الأسبوع الماضي انتهت المهلة الحكومية المقدمة إلى أصحاب المؤسسات والأعمال التجارية في المملكة المرتبطة بتصحيح أوضاع أعمالهم ومعالجتها عن التستر التجاري. اقتصاديا تقدر وزارة التجارة بأن حجم الأعمال التجارية المتستر عليها في المملكة بين 300 و400 مليار ريال، لك أن تتخيل عزيزي القارئ كم هو حجم الأموال المفقودة من الاقتصاد السعودي بسبب حجم التجارة المتستر عليها، وحتى تتأكد الصورة أكثر كنا في ما مضى نعتقد بأن الأعمال التجارية المتستر عليها هي التجارة الاعتيادية الصغيرة التي تمتلئ منها الأحياء مثل مغاسل السيارات، مغاسل الملابس، السباكة، الكهرباء، الحلاقة إلى كل الأمثلة للأعمال التجارية التي تمثل الاحتياجات اليومية إلا أن تقرير اتحاد الغرف التجارية قد أشار إلى أن التستر التجاري ينتشر في أكثر من 73 نشاطا تجاريا، كان من المفاجئ في بعض التقارير المصورة المنشورة من وزارة التجارة حول بعض من بادروا بتصحيح أعمالهم التجارية في بعضها تجاوزت مبيعاتهم السنوية 20 مليون ريال وهذه تعد إيرادات معتبرة لحجم أعمال تجارية مجزية. اجتماعيا للتستر التجاري أثر على المجتمع ذلك لأنه يقلص التكافؤ في الفرصة بين الأفراد في الوقت الذي تتجه فيه البرامج الحكومية إلى بناء بنية تحتية وبيئة مناسبة تدعم الأفراد على للقيام بأعمال تجاريه انطلاقا من منشآت متناهية الصغر وصولا إلى منشآت ضخمة وكلها يساهم في الدورة الاقتصادية والتنوع الاقتصادي في المملكة، وجود التستر التجاري قد يكون أحد أثاره السلبية على المجتمع سرقة الفرص من المتستر والمتستر عليه باستغلال خاطئ لموارد وضعت لأجل الدعم في بدء الأعمال التجارية ما يجعلهم في غنى عن الاصطفاف في طوابير الباحثين عن الفرص الوظيفية على سبيل المثال ما يقلل من حجم البطالة بالإضافة إلى تحفيز أصحاب الأعمال لأن يكونوا مصادر تولد الوظائف في الاقتصاد، يضاف إلى هذا بأن للتاجر الحقيقي أثرا على جودة السوق والبضاعة والخدمات المقدمة بالإضافة إلى أن التجارة الحقيقية تعزز الطلب على المنتجات المحلية، لا يتسع المجال لتعدد مزايا محاربة التستر التجاري إلا أنه من المؤكد أنه سيلعب دورا مهما في رفع كفاءة الأعمال والتجارة بسبب خلق بيئة نظامية وقانونية تضمن عدالة المنافسة وجودة السوق وهذا بدوره سيحفز المزيد من القادمين إلى عالم الأعمال وهو أحد أهداف الرؤية من تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمته في الاقتصاد السعودي. ساهم دور الجهات الحكومية في احتضان التقنيات والعمل عليها على بناء دائرة عريضة من الأنظمة والتشريعات التي تخدم الأعمال وتوسعها، وكذلك زيادة القدرة على الرقابة المالية والتجارية في المملكة وهذا بدوره سيكون رافدا مهما في المتابعة والردع خصوصا مع تغليظ المخالفات وصولا إلى 5 ملايين ريال مخالفات وعقوبات بالسجن لخمس سنوات مع إمكانية الجمع بين العقوبتين، لتأكيد هذا يكفينا النظر إلى حجم عمليات غسل الأموال المليارية التي أعلن عنها وصدر في حقها عقوبات مما لا يدع مجالا للشك أن جزءا من هذه الأموال تعود لمتستر عليهم يحاولون تمرير الأموال إلى خارج السعودية مثلها مثل شبكات تحويل الأموال التي ضبطت سابقا بالإضافة إلى حجم الأموال المحاول تهريبها إلى خارج المملكة.