواق الأوروبية". وقررت ألمانيا تعليق تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2. وقال بون "أن يتّخذ الألمان قرارا مماثلا في موضوع مهم مثل توريد الغاز (...) إنه إشارة وبادرة قوية جدا". وأكد أن أوروبا التي تعتمد جزئيا على الغاز الروسي، لديها أيضا "مخزونات كافية لتحمل الشتاء". وأضاف أنه من أجل تبرير قراره بانتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ألقى الرئيس الروسي خطابا كان في أجزاء منه "جنونيا" ومليئا ب"الأكاذيب التاريخية".وتابع "لقد رفع بلا شك من حدة خطابه ونبرته. الأمر متروك لنا للتكيف والرد بدون أي ضعف". و رحب السفير الأوكراني في ألمانيا بالعقوبات المفروضة على روسيا، معربا في المقابل عن خشيته من أنها جاءت متأخرة. وقال أندريه ميلنيك في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الإذاعية الألمانية اليوم الأربعاء إنه يقدر بشدة الموقف الموحد في الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والإجراءات التي تم اتخاذها بالفعل، مثل تعليق خط أنابيب الغاز الألماني-الروسي "نورد ستريم 2"، وأضاف: "نحن نرحب بكل هذا، اليوم فقط قد تكون جاءت متأخرة". وذكر ميلنك أن بعض العقوبات التي تم البت فيها الآن هي إشارة جيدة، إلا أنه يرى أنه كان يجب اتخاذ هذه الخطوات فور الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم قبل ثماني سنوات، وقال: "اليوم بالطبع لها بعض التأثير، ولكن على الأرجح ليس لها تأثير حاد على تصميم بوتين على شن هذه الحرب. وعندما أقول "حرب" فهذا يعني حرفيا أنه يريد محو أوكرانيا من الخريطة"، مشيرا إلى أن ليست أوكرانيا وحدها في خطر، ولكن العالم الحر بأسره. بكين تتّهم واشنطن اتهمت الصين الأربعاء الولاياتالمتحدة بتصعيد الأزمة في أوكرانيا، وقالت هويا تشونيينغ وهي ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية أمام الصحافيين "الولاياتالمتحدة تواصل بيع أسلحة لأوكرانيا ما يزيد التوترات ويثير هلعا كما أنها تعبث بجدول حرب". وأضافت "السؤال الرئيسي هو ما الدور الذي أدته الولاياتالمتحدة في التوترات الحالية في أوكرانيا". وتابعت هويا "صب الزيت على النار واتّهام الآخرين، هو تصرّف غير أخلاقي وغير مسؤول". من جانب آخر، أدانت رئيسة تايوان الأربعاء روسيا لإصدارها أوامر بدخول قواتها إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في أوكرانيا.