اليوم نحتفل للمرة الأولى بيوم التأسيس، تلك المناسبة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل نحو شهر، لاستحضار تاريخ هذه البلاد قبل قرابة ثلاثة قرون، وللتأكيد على أن لهذا الوطن رموزاً وأبطالاً، بذلوا الغالي والنفيس، وقدموا تضحيات لإقامة دولة العدل والمساواة، التي يتمتع فيها الجميع اليوم بالأمن والأمان والسلام ورغد العيش. في يوم التأسيس، يحق لكل مواطن ومواطنة التباهي والفخر والاعتزاز بصفحات تاريخ هذا الوطن الناصعة، بدءاً من الدولة السعودية الأولى التي أسسها الإمام محمد بن سعود في العام 1727، لتكون المرتكز الحقيقي الذي تأسست عليه الدولة السعودية الثانية بعد سبع سنوات، وصولاً إلى الدولة الثالثة الحالية؛ (المملكة العربية السعودية)، التي أبصرت النور بعد عشر سنوات من الدولة الثانية، ومن دولة إلى أخرى، يوثق التاريخ ملاحم بطولية سطرها أئمة وأمراء وملوك كان لهم هدف نبيل، وهو نبذ الفرقة، ومحو الشتات من أرض الجزيرة العربية، وتوحيد الشعب تحت راية التوحيد. يمكن وصف الاحتفاء سنوياً بيوم التأسيس بأنها فكرة ذكية، أهداها ولاة الأمر إلى الشعب السعودي، في يوم إجازة رسمية، تهدف إلى تعريف الأجيال الجديدة بكامل المشهد التاريخي للوطن، يتذكرون فيها الأحداث والقصص والبدايات التي أسهمت في ميلاد دولة فتية، سرعان ما تحولت إلى وطن قوي راسخ، يُشار له بالبنان، وتستحق هذه الأحداث والقصص أن تبقى خالدة في الأذهان والقلوب، قبل أن تسجلها صفحات كُتب التاريخ. ويأتي الاحتفال بيوم التأسيس في وقت متزامن من حراك اقتصادي واجتماعي وثقافي غير تقليدي، تشهده المملكة تحت مظلة رؤية 2030، التي غيرت وجه الدولة السعودية، وأعادت صياغة الكثير من المفاهيم والرؤى والأفكار، بما فيها صياغة الأيام الوطنية لتكون يومين بدلاً من يوم واحد، ولعل في هذا تعزيزاً لحجم الولاء والانتماء لدى كل مواطن ومواطنة، وتحقيق تطلعات ولاة الأمر والمواطنين، في العيش بكنف دولة مزدهرة ومتطورة. وحريٌ بنا أن نستلهم من هذه المناسبة العزيزة الدروس والعبر، وأول درس ينبغي أن يعيه الجميع، درس عدم اليأس في مشوار تحقيق الهدف المطلوب، وهذا ما جسده الآباء والأجداد في التأسيس للدولة السعودية الأولى، وصولاً إلى الدولة الثالثة، متسلحين بالعزيمة والإصرار والإيمان بالله، رافضين الاستسلام إلى أن حققوا ما سعوا إليه.