نحتفل اليوم، بذكرى من أعز الذكريات في هذا الوطن الغالي. ذكرى يوم تحققت فيه الوحدة بعد التفرقة، والأمن بعد الخوف، والبناء بعد الهدم، وأسس لدولة مدنية واتحدت فيه إرادة قائدها المؤسس الإمام محمد بن سعود بن مقرن، لتأسيس واحدة من أعظم التجارب التأسيسية في التاريخ الحديث، ليس في منطقتنا فحسب، وإنما في العالم كله. تجربة أثمرت قيام الدولة السعودية، التي أصبحت المثال والأنموذج لكل الدول التي تسعى إلى تحقيق التنمية والتطور والاستقرار والازدهار. اليوم يكمل وطننا عامه ال304، ليضيف لبنة جديدة إلى صرح بنيان تأسيسه الشامخ، الذي أصبح كياناً راسخاً مثل رسوخ الجبال؛ لأنه اعتمد في بنائه على سواعد قادة نجباء تغلبوا على جميع التحديات والمصاعب، وآمنوا بقدرات مواطنيهم وطاقاتهم، وعملوا بكل إصرار وعزيمة، وبتخطيط علمي مدروس، حتى تمكنوا من تحقيق المعجزة، وأسسوا هذا الوطن المبارك، الذي ننعم اليوم في أفيائه الوارفة وخيره الكثير. وأعظم ما في هذه التجربة التأسيسية، أن قادة هذه الدولة منذ عهد الإمام محمد بن سعود الذي أسس الدولة السعودية الأولى في العام 1139ه/ 1727م، والإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية وصولًا إلى الدولة السعودية الثالثة التي وحّدها باسم المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمهم الله- لم يؤسسوا فقط دولة موحدة قوية ومتطورة ومتماسكة، وإنما أسسوا أيضاً لمنظومة قيمية عظيمة، صبغت هذه الدولة وشعبها بقيم وسمات الدين والاعتدال وحب الخير والنجاح والتميز والإتقان والعدل والتعاون الإنساني وإنهاء كل صور التطرف والكراهية، وهي القيم التي صنعت الصورة الذهنية للدولة السعودية، المضيئة والبراقة في العالم كله، وأسست مثالها الإنساني الرفيع، بالتوازي مع مثالها التنموي الفريد. اليوم تخطو المملكة العربية السعودية في ظل رؤيتها الطموحة 2030 في عامها الخامس، وهي الرؤية التي تريدها قيادتنا الرشيدة -أيدها الله-، أن تكون بمثابة التأسيس لاقتصاد الدولة في مرحلة ما بعد النفط، ونقطة انطلاقها العظمى نحو المستقبل المشرق الذي تطمح إليه، المعزز بقدراتنا وإمكاناتنا البشرية والاقتصادية والاجتماعية. ومثلما وضع المؤسسون اللبنات الأولى لما نعيشه اليوم من التنمية والتطور، تضع قيادتنا الرشيدة الحالية خططها وآليات عملها للثماني السنوات المقبلة، وعينها على هدف واحد رئيس، وهو أن يكون وطننا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على الصعد كافة في جميع المؤشرات التنافسية والتنموية. ولا يخالج أي سعودي أي أدنى شك في قدرة وعزيمة وإصرار قيادتنا الرشيدة على تحقيق هذا الهدف الطموح قبل 2030، ومثلما صرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من: «التوجه للإعداد بأن يكون لدينا رؤية 2040 والتي ستكون مرحلة المنافسة على مستوى عالمي، بعد تحقيق أهداف رؤية 2030». لم يمر العامان الماضيان بسهولة على العالم كله، فالفيروس «كورونا» عصف بجميع دول العالم، التي عانت من شلل حركته، وتحكم بالعديد من مجالات الحياة، بعد أن تسبب في وفاة ما يقرب من 6 ملايين شخص وإصابة أكثر من 300 مليون آخرين، لكن وطننا، وكما هو عادته، لم تعقه هذه التحديات أو تعرقل مساعيه نحو تحقيق أهدافه الطموحة، وإنما واصل تنفيذ رؤيته الطموحة فأطلق مبادرتي «السعودية الخضراء» و»الشرق الأوسط الأخضر» بنجاح، وأعلن البدء في العديد من المبادرات الهادفة إلى توفير بيئة تدعم إمكانات الأعمال وتُوسّع القاعدة الاقتصادية، وبدأ في إنشاء مكاتب التطوير الاستراتيجية التي ستكشف كنوز المملكة. لكل هذا وغيره، يحق لنا أن نبتهج بيومنا التأسيسي، وأن نتفاءل خيراً بالمستقبل المشرق الذي ينتظرنا، وأن نذيع للعالم عشقنا لهذا الوطن وولاءنا لقيادتنا الحكيمة التي تعمل بكل عزيمة وإرادة وإصرار من خلال مسارات رؤية الوطن الطموحة 2030 من أجل أن تبقى راية هذا الوطن عالية مرفرفة، وأن ندعو بشآبيب الرحمة والمغفرة للقائد المؤسس محمد بن سعود-رحمه الله- وباقي القادة الذين سنظل نقر لهم بالجميل والوفاء والولاء على مر الأيام والسنين، وسنقف سداً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين، لأنهم بذلوا جهوداً كبيرة في تأسيس وطننا الذي نفخر به أمام العالم كله.